توت عنخ آمون.. الفرعون في متاهة جديدة

30 مارس 2021
عالم المصريات البريطاني هوارد كارتر يفحص تابوت توت عنخ آمون، 1922 (Getty)
+ الخط -

في 2019، مثّل عرض كنوز توت عنخ آمون في عواصم مثل باريس ولندن ومدريد حدثاً ثقافياً بارزاً ليس فقط بسبب شهرة هذا الفرعون وحضوره في المخيال العالمي، بل أيضاً لإعلان مصر أن تلك الجولة ستكون الأخيرة حيث إن كنوز توت عنخ آمون ستجد مستقراً نهائياً لها في "المتحف المصري الكبير"، والذي كان من المفترض أن يفتتح العام الماضي، وجرى الإعلان عن تأجيل ذلك في ظل ظروف جائحة كورونا.

ورغم أن المتحف الجديد لم يُفتتح بشكل رسميّ، فإن الأضواء باتت مسلّطة عليه. من ذلك الاهتمام الرسمي والإعلامي بتهيئة قاعات العرض الخاصة بكنوز توت عنخ آمون في المتحف، وبدء نقل كنوز الفرعون إليها، وهي عملية تحضرها وتشرف عليها مباشرة شخصيات رسمية بشكل منتظم بما يوفّره ذلك من عناية إعلامية.

هذا الاهتمام له ما يبرّره، حيث إنها المرة الأولى التي سيجري فيها عرض كامل مقتنيات توت عنخ آمون كما وُجدت في مقبرته التي اكتشفت عام 1922 بالقرب من الأقصر على يد عالم المصريات هاوارد كارتر. وكانت قطع المجموعة تعرض بشكل مجتزأ في فضاءات "المتحف المصري" كونها غير قادرة على إظهارها بالشكل الأنسب، كما يستحيل نقلها جميعاً في معرض واحد.

تأخُّر اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون أنقذَها من عبث سرّاق الآثار

من المعروف أن مجموعة مقتنيات توت عنخ آمون تمثّل أكبر مجموعة فرعونية على الإطلاق، ويعود ذلك إلى تأخّر اكتشاف مقبرة الفرعون الشاب (يعتقد أنه توفّي قبل بلوغ العشرين) إلى عشرينيات القرن الماضي حتى جرى الاعتقاد بأن توت عنخ آمون مجرّد شخصية أسطورية على الرغم من حضور اسمه على لائحة ملوك مصر القدماء. 

هذا التأخّرُ في اكتشاف المقبرة أنقذها من عبث سرّاق الآثار المحليين والأجانب، ففي القرن التاسع عشر وبعد أن عاين علماء حملة نابليون على مصر، حجم اللقى الأثرية الفرعونية، بدأت موجة من التنقيبات، بعضها علميّ وبعضها عشوائي أدّت إلى نهب معظم كنوز أضرحة الفراعنة، وحين بدأ علم المصريات يتمأسس في بداية القرن العشرين، مع صعود وعي مصري بضرورة حماية الآثار، لم يبق وقتها سوى مقبرة توت عنخ آمون غير معروفة. 

تقدّر "مجموعة توت عنخ آمون" بخمسة آلاف قطعة من حليّ وأزياء وأسرّة وعربات، وتظلّ أهم قطعة هي تابوت الفرعون، وهي قطع تحتاج جميعها إلى عمليات تهيئة خاصة ودقيقة لا تزال فرق المُرمّمين المصريين تشتغل عليها، مع الاستعانة بمخابر عالمية في صيانة الخشب وفي تلوين بعض القطع، وكثيراً ما تتداول وسائل الإعلام تقارير حول تقدّم الأشغال في هذا المضمار، ولعل هذه التقارير تمثّل تبريراً ضمنياً لتأخّر افتتاح "المتحف المصري الكبير"، فمن غير المعقول أن يفتتح من دون "الدرة المكنونة"، وهي كنوز توت عنخ آمون، وإن كانت التصريحات الرسمية تفسّر هذا التأخير بظروف الجائحة العالمية.

الأرشيف
التحديثات الحية
المساهمون