مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في أفغانستان، المقررة في 28 سبتمبر/ أيلول المقبل، يبدو أن الخلاف حول ضرورة إجرائها من عدمه يحتدم. وفي السياق، يقول الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي، إن إجراء الانتخابات ليس في صالح الشعب، وإن إرجاءها إلى وقت آخر هو مطلب الناس، مؤكداً في مؤتمر صحافي عقده قبل أيام في كابول، أن إجراء الانتخابات في ظل الوجود الأميركي غير مجدٍ ولن يأتي بما يتطلع إليه الشعب الأفغاني. في المقابل يعتبر زعيم الحزب الإسلامي، قلب الدين حكمتيار، وهو أحد المرشحين للرئاسة، في تصريحات صحافية له، أنه في الأشهر الثلاثة المقبلة ستكون هناك حكومة جديدة في كابول، وأنه سيتم على الأرجح تشكيل الحكومة المؤقتة قبل تحقيق المصالحة.
بدوره، يقول المرشح لمنصب نائب الرئيس الأفغاني في الانتخابات المقبلة، أمر الله صالح، في حوار له مع قناة "طلوع" المحلية بعد تعرضه لهجوم انتحاري في 28 يوليو/ تموز الماضي، أن إجراء الانتخابات أمر لا بدّ منه، وهو الخيار الوحيد حالياً بموازاة المضي قدماً في جهود المصالحة. واعتبر أن المصالحة مع حركة "طالبان" لا تعني الاستسلام لمطالبها كلياً. وشدّد على أن إجراء الانتخابات أمر محتّم، وأن انشغال الحكومة وبعض الجهات بقضية المصالحة لا يعني ضعف خيار إجراء الانتخابات فهو مشروع وطني لا بدّ منه، لأن انتقال السلطة سلمياً إلى حكومة جديدة هو مطلب شعبي.
وعن ضعف وهشاشة الحملة الانتخابية يُشير صالح إلى أن السبب ليس ما يتصوره الناس عامة، بل لأن المرشحين الآخرين مقابل الرئيس الأفغاني أشرف غني ليسوا أقوياء، ويعرفون أن الأخير سيفوز لا محالة.
وفي خضم هذه المواقف المتباينة أضحت الحملة الانتخابية التي بدأت قبل أسبوع هشة وضعيفة وهادئة، في ظلّ غياب اجتماعات المرشحين والمهرجانات الكبيرة. وفي المجمل غابت جميع مظاهر الحملة عن الشارع الأفغاني بخلاف العادة. كذلك انعدمت الرغبة لدى المواطنين في المشاركة في المهرجانات والاجتماعات. وباستثناء معسكر الرئيس الأفغاني، أشرف غني، لم ينظّم أي معسكر مهرجانات كبيرة. كما أن البعض لم يطلق حملته بعد.
وتبرز أسباب عدة تفسر هشاشة وضعف الحملة، يمكن تلخيصها بالغموض حول هذه العملية من جهة في ظل تباين الآراء حول إمكانية إجرائها في موعدها أو تأجيلها، فضلاً عن ترقب نتائج المصالحة الأفغانية والحوار مع حركة طالبان إلى جانب تأثيرات الوضع الأمني والخلافات داخل معسكرات المرشحين. كذلك يحضر تراجع الاهتمام الشعبي بما ستسفر عنه الانتخابات لأسباب عدة.
ويُعدّ ملف المصالحة الأفغانية، تحديداً الحوار بين واشنطن و"طالبان"، من أسباب ضعف الحملة الانتخابية، مع إحراز تقدم كبير في المفاوضات، في ظلّ بروز تفاؤل بالوصول إلى اتفاق.
في هذا السياق، كتب المبعوث الأميركي الخاص للمصالحة الأفغانية، زلماي خليل زاد، بعد وصوله إلى العاصمة القطرية الدوحة يوم الجمعة الماضي، في تغريدة له على "تويتر"، أن "طالبان" أعطت الضوء الأخضر للتوقيع على الاتفاقية وأننا مستعدون بدورنا لأن نوقع عليها.
