تجديد ذكرى طه حسين (1889 ـ 1973)
لا يزال طه حسين، وقد مرّت على رحيله قرابة نصف قرن، علامة بارزة في الثقافة العربية بعدد غير قليل من قطاعاتها: الفكر والأدب والتاريخ والدين والسيرة الذاتية. يُجدّد "العربي الجديد" احتفاءً لم ينقطع بـ"عميد الأدب العربي"، وله أسباب كثيرة كي لا ينقطع.
كان طه حسين حاضراً في سجالات عصره الكبرى، أبرزها معركة التحديث التي خاضها كمؤلف ثمّ كرجل دولة، وكان له رأي في مسألة علاقتنا، نحن المعاصرين العرب، بالتراث، وكان يدعو في هذا السياق إلى أخذ مسافة نقدية، وهو ما تجلّى في كتابه الشهير "في الشعر الجاهلي".
هذه السجالات كانت مثل محطّات في مسيرة شاقة عاشها الكاتب المصري، وهو في كتابه "الأيام" قد أبرز أن المشقات التي عاشها لم تبدأ حين دخوله معترك الحياة العامة، بل منذ الطفولة الأولى، ولعل المقولة الرئيسية لهذا الكتاب هي انتصار طه حسين على "الظلام"، في أكثر من مناسبة، بدءاً من ظلام العين إلى ظلام العقل.
هناك مستوى آخر، لعله غير مرئي كفاية، في الثقافة العربية المعاصرة، وهو أن خياراته المنهجية، وأبرزها النزعة الديكارتية العقلانية، باتت الإطار الذي تتحرّك فيه معظم البيئة الأكاديمية العربية بعده في المجالات التي تحرّك ضمنها مثل الدرس التاريخي أو النقد الأدبي.
أخيراً، لا يزال نص طه حسين، مهما كان موضوعه، يحافظ على شبابه ورونقه بلغة صافية وبريئة قائمة على إيجاز الفكرة في العبارة الأكثر دقة وجمالاً في آن واحد، ولعل ذلك سبب آخر من أسباب تجديد ذكرى طه حسين بيننا باستمرار.