أُسقى بكأسٍ

31 أكتوبر 2021
تمثال أحمد شوقي في ساحة تحمل اسمه بروما، إيطاليا
+ الخط -

أُسقى بكأسٍ

"لا تَسْقني إِلّا دِهاقاً إنّني
أُسْقى بكأسٍ في الهُمومِ دِهاقِ"

                                 أحمد شوقي

إِنّني أُسْقى بِكأسِ قابيلَ وهابيل
ولا أَعْرِفُ مَنْ مِنْهُما كَسَرَ كأسي
أُسْقى بِكأسِ مَنْ خانَ 
وجَرَحَ
وكأسِ مَنْ وَفى
وآسى
أُسْقى بِكأسِ المَسيح على الصَّليب
وكأسِ آلِ البيت
يُقْتَلونَ اليوم
ويُقْتَلونَ غداً
أُسْقى بكؤوس الأَندلسيين
ولي تَرْفَعُ غرناطةُ كأس آلامها
أُسْقى بكأس مَنْ أُخرِجوا مِنْ دِيارهم
وكأسِ مَنْ أَمسوا بلا دِيار
وأَرواحُهم تَطوفُ في السَّديم
بلا أَملٍ
ولا رَحْمةٍ
ولا شَفَقَة
تَطوفُ معي في السَّديم

إِنني أُسقى بكأسٍ مَسْمومَةٍ
وبِلادي 
تُمَثِّلُ أَنَّها لا تَعْرِفني.


■ ■ ■ 


لَم يَبق 

لَمْ يَبْقَ أحدٌ مِنْ مُعاصري أَحمد شوقي لأسألَهُ 
عن أُمورٍ مِثل شَرابِه المُفَضَّل وأَحلامِه 
عمّا كان يُحِبُّ ومَنْ كان يَكْرَهُ 
مَنْ أَقربُ إِنسانٍ إِليه 
متى كان يَسْتَيْقِظُ ومتى كان يَخلد للنوم 
عن هُمومِهِ الثِّقال التي كان يُداويها بكؤوسٍ ثِقال 
لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْ مُعاصِريه 
لأَقولَ لَهُ إنَّ هذه أُمورٌ لا بُدّ أَن أَعْرِفها 
ولا بُدَّ أَنْ أَعْرِف كيف بِوسْعِ شاعِرٍ أَن يَكونَ أَوسَعَ مِنْ زَمانه
لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْ مُعاصِريه في القاهرة أَو القُدس أَو الأستانة 
كما لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْ مُعاصِريّ.

موقف
التحديثات الحية
The website encountered an unexpected error. Please try again later.