حماس "إرهابية" إذاً؟.. افتضاح اللغط جارٍ
هل الثمن هو في مسار "الاعتراف الجماعي" بكيان رمى في وجه العرب منذ 2002 بما سمّي مبادرة؟
ربما. لكن، ما يشكل فضيحة في الوعي الزائف، في مسار الثورات المضادة، يتكشف حجمها في وقائع لا تنسى.
فإلى أين يريد هؤلاء العرب "الحريصون جداً" على تصنيف ترامب وغيره، لحركة لم تهبط من السماء أن تذهب في تصنيفهم لها؟
الأمر ليس دفاعاً عن "حماس" بل ما لا يُقبل هو استلاب العقل وطمس الوعي. فحين كان الاحتلال يبحث عن محمد المبحوح لقتله في دبي لم يكن وحده على القائمة.
وإذا كان المزعج في الأمر، لأنظمة عربية تتماشى مع موضتي "الإسلاموفوبيا"، و"قطر فوبيا" المجسدتين أمامنا اليوم، أن تلقي في وجوهنا "إسلامية" خطاب الحركة، فما كان "أبو علي مصطفى" إسلامياً.
وللتذكير فقط، لم يكن خليل الوزير "أبو جهاد" كذلك، ولم يكن منذ البداية غسان كنفاني، ولم يكن كل من قتلهم الإرهاب الحقيقي في عواصم عربية وغربية ما يتذرع به اليوم المتذرعون بالإرهاب..
هل كان ياسر عرفات حمساوياً أيضاً ليحاصر ويقتل مسموماً؟ وهل كل هذه الإشارات عن محمود عباس المتهمة إياه بالتطرف، لأنه لا يستطيع أن يقبل بما لم يقبله عرفات، تعني بأن الرجل أيضا عقبة متطرفة يجب أن ينصب بديلا عنه من يلهث نيلا لرضا الغرب وأميركا في مسارات معروفة؟
ومهما تكن تبريرات هؤلاء، فثمة حقائق لا تنكرها الوقائع.
منذ الربيع العربي، وخصوصا في سورية، أضحى الفراق بين حركة "حماس" ونظام دمشق الاستبدادي أوضح من نكرانه. وبالتالي، كل تلك التبريرات عن "معسكر طهران" تعني اليوم شيئاً واحداً، أن هذه السياسة العربية تدفع بمن يُدفع نحو الجدران إلى أن يتحالف حتى مع الشياطين.
وفي الوقت الذي تُفتح فيه مدن عربية لمن خلعتهم شعوبهم، وبعضهم عولج من حروق وعاد ليتآمر، ويعلن صراحة تحالفه مع "الولي الفقيه"، نرى هذا العبث المحرض حتى في عواصم غربية على الفلسطينيين.
ما هو المطلوب في حمأة هذا العبث؟
هل المطلوب من الدوحة أن تنتهج سياسة ترانسفير بحق من أغلقت العواصم الأبواب في وجوههم؟ هل يراد لغزة المحاصرة أن تنفجر فيدخلها عسكر عربي ليقوموا بالمهمة؟
واقع الحال يشي بما هو أخطر من محاولة تأجيج حرب نفسية على قطر.
اليوم نحن أمام مشهد مختلف، يبدو فيه معسكر الأضداد متفقاً على كيّ الوعي العربي. من الواضح حجم الفرح الإيراني في غمرة التخبط العربي. ونظام دمشق، المتحول إلى جندي في معركة طهران سيراها فرصته. وهو الذي سبقهم إلى التنكيل بالمقاومة الفلسطينية، حين لم تقبل التحول إلى أبواق وقتلة في صفوف مليشياته المستوردة.
الأنكى، في ما يجري، أن يساق تبريراً ما يقال عن الدوحة، بينما تناسى هؤلاء، أو يريدوننا أن نفعل، كيف ذهب نظام السيسي في تكتيكات "الرز الخليجي" و"مسافة السكة" حد التلويح عبر أذرعه في إعلام الردح بالهجوم الشخصي على قادة المملكة العربية السعودية والتهديد بإيران.
بكل الأحوال، ثمة وعي آخر أظهره الشارع الخليجي، والعربي عموما، ربما يشكل صدمة أخرى لمعسكر اختراع معارك هامشية ووهمية، في مسيرة اختراع أدوات كيّ الوعي من خلال ما جسدته الأيام الأخيرة من صلف إعلامي وصل إلى حدّ مخاطبة القنوات العبرية.