أحاديث السجن

17 يونيو 2021
بانكوري سينها
+ الخط -

ورقةٌ خضراء

غُرفةٌ بنافذة
تَظهرُ منها ورقةُ شجرةٍ،
تُرى من داخِلِ السِّجنِ،
من غرفةِ الإدارة،
ورقةُ شجرةٍ خضراءَ
بعدَ ساعاتٍ متواصلةٍ من الظُّلمَةِ المُطبِقة،
حيثُ يتجمّعُ المهاجرون المُحتَجَزونَ،
للإجابةِ عن الأسئلة،
في جلسةٍ إعلاميّة.


■ ■ ■


معاني الاحتمالات

قد ترتكبُ جريمةَ قتلٍ كاملةً،
جارتي في الزنزانةِ المُجاورة،
قالتْ إن شقيقَها محكومٌ بعامين
لقتلِهِ شخصاً ما،
عامين فقط،
أمّا هي
فكانت ذاهبةً إلى الإِصلاحِيّة،
الإِصلاحِيّة،
تلك الجنّة المشتهاة،
في أحاديثِ السّجن،
في شمالِ ولايةِ نيويورك.


■ ■ ■


السجناءُ العاديّون

أولئكِ الذين تعاطوا المخدّراتِ،
والذين هُرّبتْ مخدّراتٌ في أجسادهم،
لكنّهم يعرفونَ الأشخاصَ المُتوَرِّطين،
يعرفونَ خطَّ التّهريب.
يعرفونَ رؤُساءَ العصابات.
يعرفُونَ أولئك الأشخاصَ،
الذينَ لا يَقبِضُ عليهِم أَحَد.


■ ■ ■


هَمْهَماتُ السِّجن 

أصواتٌ خافتةٌ جداً لأشخاصٍ يتهامَسُون، 
ليسَ هناكَ أيَّة محاولةِ هروب،
لم ينهَرْ أيُّ جدارٍ من جُدرانِ السِّجن،
مجرّدُ همهماتٍ
همهماتٍ خبيثةٍ للغاية، 
حولَ أرقامِ هواتف المُحامينَ التي لم يَرُدّوا عليها مثلاً،
أو المُحامِينَ المشاهير،
الذين يُمثّلونَ الأغنياءَ،
أو المحامين النافذين.


■ ■ ■


استخدامُ أسلوبِكَ لقَتلِكَ

أسلوبُ البوحِ الصريحِ بالحقائِقِ الفاضِحَة،
في بَلُّوراتِ من الأحجار الكريمة، 
غيرِ المَصقُولة،
البلُّوراتِ الخام،
غير المفصولة عن الفِلِزّات.


■ ■ ■


الغَضَبُ في حَلْقِك

قد تشعرُ به الآن،
ينتصِبُ أمامَك،
مُحاصَراً بكلّ هذه الصحراء المديدة،
تَتَشَوَّقُ للوصولِ إليه، 
وأخذِ قُبلةٍ،
ولكنْ لا أحدَ هنا،
حتّى على بُعدِ أميالٍ.


■ ■ ■


الكتابةُ بِصوتِ المَطَر

صوتُ المَطَرِ النّقيِّ...
لماذا تُهلوِسُ أفريقيا،
لماذا لا تُمطِرُ هنا وحَسب؟
مهما حصل
تبقى صرخةُ أفريقيا
الصرخةَ الأكثرَ عراقَةً.


■ ■ ■


لغة المطر

منَ الصّمتِ،
والبوح،
منَ الموسيقى،
منَ الصّوتِ،
من شيءٍ ما يحصُلُ الآن،
بعد أن فَشِلَتْ كلُّ الكلمات،
منَ البَلَل،
منَ الأوراقِ المُتساقِطَة،
من حضورٍ غامرٍ،
من محادثةٍ عميقة.


■ ■ ■


التفكير في أفريقيا العتيقة 

في عِزِّ المجاعة، عندما كانوا يطالبونَ بالإغاثة،
وعندما مشى الأطفالُ الجنودُ،
حاملينَ البنادقَ التي لا يعلَمُ إلّا الله 
إذا ما كانَتْ قديمةً أو حديثةً؛
ومَنِ الذي سَحَبَ زِنادَهُم،
من الذي أعطى الأوامرَ؟
لطالما كانتْ أشرِطَةُ الفيديو تنتهي بجُندِيٍّ يمشي، 
يبتَلُّ الهواءُ بالمَطَرِ الخَفِيفِ،
وكأنَّها لنْ تُمْطِرَ أبداً.
هنا،
في فَخِّ العالمِ الأوّلِ هذا،
يتحوَّلُ منزلي إلى مَرصَدٍ للمراقبة،
مسرحٍ للمؤامرة،
مسرحٍ للجريمة،
حيثُ اختفَتِ الرَّسائِلُ،
وتآمَرَ الناسُ،
أمّا هي، فقد انتظرَتْ هناكَ إلى ما لا نهاية،
لتُنجِبَ طِفلاً،
لتقابل رجلاً وتنجب طفلاً.

 
■ ■ ■


الأرضُ تَتَحَدّثُ

لا داعيَ لِقمّةِ المناخ،
يمكِنُكَ ببساطةٍ استعارةُ صورةٍ للأرضِ،
بِكُلِّ درجاتِ صَبْرِها،
بِكُلِّ بَراعِمِها،
بِكُلِّ أفكار الولادةِ والخَلْق.
عبادةُ الطبيعة ــ
ألم يحدث هذا من قبل؟
ربّما
في غُرَفِ الرّسم،
مع فناجين الشاي.


* ترجمة: عماد الأحمد

غلاف

بطاقة 
Pankhuri Sinha شاعرة وكاتبة هنديّة من مواليد 1975. لها العديد من المجموعات الشعرية بالهندية، كما نشرَتْ مجموعتين شعريّتين باللغة الإنكليزية: "أحاديث السجن" (2013) و"عزيزتي سوزانا" (2014)، وكلاهما صدر لدى "منشورات إكسليبريز" في الولايات المتّحدة. حائزة "جائزة غيرجا كومار ماتور" الهندية المرموقة للشعر (1995). تُرجمت قصائدها إلى عدّة لغات هندية مثل البنغالية والماراثية، وإلى لغات أُخرى كالإسبانية والصربية والنيبالية والتركية والتشيكية والرومانية. تعرضت الشاعرة للتوقيف في الولايات المتحدة من قبل دائرة الهجرة، والقصائد المترجمة هنا من وحي  تجربة السجن التي سجلتها في مجموعة "أحاديث السجن".

نصوص
التحديثات الحية
المساهمون