في المقابل، قال المتحدث باسم المكتب السياسي لـ"طالبان" في الدوحة سهيل شاهين، في حديث له مع وسائل إعلام أفغانية، إن الحوار بين واشنطن والحركة وصل إلى مرحلة نهائية وسيتم التوقيع على الاتفاقية خلال الأيام المقبلة. من هنا، فإن المصالحة عموماً والتحسن الملحوظ في الحوار بين الطرفين، مع اتفاقهما على انطلاق الحوار الأفغاني ــ الأفغاني، أثّر على الحملة الانتخابية. وبطبيعة الحال من الضروري إكمال مسيرة مشروع المصالحة وتشكيل حكومة مؤقتة تشمل جميع الأطراف، وفق رأي الشرائح السياسية والشعبية.
ولعل هذا الأمر تحديداً ما كان يقوله كرزاي، عبر إشارته إلى الوجود الأميركي، الذي رافق ولايتيه الرئاسيتين، غير أن مراقبين يرون أن كرزاي يستغل الفرصة من أجل انتقاد الوجود الأميركي في أفغانستان، لأن إجراء الانتخابات سيُشكّل عقبة كبيرة في وجه تنفيذ أي اتفاقية قد تبرم بين الأطراف الأفغانية عقب نجاح عملية الحوار بين "طالبان" وواشنطن. وهذا ما يراه حكمتيار، الذي يتوقع تشكيل حكومة جديدة خلال ثلاثة أشهر، على الرغم من كونه أحد المرشحين الرئاسيين.
اقــرأ أيضاً
في السياق، يقول الكاتب عبد الملك ثاقب، في حديث مع "العربي الجديد"، إن السبب الأساسي وراء ضعف الحملة وعدم وجود مظاهرها في الشوارع، هو المصالحة، لأن الشعب برمته يتطلع إلى نتائج عملية الحوار، كونه لم يرَ فرصة لنجاح تلك العملية كما هي اليوم، بعد موافقة الولايات المتحدة على سحب قواتها، العقبة الرئيسية في وجه المصالحة الأفغانية، وبعد موافقة "طالبان" على التفاوض مع الحكومة أو على الأقل بعض قيادات الحكومة بصفتهم أعضاء فريق التفاوض. ويضيف ثاقب أن المصالحة ألقت بظلالها وبكل قوة على الحملة الانتخابية شعبياً وسياسياً، موضحاً أن هذه الأيام حساسة، ومؤكداً في الوقت نفسه أنه بظهور أي عقبة في وجه عملية السلام، أو تراجع أي طرف عن العملية، ستتغيّر الأحوال وستكون الحملة أقوى.
على العكس من ذلك يرى معسكر غني، الأوفر حظاً في الرئاسيات، أن الانتخابات حتمية ولا بدّ منها، وأن الحملة الانتخابية على ما يرام، مؤكداً أن الوضع في أفغانستان يتطلب المضي قدماً في ترسيخ أنظمة الديمقراطية بدلاً من اللجوء إلى حكومات مؤقتة، إذ كلما شُكّلت تتبعها حروب أهلية.
ويشرح مصدر في الرئاسة الأفغانية لـ"العربي الجديد" أن من ضمن مطالب الرئيس الأفغاني الأساسية أثناء المباحثات مع خليل زاد عدم اللجوء إلى الحكومة المؤقتة، بالتالي هناك خياران على حد وصف ذلك المصدر، إما إجراء الانتخابات وفق الجدول المحدد، أو إرجاؤها على أن يتم تمديد فترة الحكومة الحالية إلى موعد تتفق عليه الأطراف. وهو ما كان ربما قد أشار إليه غني عند إطلاق حملته قائلاً سأكون رئيساً للجمهورية حتى يتم إجراء الانتخابات وتعيين خلف لي.
أيضاً من الأسباب الرئيسية في المطالبة بتأجيل الانتخابات، التصعيد الأمني غير المسبوق، وسقوط الكثير من المدنيين ضحايا. وبالإضافة إلى تصعيد "طالبان" هجماتها في مختلف الأقاليم المختلفة، فقد شهدت العاصمة كابول هجمات كبيرة جداً، كان آخرها الهجوم الدموي على مكتب أمر الله صالح، الذي أدى إلى مقتل 22 شخصاً. والخطير أن هذا الهجوم وما سبقه، لم تتبناه أي جهة، ما يُثير المخاوف من إمكانية وجود جهة ثالثة تقوم بإرباك الوضع لأهداف مجهولة، من بينها عرقلة عملية الانتخابات. وتلك الجهات قد تكون محلية أو دولية، لأن تشكيل الحكومة المؤقتة وإرجاء الانتخابات يصبّ في صالح هؤلاء ويتماشى مع أجنداتهم.
