صدر حديثاً كتاب للصحافي الأميركي ديفيد كيركباتريك بعنوان "في أيدي العسكر: الحرية والفوضى في مصر والشرق الأوسط"، ويتناول فيه تجربته الشخصية في القاهرة ما بين 2011 و2015، حيث كان يعمل مراسلاً لـ "نيويورك تايمز" فيها.
يضمّن المؤلف (1970) كتابه سلسلة من المقابلات مع مسؤوليين أميركيين، حول موقف بلاده من الثورة والانقلاب العسكري، وهو بمثابة سرد حي للصحافي حول الدوافع التي قادت الناس إلى ميدان التحرير، ثم اندلاع "الربيع العربي"، ثم فشل الثورة ودور أميركا في هذه الهزيمة، ثم الانقلاب العسكري اللاحق الذي وضع السيسي في السلطة.
يرى الكاتب أنه لم يكن هناك موقف أميركي واحد من الانقلاب في مصر، بل كان هناك موقفان متنازع عليهما بين أوباما من جهة والبنتاغون ووزارة الخارجية والمخابرات الأميركية من جهة أخرى، وبالتاكيد لم يستطع البيت الأبيض ممثلاً برئيسه أن يقف في وجه ثلاثة مؤسسات ثقيلة الوزن والسلطة مثل هذه، لا سيما مع وجود ضغوطات كبيرة إسرائيلية وسعودية وإماراتية، يتحدث عنها المؤلف بالتفصيل، ضد حكم الإخوان المسلمين ومع حكم العسكر.
يروي الكاتب أيضاً أحداث 2011، وكيف استطاع المصريون سحق عقود من الاستبداد ثم كيف وصلت هذه الثورة بالبلاد إلى العودة إلى نقطة الصفر، بل إنه يرى أن السيسي قام بقمع معارضته بدرجة من الضراوة لم يجرؤ عليها رأس النظام السابق، ويروي دور واشنطن في إخراج هذه التراجيديا السياسية التي قادت البلاد إلى هذه اللحظة.
يرى كيركباتريك أن إخفاقات عقود من الاستبداد هي السبب في الفوضى التي نراها اليوم في العالم العربي. ولأن الاستبداد هو المشكلة، فمن غير الممكن أن يقدم المزيد من الاستبداد نفسه كحل.
ويذكر المؤلف أن مصر هي موطن لواحد من بين كل أربعة عرب، لذلك فإن فهم تاريخها الحديث أمر أساسي لفهم كل ما يجري في جميع أنحاء المنطقة اليوم؛ من الهجمات الإرهابية في شمال سيناء وشراكة مصر الجديدة مع إسرائيل إلى ما يحدث في في سورية وليبيا واليمن.