"هيستيريا" غلق السفارات في القاهرة: "محسودين والنبي"

09 ديسمبر 2014
غلق السفارات بين السخرية والمؤامرة
+ الخط -
يبدو أن المؤامرات الكونية على مصر لن تتوقف في وقت قريب، على الأقل من وجهة نظر مؤيدي النظام الحالي في مصر، فعقب الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي، لا تكلّ ولا تملّ الأجهزة الرسمية ومؤسسات الدولة المصرية، من تسويق كل تقصير من جانبها في أداء مهامّها، على أنه مؤامرة كونية تقوم بها دول أجنبية وعربية تجاه مصر.

فبعد تآمر قطر وتركيا وإسرائيل وأميركا، وكل ما جادت به قريحة أصحاب نظرية المؤامرة، جاء الدور على بريطانيا وكندا اللتين أعلنتا الاثنين عن إغلاق سفارتيهما في القاهرة في وجه المصريين لأجل غير مسمى، ودون إبداء أسباب لذلك، تاركتين وزارة الداخلية المصرية والخبراء وجنرالات الـ"توك شو" يفتون في الأسباب الحقيقية وراء القرار المفاجئ، والذي لحقتهما فيه سفارات دول أخرى.

من جانبها نفت الداخلية رصدها أي تحركات تمثل خطورة أو تهديدا لأمن السفارات، ورجحت أنه إجراء احترازي، لأنها طلبت من قبل تشديد الإجراءات الأمنية.

وأكد بعض الخبراء الأمنيين فرضية أن تكون الأسباب الحقيقية هي الحكم أخيراً على "حبارة" المتهم في قضية رفح الثانية، ورجحت بعض المواقع الإخبارية في وقت متأخر من ليل الاثنين، أن تكون تهديدات من "داعش" وراء هذا الإجراء، ما أجبر وزارة الخارجية على عقد اجتماع مع الداخلية لتشديد الحراسة على أعضاء البعثات الدبلوماسية الخاصة بهذه السفارات.

وطرح بعض المحللين فرضية أخرى مفادها أن الأمر لا يخلو من صراع بين السفارات، والداخلية، وأهالي المنطقة، إذ رفع الأخيرون دعاوى أمام القضاء، مطالبين بإزالة الحواجز الأمنية التي تضعها الداخلية، وتغلق الطرق المؤدية لها، ما يعوق حياة أهالي المنطقة الطبيعية منذ سنين، ومحاولة بعض السفارات ليّ ذراع الداخلية لمزيد من الإجراءات الأمنية.

مواقع الأخبار والبرامج الموالية للنظام لم "تكذب خبراً"، وقامت بتسويق الواقعة لمتابعيها على أنها "مؤامرة للضغط على مصر، وضرب السياحة، وإبعاد للاستثمارات الخارجية، فمثلًا عدّها وائل الإبراشي غيرة من مصر ونظامها الحالي، ومن الاستقرار الأمني الذي تتمتع به في عهد السيسي.

وهو ما دعا الفنان محمد عطية للسخرية منه على حسابه على "تويتر"، وقال: "وائل الإبراشي بيقول الكلام اللي كنا بنقلش بيه على غلق السفارات... بس هو بيقوله بجد... بيقول إن الدول دي غيرانة من الاستقرار الأمني اللي عندنا".

ولعبت على النغمة نفسها صحف القاهرة صباح الثلاثاء، حيث تصدرت المؤامرة والابتزاز السياسي وضرب السياحة عناوينها، وكان على رأسها "اليوم السابع" التي جاء في عنوانها الرئيسي: "ابتزاز دبلوماسي لمصر"، وفي العنوان الفرعي: "سفارتا بريطانيا وكندا تطلبان إغلاق جاردن سيتي... والأمن يرفض لوجود حكم قضائي بفتح الشوارع". وحاولت طمأنة القراء فلجأت للسفارات التي تعمل بشكل طبيعي معنونةً: "سفارتا أميركا وروسيا تعملان بشكل طبيعي.. والعربية: لا يوجد ما يدعو للخوف والقلق".

بموازاة ذلك استعر جدل كبير على منصات التواصل، فبعض الناشطين المعروفين بالتطبيل للنظام قاموا ببث المحتوى "المتآمر" نفسه، فقال أحدهم: "‏مباراة الأهلي، وحضور عشرات الآلاف من الجماهير بأمان، يبدو أنها أعطت قدراً من الأمان والثقة، استحق غلق بعض السفارات"، وحثّ الفنان نبيل الحلفاوي الناشطين على التغريد بالإنجليزية قائلاً: "‏إحنا بنكلم نفسنا.. يا ريت يا شباب التويتات المتعلقة بموقف السفارات المشبوه تكون بالإنجليزية".

على الجانب الآخر، انفرد الصحافي أحمد حسن الشرقاوي بمعلومات مهمة عن السبب الحقيقي لغلق السفارات، وتساءل: "هل انكشاف خطط لاغتيال دبلوماسيين أجانب، وحصول أجهزة استخبارات دولية على تسريبات تؤكد محاولة إلصاقها بالإسلاميين وراء هوجة السفارات في مصر؟".

وخالفه الرأي الإعلامي زين توفيق، وقال: "ظني، والله أعلم، أن غلق السفارات قد يكون مرتبطاً بالتقرير الأميركي عن التعذيب، وفيه إدانة للغرب في ممارسات التعذيب بالشرق الأوسط".

بينما سخر الصحافي إيهاب الزلاقي من نظرية المؤامرة التي يسوقها الإعلام المصري، وقال: "كمية الحوارات اللي قريتها عن المؤامرة الغربية بغلق السفارات بتقول إننا بنجري في منحدر المنحدر".

المحامي منتصر الزيات كان له رأي مخالف للجميع، وحذر من المساس بحياة الرئيس المعزول محمد مرسي على إثر التسريبات الشهيرة والخاصة بمكتب السيسي وإغلاق السفارات. أما الشاعر عبد الرحمن يوسف، فسخر من هستيريا غلق السفارات وطمأن الجميع قائلاً: "مش مهم السفارات تقفل.. المهم سفارة إسرائيل فاتحة".

وتعامل آخرون مع الأزمة بأسلوب ساخر، فقد دعت إحدى الإعلاميات الكويتيات مصر إلى معاملة دول هذه السفارات بالمثل، وقالت: "المفروض نقفل السفارات العربية في أميركا لأن الوضع الأمني عندهم مقلق"، وغمزاً على المقولة الشهيرة "أحسن ما نبقى زي سورية والعراق"، أكمل أحد الحسابات السخرية قائلاً: "على فكرة.. السفارات اللي بتقفل عندنا كلها دي فاتحة في سورية والعراق... أسمع بقى حد تاني يقولي أحسن من سورية والعراق".