ويبرز سبب آخر يفسّر ضعف الحملات الانتخابية، فقد ارتفع منسوب الخلافات الداخلية في معسكرات المرشحين، تحديداً في أبرز معسكر يتوقع أن ينافس غني، وهو تيار مستشار أمنه السابق محمد حنيف أتمر. وظهرت تباينات بين أتمر ونائبه محمد يونس قانوني بشأن تعديل الدستور ونظام الحكم إن فاز الرجل. وكان التوافق بين الشخصيتين ينص على أن يتم الإعلان عن ذلك يوم انطلاق الحملة فضلاً عن الإعلان عن النية لاستحداث منصب رئيس الوزراء على أن يكون المرشح له الأمين العام للجمعية الإسلامية، محمد عطاء نور، أحد المقرّبين من قانوني، غير أن أتمر خالف ذلك، وبسبب ذلك الخلاف لم يتمكن من إطلاق حملته الانتخابية بعد.
وأخيراً، فإن الكثير من الأفغان غارقون في الفقر، والمتضررون جراء الحروب المستمرة وبصورة أو أخرى يرون أن لا جدوى من الانتخابات، لأنها قد لا تغيّر الحالة الأمنية بحسب رأيهم، ويرون أنه لم يفز بالرئاسة إلا أن من تواطأ مع واشنطن. كما يخشون من حدوث مشكلة مماثلة لما جرى عام 2013، عندما وقعت أزمة بين الرئيس الأفغاني أشرف غني وبين الرئيس التنفيذي عبد الله عبد الله، المنافسين في المرحلة الأخيرة من الانتخابات الرئاسية آنذاك، بعدها حُلت المشكلة بواسطة وزير الخارجية الأميركية في ذلك جون كيري، وتم تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الحالية.
اقــرأ أيضاً
وتبرز أسباب عدة تفسر هشاشة وضعف الحملة، يمكن تلخيصها بالغموض حول هذه العملية من جهة في ظل تباين الآراء حول إمكانية إجرائها في موعدها أو تأجيلها، فضلاً عن ترقب نتائج المصالحة الأفغانية والحوار مع حركة طالبان إلى جانب تأثيرات الوضع الأمني والخلافات داخل معسكرات المرشحين. كذلك يحضر تراجع الاهتمام الشعبي بما ستسفر عنه الانتخابات لأسباب عدة.
ويُعدّ ملف المصالحة الأفغانية، تحديداً الحوار بين واشنطن و"طالبان"، من أسباب ضعف الحملة الانتخابية، مع إحراز تقدم كبير في المفاوضات، في ظلّ بروز تفاؤل بالوصول إلى اتفاق.
في هذا السياق، كتب المبعوث الأميركي الخاص للمصالحة الأفغانية، زلماي خليل زاد، بعد وصوله إلى العاصمة القطرية الدوحة يوم الجمعة الماضي، في تغريدة له على "تويتر"، أن "طالبان" أعطت الضوء الأخضر للتوقيع على الاتفاقية وأننا مستعدون بدورنا لأن نوقع عليها.
في المقابل، قال المتحدث باسم المكتب السياسي لـ"طالبان" في الدوحة سهيل شاهين، في حديث له مع وسائل إعلام أفغانية، إن الحوار بين واشنطن والحركة وصل إلى مرحلة نهائية وسيتم التوقيع على الاتفاقية خلال الأيام المقبلة. من هنا، فإن المصالحة عموماً والتحسن الملحوظ في الحوار بين الطرفين، مع اتفاقهما على انطلاق الحوار الأفغاني ــ الأفغاني، أثّر على الحملة الانتخابية. وبطبيعة الحال من الضروري إكمال مسيرة مشروع المصالحة وتشكيل حكومة مؤقتة تشمل جميع الأطراف، وفق رأي الشرائح السياسية والشعبية.
ولعل هذا الأمر تحديداً ما كان يقوله كرزاي، عبر إشارته إلى الوجود الأميركي، الذي رافق ولايتيه الرئاسيتين، غير أن مراقبين يرون أن كرزاي يستغل الفرصة من أجل انتقاد الوجود الأميركي في أفغانستان، لأن إجراء الانتخابات سيُشكّل عقبة كبيرة في وجه تنفيذ أي اتفاقية قد تبرم بين الأطراف الأفغانية عقب نجاح عملية الحوار بين "طالبان" وواشنطن. وهذا ما يراه حكمتيار، الذي يتوقع تشكيل حكومة جديدة خلال ثلاثة أشهر، على الرغم من كونه أحد المرشحين الرئاسيين.
