تامر التركماني، شاب سوري من حمص، عمره 25 عاما، أطلق مشروعه "لوحة الشهداء" بدعم من الشبكة السورية لحقوق الإنسان التي هو عضو فيها. تضم اللوحة (قياس 170/1.5 مترا) صور 50 ألفا وخمسة من شهداء الثورة السورية في كلّ محافظات سورية، دون ذكر أسمائهم أو مدنهم، تمّ جمعها عبر شبكة من الأصدقاء، وعن طريق إحداث مناسبة "event" على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك "تمّ حذفها فيما بعد لأسباب أمنية"، على حدّ قول التركماني في حديث لـ"العربي الجديد". بدأ التركماني في العمل على تجميع الصور في السادس من يونيو/حزيران الماضي، وعمل لمدّة 50 يوما بمعدّل 20 ساعة يومياً، في تلقّي الصور من أكثر من 29 ألف ناشط سوري، إضافة إلى أهالي وأصدقاء بعض الشهداء، وبالاستعانة بـ420 صفحة على الفيسبوك. لتنتهي المرحلة الأولى من المشروع بانتظار الدعم لتنفيذ المرحلة الثانية، وهي الطباعة.
"بدأ المشروع بفكرة جمع صورٍ للشهداء في لوحة واحدة، لأضعها على غلاف صفحتي في فيسبوك، ثم قادتني إلى فكرة مشروع أكبر من مجرد غلاف شخصي. كنت أريد تكريم شهدائنا وحفر صورهم في الذاكرة، ليعرف العالم كلّه عن تضحياتهم. واليوم أهديها إلى عائلات شهدائنا وأصدقائهم، عرفاناً بالجميل".
طلب التركماني الدعم من أكثر من منظمة مدنية، كذلك خاطب الحكومة المؤقتة، لكنّه لم يلقَ آذاناً صاغية من أحد: "بدأت مع أصدقائي بمحاولة جمع المبلغ المطلوب، لكنّنا لم نستطع جمع أكثر من 15% منه. ثم تواصلت مع الشبكة السورية لحقوق الإنسان التي تكفّلت بدفع بقية تكاليف الطباعة. ثم تكفّلت الشبكة بدفع تكاليف شحن اللوحة إلى الولايات المتحدة الأميركية، حيث تمّ عرضها أمام البيت الأبيض في 15 من الشهر الجاري، بمناسبة الذكرى الرابعة لانطلاق الثورة السورية".
أثار عرض اللوحة الكثير من ردود الفعل الإيجابية، فحقّقت جزءاً كبيراً من هدف إعدادها. وقد لاقى عرضها اهتماماً كبيراً من الصحافة العالمية، إضافة إلى انتشار واسع على صفحات الإنترنت، ليطالب الكثيرون بعرضها في بلدان مختلفة من العالم.
وعبر "العربي الجديد"، يتمنّى التركماني "لو استطعت مرافقة اللوحة في عرضها الأوّل. كما أتمنى لو أستطيع أن أجول بلوحتي العالم، فأحمّلها تواقيع وتواريخ المدن التي تزورها، لأنقل إلى العالم صور شهداء نفتخر بهم، ونسعى إلى تكريمهم وتحصيل حقوقهم من قاتلهم".
كما تمنّى التركماني أن "أنفّذ مشاريع مشابهة تقدّم، ولو القليل، إلى السوريين الصامدين في الداخل، وتكرّم أرواح من قضوا وما زالوا أحياء في ذاكرتنا".
رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبدالغني قال لـ"العربي الجديد" إنّ "الشبكة تبنّت المشروع الذي بدأه التركماني، وهو عضو معنا، فموّلنا الطباعة ونقلها إلى واشنطن بعد حصولنا، عن طريق بعض الأصدقاء، على الموافقة لعرضها هناك، بسبب قناعتنا بجدوى وأهمية مثل هذه المشاريع. وقد زوّدنا الناشطين المرافقين للوحة، طوال فترة عرضها، بقوائم بأسماء الشهداء، ليقوموا بقراءتها بصوت عالٍ إلى جانب اللوحة".
وكشف عبدالغني أنّ الشبكة "تعمل حالياً على مشروع ضخم لإصدار هويّات شخصية لـ150 ألفاً من شهداء الثورة السورية. تحمل معلومات شخصية كاملة عن الشهداء، إضافة إلى تاريخ الاستشهاد ومكانه، وكذلك طريقة القتل، واسم الجهة القاتلة".