تُشكّل مدينة تطوان، مسقطُ رأس الفنان المغربي يونس رحمون (1975)، مناخات أساسيةً في أعماله المفاهيمية التي تأثرت بعمارتها وبتراثها الصوفي، حيث يزاوج بين حالة الامتثال التي يعيشها الإنسان ضمن تأمله وتعبّده، وبين البيت الذي يحاكي في تصميمه تجسيداً مادياً لتلك العلاقة الروحانية.
"عوالم صغيرة، تركيبات معقدة" عنوان معرضه الجديد الذي افتُتح في كلية فنون التصيم التابعة لـ "جامعة فرجينيا كومنولث" في الدوحة عند السادسة من مساء اليوم الخميس، ويتواصل حتى العشرين من الشهر المقبل بمشاركة القيّمة لورا بارلو من "المتحف العربي للفن الحديث".
يحتوي المعرض على ثلاثة أعمال تشكّل متوالية يشير إليها رحمون في تقديمه بقوله: "تنشأ كل قطعة من أعمالي في شكل من أشكال التأمل الذي يحدث قبل إنتاجها، وخلاله وحتى بعد الإنتاج، كتجربة حسية للمشاهد. تشكل هذه القطعة بالنسبة إلي، موضوعاً للتأمل، وآمل أن يكون هذا هو حال المشاهد أيضاً".
تستند هذه التجربة إلى أعماله السابقة ومنها "غرفة" الذي استوحى هندستها من غرفته الموجودة تحت أدراج سلّم البيت، مستخدماً وسائط متعدّدة من تركيب وفيديو وأداء في توظيف جملة رموز وممارسات مثل التكرار والتعزيز والتركيز واتجاه تركيباته نحو مكة أو استعمال الضوء الأخضر ضمن دلالاته في الموروث الديني.
يقارب رحمون في سلسلة متوالياته عدداً من المفاهيم، حيث قدّم في "تسبيح" الأرقام ضمن حضورها في دائرة المقدّس مثل الرقم سبعة، وفي "مركب" يصمم تسعة وتسعين قارباً تحيل إلى الأسماء الحسنى، أما في "زهرة - زجاج" فيبحث في تشكيلات النبتة وتفرعاتها التي تتوهج بزجاجات نور ذي لون واحد، حيث ترتفع قبة علّق في سقفها سبعاً وسبعين منحوتة زجاجية على شكل أزهار صغيرة مضاءة تمثل سبعاً وسبعين شعبة للإسلام داخل شكل هرمي مثمن الأضلاع، وتكون الجدران عبارة عن مرايا.
يقوم الفنان ببحث نظري وبصري قبل الشروع بالعمل، ولا تقتصر تجربته على إعادة إنتاج العناصر والتكوينات ذات البعد الإسلامي، ففي العديد من أعماله تظهر مؤثرات تنتمي إلى الحضارات الإغريقية والرومانية والبيزنطية والتي تشترك في العديد من رؤاها الفلسفية تجاه الكون والإنسان والوجود.