عارف حجاوي: تجوال صحافي في الخريطة السياسية

29 ديسمبر 2017
أنخيل بوليغان/ كوبا
+ الخط -

من الإصدارات اللافتة في مجال الإعلام في 2017 "جولة في خريطة العالم السياسي" للكاتب والإعلامي الفلسطيني عارف حجاوي الذي صدر عن "معهد الجزيرة للإعلام".

يقدّم حجاوي (1956) كتابه بنصائح للصحافيين؛ تلك التي استلهمها من باع طويل في العمل الإعلامي، فهو صاحب التجربة الطويلة بين الصحافة الورقية والمسموعة والمتلفزة، وسيرته المهنية تضمّ مؤسسات مثل قناة الجزيرة ومحطة BBC، وصحيفة "الحياة الجديدة" وغيرها.

بلغة أقرب إلى الشعرية والرمزية من اللغة الصحافية، يكتب عارف في مقدّمته عن معضلات تواجه الصحافي اليوم، فيبدأ بـ "عندما تحول ماء البحيرة إلى كولونيا، وأصبحت السماء تمطر بارفاناً، أغلقت دكاكين العطر في البلاد أبوابها، وأفلس أصحابها".

ويضيف "عندما تحوّل كل إنسان إلى إعلامي، وأصبح يغرد من آيفونه، أغلقت المؤسسات الإعلامية أبوابها، وبدأ الصحافيون يفرغون أدراج مكاتبهم استعداداً للذهاب إلى البيت".

وفي ما يخص الكتابة الصحافية كفن، يقول حجاوي "المادة المميزة إنما هي مميزة بالصدق، والدقة، والعمق، وتكون ثقيلة في ميزان المعلومة وخفيفة على القلب. فيها الإخبار بالواقع، وفيها الإمتاع بالخيال. فأما الخبر الصحيح المتوازن فهو مثل الجبل الأشم تعرفه فور رؤيته. وأما الإمتاع بالخيال فهو في ظن بعضهم موهبة لا تكتسب، وهو عند أرباب الصناعة مهارة يمكن اكتسابها".

يمزج حجاوي بأسلوب ممتع بين سيرته المهنية والمواقف التي مرّ بها، ليقدّم بضعة دروس للصحافي الذي اختلفت تحدياته اليوم وأصبحت أكثر تعقيداً من تلك السنوات التي بدأ فيها حجاوي العمل الصحافي.

نقرأ له مستعيداً البداية وهو في عمر 19 عاماً "ذهبت إلى القدس، وقرعت باب جريدة الشعب. فنظر إلي صاحب الجريدة من فوق إلى تحت، مثلما يفعلون في السينما. وقال لأحدهم: خذه للأستاذ فؤاد رزق. قال لي فؤاد رزق، سكرتير التحرير، ماذا تريد أن تعمل؟ فقلت له: محرراً".

يتابع حجاوي ويصف مرحلة الامتحان للوصول إلى أن يكون محرراً؛ "رمى إليَّ برزمة أوراق بعضها من الوكالات وبعضها مخطوط منقول عن الراديو. قرأتها بسرعة وصنعت منها خبراً، وتأنقت في عنوانه: "الرئيس السوري حافظ الأسد يتوجه إلى موسكو غداً". أصلح لي الخبر، ثم شطب العنوان بخط مستقيم، ومن الشمال إلى اليمين.(...) وكتب"الأسد إلى موسكو غداً".

سلسلة من القصص التي تدور في مضمونها حول تاريخ البدايات وعلاقة الصحافي بالمصادر والمتغيرات، ودخول الموسوعات الإلكترونية من بريتانيكا وويكبيديا كمصادر أساسية في الكتابة، ثم دخول المواطن الصحافي على حقل المهنة..إلخ من تقلبات العمل الإعلامي والمصير الذي يواجهه اليوم، إذ انتقلت من منافسة مؤسسات إلى منافسة مؤسسات مع أفراد وحسابات تواصل اجتماعي.

يراقب حجاوي واقع المهنة اليوم، يتأمل، ويسخر، ويتذكر ويتساءل.

بعد أن يسوق هذه التجارب الصحافية يتحول الكتاب إلى الجغرافيا السياسية، فيعرض لدول العالم من حيث النزاعات والمقدرات الجغرافية والاقتصادية. والكتاب في هذا القسم أمين لاسمه "جولة في خريطة العالم السياسية". هي مجرد "جولة" حافلة بالمعلومات، وبالخرائط.

المساهمون