هل من إيجابيات للزلازل؟
لا شك بأنّ غالبية الزلازل أحداث محتومة لا قدرة للبشر على الحدّ من حدوثها، أو حتى توقع توقيتها للتخفيف قليلاً من آثارها.
شهد الجنوب التركي والحدود السورية القريبة منه في 6 فبراير/ شباط 2023، زلزالاً عاصفاً، حصد حيوات الآلاف من الضحايا، ناهيك عن الجرحى، بالإضافة لما تسبّب به من دمار هائل في الممتلكات والبنى التحتية.
وكون أسباب الزلازل تعود بغالبيتها إلى عوامل طبيعية، تتمثّل بإطلاق إجهادات مخزّنة داخل الأرض، فلا قدرة للسكان أو حتى العلماء إلا على التكّيف مع الوضع الجديد عندما يحدث، أي وضع ما بعد الزلزال. إيماناً بالأرض، وبأنها رغم بطشها أحياناً، عليها ما يستحق الحياة. من هنا، لا بد من القول بأنّ للزلازل تداعيات عدّة على البيئة، وتداعيات إيجابية أيضاً. فدون الزلازل، سيكون العالم مختلفاً، دون جبال شاهقة ودون محيطات، لأنّ تشكّل الجبال والمحيطات ناتج أصلاً عن تحرّك الصفائح التكتونية في الأرض.
ومن جهة ثانية، تساهم الزلازل بفهم علماء الجيولوجيا للأرض، من خلال العثور على طبقات المياه الجوفية ورواسب النفط والغاز الطبيعي والموارد الهامة الأخرى، وذلك بناءً على المعلومات التي يكتسبونها من خلال الزلازل. وبحسب هيو روس، وهو أحد علماء الفيزياء الفلكية في الجمعية الفلكية الملكية في كندا، فإنه "في حال عدم وجود زلزال أو نشاط تكتوني، فإنّ المواد الغذائية اللازمة للعيش على الأرض ستتقوّض من القارة وتتجمع في المحيطات". كما تساهم الزلازل بشكل غير مباشر بنمو النباتات، تلك الثروة الطبيعية التي أوشكنا على فقدانها في الآونة الأخيرة، وذلك عن طريق: زيادة انتشار السوائل المعدنية في التربة، كنتيجة لتولّد الطاقة الكهربائية داخلها وكثرة إنتاج غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يشكّل بيئة ملائمة لتوالد أعداد كبيرة من النباتات عبر الاستخدام الضوئي.
تعمل الزلازل على تنفيس الطاقة الكامنة داخل الأرض، ولولا تلك الحركة لانفجر كوكبنا بشكل كامل
تتسبّب الزلازل أيضاً بإحداث انشقاق في الأرض، الأمر الذي يساعد على ظهور ينابيع حديثة، وتفجير عيون ماء جديدة. إذاً، لا شك ستعوّض الزلازل للأرض احتياجاتها من المياه، لا سيما مع تقلّص نسبة المياه الصالحة للاستخدام وزيادة نسبة تلوثها من جهة، وندرتها من جهة أخرى. وأخيراً تعمل الزلازل على تنفيس الطاقة الكامنة داخل الأرض، ولولا تلك الحركة لانفجر كوكبنا بشكل كامل.
الزلازل كالحروب باطشة ومدمرة، وآثارها طاحنة، ولكن لا بدّ من حدوثها! ولعلّ أعظم ما يمكن للمرء تفاديه في تلك الحالة، اعتماد معايير هندسية مقاومة نوعاً ما للزلازل في حالة الأبنية، تتمثّل بشكل رئيسي بتنفيذ الأساسات بشكل سليم، بالاستناد إلى دعامات تثبيت، بحسب علماء الهندسة. بالإضافة لذلك، لا بدّ من أن يكون البناء مجهزاَ لتصريف المياه، كون المياه بحالات التسرّب تزيد من حجم الكارثة، دون أن ننسى اللجوء لأنظمة التخميد، القادرة على امتصاص الهزة الأرضية عبر تطبيقها قوة معاكسة للحركة الزلزالية، لا سيما في الأبراج والبنايات العالية جداً.
أخيراً، لا نجاة دون العلم، فوحده الذي يقينا أو يخفّف عنّا! ولكن حتماً الأرض ستبقى تتنفس، وفي تنفسّها للأسف سيموت أشخاص كثر، وستوهب الحياة لآخرين، لأنها بكلّ بساطة ستجدّد البيئة.