كيف تصبح شاعراً في سنتين؟

21 مايو 2017
+ الخط -
تحتوي بسطات الكتب التي تعرض على الأرصفة في المدن السورية الكبرى على كتب قديمة مستعملة يقال إنها الأكثر مبيعاً وتداولاً بين الشباب، الذين لا يوجد لديهم أي رصيد ثقافي أو معرفي. 

من هذه الكتب تعلم الوضوء الصحيح، وطفولة نهد لنزار قباني، وممو زين أسطورة الحب التي ترجمها محمد سعيد رمضان البوطي عن الكردية، وأغاني أم كلثوم، وأغاني عبد الحليم حافظ، وأغاني فريد الأطرش، و"تعلم الإنكليزية في أسبوع"، و"كيف تتعلم التركية في أسبوع"... المهم، ذات يوم، نزل إلى البسطات كتاب يعلم الشباب كيف يصبحون شعراء خلال سنتين. المدة طويلة جداً، إذ بدلاً من مدة الأسبوع المتعارف عليها لتعلم أصعب لغة وأكبر هواية يحتاج المرء هنا إلى سنتين (55) أسبوعاً.



إلا أن الكتاب حقق مبيعاً هائلاً، إذ اتضح أن الذين يريدون أن يكونوا شعراء مثل نزار قباني، وغيره من الشعراء المحبوبين، كثيرون جداً، وقد التقيتُ أنا محسوبكم، في إحدى المناسبات، بواحد من (ضحايا) الكتاب المذكور، وما إن ذكر له صاحب البيت الذي كنا عنده اسمي مسبوقاً بكلمة أديب حتى انهال علي بالأسئلة، جاءت بحسب التسلسل التالي:

قال: أهلاً وسهلاً أستاذ خطيب. والنعم منك، بيت (بدري) عيلة كويسة.
قلت: اسمي خطيب (بدلة)، وليس (بدري).
قال: على راسي والله، بيت بدلة جماعة كرام، أنتم من معرة مصرين، كان معي في العسكرية واحد اسمه محمد بدلة الله يذكره بالخير. دخلك، إيش صار فيه؟
قلت: يوجد في بيت بدلة حوالي 200 شخص يحملون اسم محمد بدلة. أي واحد منهم تقصد؟
قال: محمد بدلة شاب أسمراني، مربوع، فمه كبير شوي، له شاربان، يعني مو حليق مثلك. بس الصراحة؟ رجال آدمي. سمعت أنه طلق مرته، وترى الحق معه، لأني سمعت أنها نكدية وتعطي أذنها لأمها.
قلت: بسيطة. الله يهدي الأحوال.
قال: المهم أن حضرتك أديب، يعني شاعر.
أنا: لا والله، أنا أكتب قصص قصيرة.
هو: لَهْ لَهْ، ولك خيو، إيش لك مصلحة بالقصة القصيرة؟ ما لها مستقبل. الشعر أحسن بألف مرة. أنا ما بحب غير الشعر. لو قطعوني حتت ما بكتب غير شعر.
سألته، بعد أن عرفت أنه شاعر، مجموعة من الأسئلة، استنتجتُ منها أنه لا يعرف شيئاً عن أي شعر، ولا يحفظ اسم أي شاعر سوري أو عربي أو أجنبي.
قلت له: حضرتك تكتب شعر حديث أم قديم؟
فأجابني باستخفاف: أيش قديم أيش حديث، أنا أكتب مثلما يكتب عمر الفرا.

وراح يلقي علي قصيدة ليست من نظمه، وإنما من نظم عمر الفرا.
خطيب بدلة
خطيب بدلة
قاص وسيناريست وصحفي سوري، له 22 كتاباً مطبوعاً وأعمال تلفزيونية وإذاعية عديدة؛ المشرف على مدوّنة " إمتاع ومؤانسة"... كما يعرف بنفسه: كاتب عادي، يسعى، منذ أربعين عاماً، أن يكتسب شيئاً من الأهمية. أصدر، لأجل ذلك كتباً، وألف تمثيليات تلفزيونية وإذاعية، وكتب المئات من المقالات الصحفية، دون جدوى...