من أبطال فيلم "واحدة بواحدة" المعروف بالفنكوش إلى أبطال عالمنا اليوم، وأبطال واقعنا الذين استطاعوا خداع شعب بأكمله، بمشاريع لا وجود لها من أجهزة طبية وعلاجات لأمراض مستعصية، إلى مؤتمرات ومشروعات اقتصادية، ووحدات وبنايات وهمية، وعواصم إدارية وقنوات ملاحية.
يتحدث في مصر الجهلاء، كأنهم أئمة فقهاء، فبدت الرذائل للأكفاء، ومالت المبادئ مع الأهواء، حتى أضحت تصافحنا المهازل في الطرقات، وتوارت الفضائل واستحت، وأعلنت بالصمت أن هذا زمانك يا مهازل فامرحي، فى وطن سار في سكة اللاسلامة.
لم ولن ينسى التاريخ ما فعلته أميركا بالعراق من دمار وهلاك وقتل وهتك للأعراض وابتكار أساليب غريبة من التعذيب وفتح السجون والمعتقلات، ناهيك عن ابتكارها ألواناً جديدة من الإرهاب المنظم، ليملأ الوطن العربي ويمزق شمله.
نال الحزن من الصغير والكبير، وبات القهر والقمع والظلم من خصائص البلاد التي تعددت لها الحجج والأسباب، وفتحت السجون والمعتقلات، وامتلأت القبور بالوافدين والوافدات، حتى غابت الآمال، وكاد يتملك اليأس من الناس، لولا بقايا من الإيمان.
أرادوا تحريف الثورة في العقول إلى فورة، فيختلف المغزى والمعنى، بل وينقلب الحال، وتخمد الأماني وتموت الآمال. .. حتى إذا الشعب يوما أراد الحياة، لابد أن يحتمل ألا يستجيب القدر.
الصحف والشاشات التي كادت تصرخ وتجهر بصريح السباب واللعانات والسخرية والنكات على أحد الحكام ، لا تتحدث اليوم سوى عن فتوحات الحكام الجدد، ومشروعاتهم وأمجادهم، وإن كانت في الخيال والأوهام.
صلاة العيد هذا العام اختلفت كثيرا عنها في أعوام سابقة، فقد تغيرت معالمها، بل قد غابت معالمها وضاع الكثير من زهوها ومباهجها، فلم نصافح ونهنئ الكثير من الأحبة، إذ جاء العيد بدونهم، وقد بدا الهلال ولم تبدُ وجوههم
ما تنبأ به جورج أورويل، منذ أكثر من خمسين عاماً، هو ما يمزق ضلوعنا اليوم، وهو نفسه ما يمسك بأعناقنا ويكتم أنفاسنا، فقد قضي على كل كلمة حرة، ونفى قائلها، وقيد مؤيدها، وقتل داعمها.