ذكرى ميلاد: صلاح السقا.. حيث توقّف مسرح الدمى

11 مارس 2021
من أوبريت "الليلة الكبيرة"
+ الخط -

تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها في محاولة لإضاءة جوانب من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. يصادف اليوم، 11 آذار / مارس، ذكرى ميلاد المخرج المسرحيّ المصري صلاح السقا (1932 - 2010).


لا تزال أوبريت "الليلة الكبيرة" أشهر عمل عربي ضمن مسرح الدمى، ولعلّها الأكثر اكتمالاً فنياً حيث جمعت بين أركان الفرجة علاوة على أصالة الفكرة والنص والصورة. ارتبطت "الليلة الكبيرة" باسم مؤلّف كلماتها الشاعر صلاج جاهين وباسم واضع ألحانها سيّد مكاوي، فيما بقي مساهمون آخرون في الظل وأبرزهم مخرج العمل صلاح السقا.

كانت "الليلة الكبيرة" تتويجاً لجهود دامت قرابة عقد للاعتراف بمسرح الدمى أبعد من كونه مسرحاً موجّهاً للطفل. اشتغل السقا على هذا الطموح منذ خمسينيات القرن العشرين، حين دخل هذا العالم صدفة - وهو طالب الحقوق - خلال ورشة تدريبية أدارها مصمّم العرائس الروسي سيرغي أورازوف.

قرّر السقا أن يترك كل شيء من أجل الدمى، فسافر إلى رومانيا حيث درس الإخراج المسرحي متخصّصاً في فن العرائس، وحتى بعد عودته إلى مصر عاد إلى مقاعد الدراسة وحاز ماجستير الإخراج من "معهد السينما" عام 1969. وكأنه كان يريد تجميع كل المؤهلات لمد فن العرائس بفرص النجاح الجماهيري.

سنجد أثر هذا التحصيل المعرفي في أعمال مسرحية كثيرة مثل "حلم الوزير سعدون"، و"حسن الصياد"، و"الأطفال يدخلون البرلمان"، و"خرج ولم يعد". لكنها أعمال - رغم جودتها - استُقبلت ضمن مسرح الطفل، وهو ما نجحت "الليلة الكبيرة" في كسره بدءاً من عرضها مسرحياً في 1961، ثم حين جرى تنفيذها للتلفزيون وباتت عملاً جماهيرياً مرجعياً في الذاكرة البصرية المصرية.

صلاح السقا

تواصلت أعمال السقا الناجحة وأبرزها "مقالب صحصح وتابعه دندش"، والتي كتب كلماتها الشاعر عبد الرحمن الأبنودي، و"أبو علي" من تأليف الشاعر سيد حجاب، وله أيضاً: "عودة الشاطر حسن"، و"عقلة الصباع"، و"الديك العجيب"، من تأليف إيهاب شاكر ووضع الحوار صلاح جاهين. ورغم تراكم التجربة كان واضحاً أن نجاحات "الليلة الكبيرة" لن تتكرّر.

كان لهذ النجاح سنده السياسي، حيث أن الرئيس جمال عبد الناصر كان معجباً بجهود السقا ورفاقه في مسرح الدمى، وقد قرّر بنفسه إنشاء مسرح للعرائس، وجرى تعيين السقا مديراً له، ولولا هذا الإطار لم يكن عمل بدسامة "الليلة الكبيرة" ليرى النور. 

لكن لاحقاً كان من الواضح أن المشاغل الإدارية باتت تحول دون التفرّغ للفن بشكل كامل. ولا يخفى أيضاً أن السند السياسي قد ولّى مع عصر عبد الناصر وعقد الستينيات. وإلى اليوم، لا تزال تلك الفترة العصرَ الذهبيَّ لمسرح الدمى، ليس المصري فحسب، بل العربي أيضاً.

المساهمون