في شهر النساء.. تذكروا راشيل كوري

18 مارس 2017
+ الخط -
في السادس عشر من مارس/ آذار عام 2003 توحَّدت راشيل كوري مع أرض فلسطين، والتي طالما سعت لجذب الانتباه الدولي لها. هذا التوحُّد لم يكن عناقًا، أو سجودًا، بل دهسًا تحت جرافات جيش الاحتلال الإسرائيلي

مَن هي راشيل كوري؟

راشيل كوري هي ناشطة أميركية وعضوة بحركة التضامن العالميَّة، وانضمَّت لقافلة المساعدات الدوليّة المتوجّهة إلى غزة في محاولة لكسر الحصار الإسرائيلي أثناء الانتفاضة الفلسطينية الثانية في مطلع عام 2003.

كرَّست راشيل كوري حياتها لقضايا السلام وتحرير الشعوب منذ طفولتها. في ديسمبر/كانون الأوّل 1989، ألقت الناشطة ذات العشر سنوات خطابًا مؤثرًا في المؤتمر الصحافي لـ "أطفال العالم"، مُنددة بانتشار الجوع بين الأطفال حول العالم نتيجة للحروب والصراعات السياسية التي يروحون ضحيتها بالمئات يوميًا، آملة أن ينتهي الجوع في العالم بحلول عام 2000. وشبّت كوري في أروقة الحركة المدنية الدولية للدفاع عن الحقوق والحريات، حتى انضمامها لموكب "أسطول الحرية" الذي شاركت به عدة دول ومنظّمات للتحرُّك إلى غزّة؛ مستهدفةً فكّ الحصار الإسرائيلي، وإيقاف الممارسات الوحشية تجاه الفلسطينيين أثناء الانتفاضة الثانية.

الانتفاضة الفلسطينية الثانية في عيون راشيل كوري

شهد عام 1993 توقيع اتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وجيش الاحتلال الإسرائيلي، والتي سرعان ما تحولت إلى عملية مفاوضات غير متوازنة القوى. عام 1999 شهد حالة من الغضب الشعبي على جدوى المفاوضات للجانب الفلسطيني، إضافة إلى اقتحام رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك أرئيل شارون المسجد الأقصى، ما أغضب المُصلين وتسبب في اندلاع أول شرارة عنف بين الجانبين تسببت في تصفية بعض رموز المقاومة الفلسطينية وعمليات اغتيال وتهجير قسري للفلسطينيين، ضمت محاولات لهدم البيوت بالقوة وقنص الأطفال.

وفي مقابلة شخصية مُصوّرة بالفيديو، تقول كوري: "هذا أسوأ وضع رأيته في حياتي. الأطفال يقتلون بالرصاص. خزانات المياه تم تدميرها بأعمال عسكرية إسرائيلية. الشعب مُدمر اقتصاديًا بسبب الحصار والمعابر المغلقة من قِبل السلطات المصرية. المنازل تُهدم. ما أشهده هنا هو عملية ممنهجة لمنع الشعب الفلسطيني من النجاة. الوضع مُرعب للغاية. الفلسطينيون يحاولون الحفاظ على حيواتهم. يحاولون إنقاذ أطفالهم. أثناء تناولي العشاء مع بعض العائلات الفلسطينية تُحيط بنا آليات عسكرية ضخمة تهدد حياتنا. هؤلاء كانوا ودودين جدًا معي، لكن ما زال أطفالهم مُهددين، يعيشون حياة لا يفترض بأي طفل أبدًا أن يحياها. أشعر بالذعر هنا. لن تسمع الحكومة الأميركية رسالتي؛ لأنها لا تهتم بحياة مواطنيها، كما لا تهتم بحياة الفلسطينيين. أشعر بالخزي لأن حكومتي تدعم حكومة إسرائيل".

بعد أيام من هذه المقابلة، وأثناء عمليات هدم المنازل، تصدّت راشيل كوري بجسدها لإحدى جرّافات جيش الاحتلال الإسرائيلي، محاولة منعها من هدم المنزل، فمرّت الجرّافة على جسدها إلى المنزل، وعاودت دهسها مرة أخرى بعد الهدم. لتكتب راشيل كوري بذلك آخر فصل من قصة نشاطها من أجل السلام، ومحاربة التعامي الدولي عن جرائم الحرب المُرتكبة في حق الشعب الفلسطيني، وتتحول إلى أيقونة للسلام العالمي.

رفعت أسرة كوري دعوى قضائية ضد وزارة الدفاع الإسرائيلية، لكن تحريات الأخيرة لم تُسفر عن أي جديد في مقتلها، ولم تُعلن عن هوية قاتلها حتى اليوم. وفي ذكرى مقتلها الرابعة عشرة توجه أسرتها رسالة إلى العالم: "في لحظة نور، وفي السادس عشر من مارس/آذار كل عام، هي فرصتنا لنتذكر التزاماتنا تجاه غزة، هذا المكان الذي كتبت عنه ابنتنا، أنها تلمس فيه قوّة. قوة الإنسانية أن تصمد في ظل هذا التهديد، واختارت الكلمة المناسبة لوصف هذه القوة: كرامة".

B831FE42-EA06-442C-B1AC-D58CDE96BA74
غدير أحمد

ناشطة نسوية مصرية، وباحثة متخصصة في دراسات المرأة النوع والاجتماعي