طريق القدس التائه.. دير ياسين تلّ الزعتر حماة فحلب

15 ديسمبر 2016
+ الخط -


أكثر وضوحاً من هذا لم يعد، ومن كان يظن أننا، نحن، الفلسطينيين، وإن اختلف الهدف، وحدنا من بقي يملك في أجندة أيامه ذكريات مذبحة موصولة إلى أخرى، فالسنوات الست الماضية أتت لتلقي ملحاً عربياً في عين كل عربي عن قصتنا الطويلة
.


من العبث مناقشة عقل مقتنع أن مخيم اليرموك، الذي هُجر منه "أهل القضية المركزية"، وهوامش مخيمات وتجمعات فلسطينية منذ ذلك اليوم الكانوني الدمشقي الكئيب، لم يكن فيه "سوى أفغان وباكستانيين".


فاليوم، كأمس تل الزعتر، ثم البارد والبداوي وصبرا وشاتيلا وبرج البراجنة، ثمة حماة سورية. قاتل شقيقاتها اليوم لم يكن سوى في العاشرة من عمره حين مد أباه بمبضع أخيه يقطع رقابا، ظنت أن الصهيونية وحدها من يرتكب المجزرة.


درس آخر من دروس تاريخنا، المحفوظ في الذاكرة والقلوب العمرانة بغلّ؛ أن تغيب العدالة تحت أقدام تدوس بطون الحوامل في حماة وتشقها في دير ياسين وكفر قاسم وبحر البقر والطنطورة وبلد الشيخ...


اليوم أيضاً، تلتقي الصهيونية، فرحة تفرك يديها وأذنيها سعادة، بتصهين آخر، لأن قوماً وأقواماً مثلها بمسميات مناحيم بيغين: "عرب يقتلون عربا"..


أهل حلب الذين يشبهون أهل حيفا، هم أيضاً "غرباء"، كملايين السوريين "الغرباء"، تحتفي على جثثهم صحف ووسائل تواصل "الممانعة" في التهجير، بانتظار الربيع ربما نحو "بحر الروم" ثانية... لعلهم أخيراً وجدوا طريق القدس... لكن عن أية مدينة قدس بحث القوم؟


ألم تأت الصهيونية بدروسها، فتنثر بعض بذور صفرية قيمة الإنسان، مثلما هي حالة الاستعراض الهمروجي في القصير؟... أأيضاً كان ذلك بحثاً عن طريق القدس؟


فليسمح لنا أيتام "الفرح"، ونصب أعلام النصب على أسوار قلعة حلب، لا القدس، أن تقال صريحة ولو لمرة واحدة: من عساه يكون أكثر فرحاً من أحفاد جيبوتنسكي ورحبعام زئيفي وعوباديا يوسيف ومناحيم بيغين وشارون... وبقية جزاري هذه الأمة؟


ثمة تدمير لفكرة لا يفهم الممسكون بفوضى الثورات المضادة بقيادة طهران شيئاً مما فعلوه، أو ربما هو بالضبط ما رسم لهم أن يكون، وتلك أكبر مصائب هذه الأمة حين صارت جماهير الفرجة تمصمص شفاهها منذ النكبة...اليوم أيها السادة تستكملون حرق كل شيء... لكن من قال لكم إن سفاحاً باق؟


أكملتم كذبة أن "زينب لن تسبى مرتين"، وهي التي احتضن مقامها أبسط السوريين والفلسطينيين في منطقة ومخيم "السيدة زينب"... وهل لبيتم نداء الحسين؟ أين؟ في حلب السورية؟ وصدقتم مقولة المالكي عن الأحفاد؟ ألم يكن هو بذاته الذي قلتم عنه: صناعة محتل أميركي؟


قد يكون بعض "مثقفينا" أجبن من أن يقولوها، أو يخرجوا من ثوب نسجه لهم حائك عند بلاط السلاطين، وفي غرب التمسح بالدونية أمامه... لكن ببساطة اليوم لكم أيها السادة نصيبكم في "أسدكم"، الذي افتديتم به نصف شباب عرب أقحاح من جبل عامل، ومن البصرة إلى بغداد... وأتيتم بشتى مرتزقة الأرض من أفغانستان إلى الفاشيين الغربيين، وقد سبقكم إليها صهاينة نكبتنا...


لكن مهلاً...عن أية ممانعة ستتحدثون غداً؟

عن تفوق أخلاقي مثلاً بوجه مذبحة صهيونية، لا يستطيع المحتل أصلاً العيش بدون استمرارها ولو بالقطعة؟


إن كانت الذاكرة، وسط صراخ، تلبية صرخات استيراد "الحشد الإيراني"، قد أفقد بعض عربنا العقل، فلم يستمع له يوما... فهاكم ما ستكون عليه أيامنا القادمة... أسدكم هذا لن يكون سوى كما كان وأقل حتى من أرنبة مقاومته في الجولان...


لكن، ماذا لو قلت لكم: من الآن فصاعداً لن تكونوا فقط ممن يدفنون رؤوسهم في وحل العار، باسم ما ارتكبتموه من جنوب إلى شمال سورية، و سيخرج من بين الصهاينة من يرفع إصبعه الأوسط في وجهنا جميعاً، وإن لم يكف... فمن كوعه حتى قبضة يده، ليخبرنا شيئاً عن حكاية العار... هل لكم أن تتخيلوا أن جزاراً صهيونياً يلقي بنا دروساً عن الأخلاق؟


نعم يا أمراء الحرب لقد فعلتم... أعطيتم من كنتم تصرخون بالموت لهم، قبل أن نكتشف زيف الموت سوى للعرب، ما سيتسلح به حين يرتكب الصهيوني المذبحة التالية فيكرر علينا: نحن لم نفعل ما فعلتم أنتم ببعضكم أيها العرب...وانتصار وحلوى تنتج ثقافة كهذه؟


لا شيء سوى العدم... العدم الذي سيقابله شعور بقهر لن تفهموا مكوناته ولا نتائجه بعد... أبداً لن تفهموا قبل أن تتحول المحرقة إلى ما يشبه وهم "حب" العرب الأقحاح الأصليين لدولة العصابات المحتلة، التي افتتحت حكايتها بمذبحة ولم تنهها بكل أوهام تركيع الشعب الفلسطيني، المعروض للفرجة كما على الدم السوري منذ سنوات...


عندها فقط سيسأل صاحب عقل، متأخر جداً: يا ويلنا ماذا فعلنا من أجل سفاح قالها منذ البداية "الأسد أو لا أحد"... أنبارك لكم وصولكم حلب شمالاً؟ والقدس قبلها الجولان وشبعا و10 أعوام شاب فيها من قاتل في تموز فما عاد يدري عن أية إسرائيل يهذي هذا الممانعجي... والطابور الخامس في أمتنا...​