في السياق، يقول الكاتب عبد الملك ثاقب، في حديث مع "العربي الجديد"، إن السبب الأساسي وراء ضعف الحملة وعدم وجود مظاهرها في الشوارع، هو المصالحة، لأن الشعب برمته يتطلع إلى نتائج عملية الحوار، كونه لم يرَ فرصة لنجاح تلك العملية كما هي اليوم، بعد موافقة الولايات المتحدة على سحب قواتها، العقبة الرئيسية في وجه المصالحة الأفغانية، وبعد موافقة "طالبان" على التفاوض مع الحكومة أو على الأقل بعض قيادات الحكومة بصفتهم أعضاء فريق التفاوض. ويضيف ثاقب أن المصالحة ألقت بظلالها وبكل قوة على الحملة الانتخابية شعبياً وسياسياً، موضحاً أن هذه الأيام حساسة، ومؤكداً في الوقت نفسه أنه بظهور أي عقبة في وجه عملية السلام، أو تراجع أي طرف عن العملية، ستتغيّر الأحوال وستكون الحملة أقوى.
على العكس من ذلك يرى معسكر غني، الأوفر حظاً في الرئاسيات، أن الانتخابات حتمية ولا بدّ منها، وأن الحملة الانتخابية على ما يرام، مؤكداً أن الوضع في أفغانستان يتطلب المضي قدماً في ترسيخ أنظمة الديمقراطية بدلاً من اللجوء إلى حكومات مؤقتة، إذ كلما شُكّلت تتبعها حروب أهلية.
ويشرح مصدر في الرئاسة الأفغانية لـ"العربي الجديد" أن من ضمن مطالب الرئيس الأفغاني الأساسية أثناء المباحثات مع خليل زاد عدم اللجوء إلى الحكومة المؤقتة، بالتالي هناك خياران على حد وصف ذلك المصدر، إما إجراء الانتخابات وفق الجدول المحدد، أو إرجاؤها على أن يتم تمديد فترة الحكومة الحالية إلى موعد تتفق عليه الأطراف. وهو ما كان ربما قد أشار إليه غني عند إطلاق حملته قائلاً سأكون رئيساً للجمهورية حتى يتم إجراء الانتخابات وتعيين خلف لي.
ويبرز سبب آخر يفسّر ضعف الحملات الانتخابية، فقد ارتفع منسوب الخلافات الداخلية في معسكرات المرشحين، تحديداً في أبرز معسكر يتوقع أن ينافس غني، وهو تيار مستشار أمنه السابق محمد حنيف أتمر. وظهرت تباينات بين أتمر ونائبه محمد يونس قانوني بشأن تعديل الدستور ونظام الحكم إن فاز الرجل. وكان التوافق بين الشخصيتين ينص على أن يتم الإعلان عن ذلك يوم انطلاق الحملة فضلاً عن الإعلان عن النية لاستحداث منصب رئيس الوزراء على أن يكون المرشح له الأمين العام للجمعية الإسلامية، محمد عطاء نور، أحد المقرّبين من قانوني، غير أن أتمر خالف ذلك، وبسبب ذلك الخلاف لم يتمكن من إطلاق حملته الانتخابية بعد.
وأخيراً، فإن الكثير من الأفغان غارقون في الفقر، والمتضررون جراء الحروب المستمرة وبصورة أو أخرى يرون أن لا جدوى من الانتخابات، لأنها قد لا تغيّر الحالة الأمنية بحسب رأيهم، ويرون أنه لم يفز بالرئاسة إلا أن من تواطأ مع واشنطن. كما يخشون من حدوث مشكلة مماثلة لما جرى عام 2013، عندما وقعت أزمة بين الرئيس الأفغاني أشرف غني وبين الرئيس التنفيذي عبد الله عبد الله، المنافسين في المرحلة الأخيرة من الانتخابات الرئاسية آنذاك، بعدها حُلت المشكلة بواسطة وزير الخارجية الأميركية في ذلك جون كيري، وتم تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الحالية.