غزة 2014.. الحصار على أشدّه

30 ديسمبر 2014
صيادو غزة يعانون (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -


عاش فلسطينيو قطاع غزة ظروفاً مأساوية في عام 2014 الذي كان بالنسبة لما يزيد على 1.8 مليون مواطن من أكثر الأعوام قسوة ووحشية، بسبب استمرار الحصار الإسرائيلي وإغلاق المعابر من الجهات كافة، إضافة إلى عزل القطاع بشكل كامل عن محيطه.
وساعد الصمت العربي تجاه ما يحدث من اعتداءات إسرائيلية متواصلة على الفلسطينيين، واستمرار تضييق الخناق على قطاع غزة، الاحتلال الإسرائيلي في استمرار فرض حصاره غير الأخلاقي والذي راح ضحيته مئات المواطنين المرضى، وعطل حياة مئات الآلاف منهم.
وشهد العام الذي شارف على الانتهاء ترديا في مختلف مناحي الحياة في قطاع غزة، سواء الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية، بفعل منع البضائع من دخول القطاع، وعلى رأسها مواد البناء التي تساهم في تشغيل آلاف العمال وتنشط الحركة الاقتصادية داخل القطاع المحاصر.
وزاد طين غزة بلة، قيام الجانب المصري بإغلاق نحو 1200 نفق أرضي كانت تستخدم في جلب البضائع والمستلزمات لقطاع غزة في ظل إغلاق الجانب الاسرائيلي لكافة المعابر التي يمكنها إمداد القطاع بحاجياته الأساسية.
الأنفاق الأرضية التي كان يستخدمها الغزّيون بديلاً مؤقتاً عن المعابر المغلقة إلى حين فتحها، كانت تُدر دخلاً على آلاف العائلات الغزّية التي فقدت مصدر رزقها بعد ردم الجانب المصري لتلك الأنفاق، ما زاد نسبة البطالة التي وصلت في عام 2014 إلى نحو 60 في المائة، وهي أعلى معدلات البطالة في العالم.
العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والذي بدأ في السابع من يوليو/تموز لعام 2014 كان الأشرس والأعنف، تواصل 51 يوما، وراح ضحيته نحو 2200 شهيد وما يزيد على 11 ألف جريح، وآلاف البيوت المهدمة كلياً وجزئياً، علاوة على هدم آلاف المصانع والمنشآت الاقتصادية والمساجد والمدارس والمؤسسات الحكومية والمدنية.
خلال مفاوضات التهدئة التي جرت بين الاحتلال الاسرائيلي وفصائل المقاومة الفلسطينية بوساطة مصرية، كان رفع حصار غزة وفتح المعابر والسماح بإنشاء مطار وميناء بحري من أهم الشروط التي تقدم بها الوفد الفلسطيني، لأهميتها في تحسين الأوضاع المعيشية داخل القطاع، لكن شيئاً منها لم يحدث بفعل التعنت الإسرائيلي وما يمكن تسميته "الغطاء العربي للعدوان".

من جهته، يقول المسؤول الإعلامي للجنة الشعبية لمواجهة الحصار، علي النزلي، إنّ القطاع مر خلال عام 2014 بظروف غاية في التعقيد والصعوبة، بعد سبع سنوات من الحصار الاسرائيلي المتواصل على القطاع، والذي يمنع خلاله ادخال أي من المواد اللازمة لسير الحياة بشكلها الطبيعي.
ويضيف النزلي لـ"العربي الجديد": "كذلك شهدت غزة حرباً قاسية أثرت تداعياتها على كل الأصعدة، وخلفت الشهداء والجرحى والدمار الهائل في المنازل والمصانع والأراضي الزراعية"، مبيناً أن مشاكل قطاع غزة أصبحت مركبة بعد أن أصبح الآلاف بلا مأوى، يسكنون المدارس والخيام.
ويوضح أنّ الاحتلال الاسرائيلي لم يوفي بوعوده تجاه قطاع غزة بادخال مواد البناء للبدء بعملية اعمار القطاع، وأنه سمح بدخول كميات ضئيلة جداً لا تكفي لاعادة اعمار عشرات آلاف المرافق المدمرة.
ويشير النزلي إلى أنّ الحصار الإسرائيلي ألقى بظلاله الثقيلة على كافة مناحي الحياة، ومنها تردي الحالة الصحية وحالة آلاف المرضى، وفقدان أصناف أساسية من الأدوية، إضافة إلى الأزمات البيئية والاقتصادية بعد أنّ تم إيقاف أعداد كبيرة من المصانع كانت تشغل آلاف العمال.
ويلفت إلى أنّ الآثار الكارثية لاستمرار الحصار وإغلاق المعابر وتردي الحالة الاقتصادية أدى إلى تراجع الحالة التعليمية نتيجة الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي، لافتاً إلى ضرورة إنهاء كل أشكال المعاناة التي يمر بها أهالي قطاع غزة حتى يتمكنوا من عيش حياتهم مثل كل شعوب الأرض.
الحصار الإسرائيلي والممارسات التعسفية لم تقتصر على البر فحسب، بل استمرت في البحر لتزيد من معاناة الصيادين الفلسطينيين، عبر تضييق مساحة الصيد عليهم، وإطلاق النار عليهم، واعتقال عدد منهم، وإغراق عدد من مراكبهم.
ويشير نقيب الصيادين في غزة، نزار عياش، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة منذ أكثر من سبع سنوات، والذي زادت حدته عام 2014 أثر وبشكل كارثي على مهنة الصيد.
ويوضح عياش، أنّ الحرب على غزة تسببت بخسارة الصيادين نحو 10 ملايين دولار، كما أنها أوقفت الصيد مدة شهرين على الرغم من أن مئات العائلات تحصل على لقمة عيشها من خلال العمل اليومي في البحر، وأنّ توقف العمل لهذه المدة الطويلة أثر عليها بشكل مأساوي، وزاد من معاناتها التي لم تنقطع منذ بداية الحصار.
ويؤكد عياش: "كنا نأمل بعد الحرب أن يتم السماح بالصيد حتى 12 ميلا كما كنا نسمع، لكننا فوجئنا بالعكس تماماً، حيث تدهورت أوضاعهم، واعتقل الاحتلال نحو 30 صيادا، واحتجز نحو 15 مركبا، كما سرق الشباك ودمر معدات الصيادين ومراكبهم".
دلالات