سنةٌ كاملةٌ، تمتدّ من كانون الأوّل/ ديسمبر الماضي إلى كانون الأوّل/ ديسمبر المُقبل، خصّصتها وزارة الثقافة في تونس للاحتفاء بـ مئوية السينما التونسية، والتي يُؤرَّخ لبدايتها الفعلية بالعام 1922، الذي شهد عرض أوّل فيلم تونسي؛ هو الشريط الروائيّ القصير "زُهرة" للمُخرج ألبير شمامة شِكلي (1872 - 1933).
إلى جانب الأنشطة الاستعادية والاحتفالية التي تُقام هنا وهناك، وعدت وزارة الثقافة بأنّ الذكرى ستكون مناسَبة لطرح الإشكاليات والقضايا المتعلّقة بالقطاع السينمائي في البلاد. وفي هذا السياق، كانت وزيرة الثقافة، حياة قطاط القرمازي، أعلنت، خلال الاحتفال الرسمي الذي احتضنه مسرح "أوبرا تونس" في مدينة الثقافة بالعاصمة نهاية العام الماضي، عن إنشاء هيئة استشارية تضمّ أعضاء من الوزارة و"المركز الوطني للسينما والصورة" والفاعلين في مجال السينما، بهدف "الإعداد لاستراتيجية واضحة المعالم للقطاع".
أُنشئت الهيئة الاستشارية فعلاً، وعقدت أُولى جلساتها في كانون الثاني/ يناير الماضي، والتي خصّصتها لـ"وضع خطط العمل والإصلاح للفترة المقبلة". لكن، ما الذي تحقّق بعد مرور ستّة أشهر على ذلك؟ ما هي المقترحات التي قدّمتها الهيئة للنهوض بالسينما التونسية؟ وما هي ملامح الاستراتيجية التي تعكف على إعدادها؟ ومتى ستُبصر النور؟
ما هي ملامح الاستراتيجية الخاصّة بالسينما؟ ومتى ستُبصر النور؟
لن نجد أيّةَ أجوبة لهذه الأسئلة. غير أنّ بياناً أصدرته "جمعية المخرجين السينمائيّين التونسيّين" أوّل أمس الأحد سيُقدّم، على نحوٍ غير مباشر، إجابةً سلبيةً للغاية؛ إذ نفهم منه ألّا شيء تحقّق على الإطلاق. وعلى العكس من ذلك، فإنّ القطاع يسير من السيّئ إلى الأكثر سوءاً.
تَعتبر الجمعية، التي تضمّ قرابة مئتي مُخرج سينمائي، في بيانها، أنّ القطاع السينمائي في تونس يعيش منذ سنوات "ضبابية كبيرة بلغت أوجها في الفترة الأخيرة، وتمثّلت أساساً في شلل عمل 'المركز الوطني للسينما والصورة'"، والذي قالت إنه انحرف عن دوره الأساسي، المتمثّل في تنظيم القطاع وإعداد سياساته ودعم موارده، داعيةً وزارة الثقافة إلى "تحمُّل مسؤولياتها الكاملة لإيجاد السبل الكفيلة بالنهوض بالقطاع السينمائي والسمعي البصري، واتخاذ الإجراءات الضرورية والعاجلة لإصلاحٍ هيكلي وشامل للقطاع".
ووجّهت الجمعية مجموعة من المطالب إلى وزارة الثقافة؛ من بينها: تقييم السياسة السينمائية والسمعية البصرية منذ 2011 والوقوف على نواقصها، ورسم استراتيجية متكاملة وواضحة المعالم للسينما والسمعي البصري بالشراكة مع مهنيّي القطاع، وإحداث إصلاحات جوهرية لفحوى النصوص الترتيبية المنظّمة للقطاع وسنّ قوانين جديدة تتلاءم مع حاضر ومستقبل السينما في تونس، ودعم الموارد المالية الخاصّة بالإنتاج السينمائي، وتذليل صعوبات رُخص التصوير والقوانين المنظّمة لها وتكريس حرية التعبير التي "أصبحت مهدَّدة أكثر من أي وقتٍ مضى"، و"حفظ كرامة السينمائيّين" بالعمل على إصدار قانون الفّنان في أقرب وقت، إضافةً إلى دعم استقلالية "أيام قرطاج السينمائية"، والتشبّث بالأهداف التي أُسّست من أجلها، والعمل على إعداد قانون خاص بتنظيمها وتمويلها.
كانت وزارة الثقافة قد أعلنت، في بيان مقتضب نشرته (عند الثانية صباحاً) عبر صفحتها على "فيسبوك"، عن "إنهاء مهام" نعمان الحمروني من منصبه على رأس "المركز الوطني للسينما والصورة"؛ وذلك بعد أقلّ من 24 ساعة من انطلاق الدورة الرابعة من "مهرجان منارات للسينما المتوسّطية" (22 - 29 تمّوز/ يوليو الماضي) في مدينة بوقرنين بولاية بن عروس، شمالَي تونس، وهو القرار الذي رُبط بحفل افتتاح التظاهرة الذي وصفته وسائل إعلام محلّية بالمُخيّب للآمال، بسبب الحضور الضعيف للجمهور، رغم مجانيّة العروض.
في هذا السياق، دعت "جمعية المخرجين السينمائيّين" إلى تحييد المركز ودعم استقلاليته، والتروّي في اختيار مدير عام جديد له، وإشراك أهل القطاع في ذلك قبل أخذ القرار، مضيفةً أنّ اختيار المدير الجديد ينبغي أن يُتّخذ بناءً على برنامج عمل وفق جدول زمني لا يقلّ عن خمس سنوات، ليجري تقييمه بعدها من قبل صنّاع السينما ووزارة الثقافة.