يحيا السنوار بعدما أحيا فينا المقاومة

21 أكتوبر 2024
+ الخط -

ارتقى -ويحيا- السنوار بعدما أحيا فينا المقاومة، تعيش المقاومة تعيش.. اللهم زِدها قوة على قوتها، وصلابة على صلابتها، وصمودًا على صمودها؛ فقد جعلت لحياة العربي الحر معنًى. اللهم حرِّر الشعوب العربية كلها وأرضها. يظن المغتصب الغاشم أنه سيقضي على المقاومة باغتيال رموزها، كلا والله، فقد رأيتُ بأم عيني أولاد إخوتي دون العاشرة والخامسة يتسابقون لإرجاع بعض من الحلوى التي اشتروها عندما أكد لهم الأكبر سنًّا أنها من منتجات المقاطعة، فمن الذي أشعل الحمية لفلسطين في قلوب هؤلاء الصغار وهم بعيدون عن أرض المعركة، فما بالنا إذن بأولئك الذين يخوضون المعركة ويصلون بنارها؟!

يموت السنوار ليحيا ألف "سنوار" غيره يحررون الأرض كلها والشعوب العربية. فمنذ تأسيس حركة المقاومة الإسلامية حماس في ديسمبر 1987 كانت قياداتها السياسية والعسكرية هدفًا لاغتيالات نفذها الاحتلال الإسرائيلي داخل وخارج فلسطين؛ لكن هل استطاعت قوات الاحتلال القضاء على الحركة باغتيال مؤسس الحركة الشيخ أحمد ياسين عام (2004)؟ كلا والله، فياسين أعد وجهز صفوفًا للمقاومة حتى لا تضيع من بعده، فعظمة الإسلام تتمثل في أن المسلمين الحقيقيين لا يقدسون الأشخاص، ولكنهم يسعون وراء تحقيق أهدافهم السامية بكل ما يستطيعون فلا يتعلقون بأشخاص إنما بالقيمة التي يحملها الأشخاص. ونرى هذا متحققًا على أكمل وجه في حركة المقاومة الفلسطينية حماس ففي حالة اغتيال أحد قوادها يعلن عن إحلال قائد جديد مكانه سبق إعداده في مصنع رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.

ففي يوليو عام 2002 اغتيل صلاح شحادة مؤسس كتائب عز الدين القسام بصاروخ أطلقته طائرة مقاتلة من طراز "إف-16" إلى جانب 12 فلسطينيًا آخرين من بينهم زوجته وإحدى بناته، فضلًا عن جرح أكثر من 140 وتدمير مربع سكني بالكامل جراء استخدام أكثر من طن من المتفجرات بالعملية التي عرفت بمجزرة "حي الدرج" وهو أحد أحياء غزة المكتظة بالسكان.

وفي مارس 2003 تعرض إبراهيم المقادمة، عضو المكتب السياسي لحركة حماس وأحد قياداتها العسكرية لعملية اغتيال من قِبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.

يموت السنوار ليحيا ألف "سنوار" غيره يحررون الأرض كلها والشعوب العربية

وأطلقت مروحية أباتشي خمسة صواريخ باتجاه سيارة المقادمة، عندما كانت تعبر شارع اللبابيدي وسط مدينة غزة، مما أدى إلى استشهاده هو وثلاثة من مرافقيه، وإصابة العديد من المارة وطلاب المدارس.

وقد صرح جدعون عيزرا، الذي شغل منصب نائب رئيس جهاز "الشاباك"، بأن المقادمة يعد من أخطر الفلسطينيين على أمن إسرائيل، وأنه ليس مجرد قيادي في تنظيم فلسطيني، بل هو مدرسة فكرية كاملة غذت اندفاع الفلسطينيين نحو مواصلة القتال ضد إسرائيل. وفي إبريل 2004 اغتال الاحتلال عبد العزيز الرنتيسي مؤسس وزعيم حركة حماس - بعد أقل من شهر من اغتيال الشيخ أحمد ياسين - في غارة على سيارة كان يستقلها أثناء المرور من شارع الجلاء شمال مدينة غزة، كما استشهد معه اثنان من مرافقيه.

وفي يناير 2010 اغتيل محمود المبحوح القيادي في حركة حماس في أحد فنادق دبي بدولة الإمارات.

وفي نوفمبر 2012 اغتال الاحتلال الإسرائيلي أحمد الجعبري بغارة جوية استهدفت سيارته قرب مجمع الخدمة العامة في قطاع غزة.

وفي يوليو 2024 اغتيل إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في غارة على مقر إقامته في العاصمة الإيرانية طهران.

وفي أكتوبر 2024 نعت حركة حماس قائدها يحيى السنوار وأكدت استشهاده في مواجهة مع جنود الاحتلال وقد اعتبرته إسرائيل مهندس عملية طوفان الأقصى يوم السابع من أكتوبر 2023، والتي كبدتها خسائر بشرية وعسكرية وهزت صورة أجهزتها الاستخباراتية والأمنية أمام العالم.

ولا يسعني بعد أن ذكرت أسماء بعض من رموز المقاومة الذين اغتالهم الاحتلال الغاشم إلا ترديد كلام أبو عبيدة المتحدث الرسمي الإعلامي لكتائب عز الدين القسام: "لو كانت الاغتيالات نصرًا لانتهت المقاومة منذ اغتيال عز الدين القسام قبل 90 عامًا. نحن نعمل بإرادة الله وعلى عينه، يخلف القائد قادة والجندي عشرة والشهيد ألف مقاوم، وهذه الأرض تنبت المقاومين كما تنبت غصون الزيتون".

3E7A7174-FBAB-41EE-9E9B-17EE3A36DE1E
أسماء راغب نوار
كاتبة ومترجمة مصرية، عربية مسلمة، أعشق تراب مصر ولا يزال لدي أمل في نهضتها، أعتز بلساني العربي أيما اعتزاز، أتخذ من الإسلام منهجًا للحياة غير مقتصرة على تأدية العبادات، أود تطبيق العدالة بين الناس كافة، درست اللغة الإنجليزية وآدابها وأعمل مترجمة. تعرّف عن نفسها بالقول: "لقد أقمت حياتي على مبدأ أن المطلق الوحيد هو الله وما دونه قابل للأخذ والرد إلا ما أنزل على رسوله أو ورد عنه، ووجهت نفسي للانتصار للحق وليس للرأي، ورفعت عن عقلي الوصاية فاستقل رأيي".