تمثّل تظاهرة "دريم سيتي" واحدة من أكثر الفعاليات السنوية انغراساً في الحياة الثقافية التونسية؛ حيث تلامس عدة حقول إبداعية من التشكيل إلى العروض السينمائية، كما تنفتح على أشكال إبداعية حديثة، لكن أهم ما تقدّمه هو بعثها الحياة في مدينة تونس العتيقة، إذ تحوّلها إلى فضاء إبداعي مفتوح.
فنانون كثيرون، علاوة على الجمهور، كانوا ينتظرون دورة هذا العام لكسر حالة التوقّف الثقافي التي تعرفها تونس بسبب موجات الوباء المتلاحقة، وكان عدم إعلان الجهة المنظّمة للتظاهرة، جمعية "الشارع فن"، إلغاء الدورة مثل إشارة تفاؤل للمشهد الثقافي.
أمس، جرى الإعلان عن تأجيل الدورة الجديدة من "دريم سيتي" إلى خريف 2022. هذه هي النسخة الثامنة من التظاهرة، وقد أشار المنظمون إلى أن سبب التأجيل لا يعود إلى الوضع الوبائي وحده حيث جرى ترتيب بروتوكولات صحية منضبطة، وإنما إلى وجود قرارات حظر تجوّل في تونس، وهو ما يتناقض مع فلسفة التظاهرة التي ترتكز في برمجتها على تنشيط الشارع والفضاءات العامة وخاصة تنشيط المدينة العتيقة.
يمكن اعتبار تأجيل هذه التظاهرة نهاية لآخر أمل في صيف ثقافي حيوي في تونس، فقد تلاحقت في الأيام الأخيرة إعلانات إلغاء أبرز الفعاليات الثقافية ومنها "مهرجان قرطاج الدولي"، و"مهرجان الحمّامات".
يبدو الوضع الثقافي في تونس شبيهاً إلى حدّ كبير بالانسداد السياسي الذي تعيشه البلاد بعد تجميد البرلمان وحلّ الحكومة من قبل الرئيس التونسي قيس سعيّد، يوم الأحد الماضي.