واليوم يعيد قطاع غزة، في ذكرى يوم الأرض، الاعتبار أولاً وقبل كل شيء لحق العودة بإعلان مسيرة العودة ونصب الخيام على امتداد السياج الحدودي لتبدو فلسطين الأولى، أرض مولد عشرات آلاف اللاجئين في القطاع، على مرمى حجر أو لربما على مسافة "فركة كعب".
في يوم الأرض، تأتي مسيرة العودة لتذكر من نسي بأن العودة حق مقدس لأهل الأرض، وأصحاب البيت. فمن بين هؤلاء من لا ينسى بئره الأولى ولا مسقط رأسه، وهم يقفون بالمرصاد لمن يريدون لهم، لنا، أن ننسى ونتنازل، هكذا كباردة حسن نية، عن حقنا في العودة إلى بيوتنا، من أسدود إلى البصة وإقرث وبرعم... بل إن بعض هؤلاء يبدون كرماً فوق كرم فلا يستحون من أن يعلنوا عند سؤالهم في وسائل الإعلام الإسرائيلية عن أثر عودة اللاجئين على مصير من حلوا في بيوتهم أصحاب بيت وحولوهم إلى أغراب، أنه لا يمكن إصلاح غبن تاريخي بغبن جديد، داعين إلى البحث عن تسوية توفيقية "لا يموت فيها الذئب ولا يفنى الغنم"!
إعلان مسيرة العودة في يوم الأرض، هو الخطوة الأولى الأهم في السنوات الأخيرة، ولو على مستوى الوعي والذاكرة في وجه محاولات تصفية القضية الفلسطينية لصالح صفقة القرن. إنها خطوة تخشى إسرائيل من تداعياتها على الوعي الدولي العام قبل خشيتها من تداعياتها الأمنية المباشرة عليها. وهي تدرك أن المسيرة ستكون أكبر شاهد ومذكَر للعالم بحجم النكبة الفلسطينية وبحجم معاناة من يعيشون تحت الحصار منذ عشر سنوات، وعلى مسافة "خبط العصا" عن قراهم وبيوتهم، يرونها بعيونهم لكنهم لا يقدرون على العودة إليها.
مسيرة العود الفلسطينية ومخطط نصب الخيام يصيب إسرائيل في الصميم، يقتلع ويهدم عروش شرعيتها الدولية المستمدة من قرار التقسيم إياه، لكنها في الوقت نفسه تؤكد زيف مقولة الصهيونية التاريخية أرض بلا شعب لشعب بلا أرض. فإذا كان اليهود جاؤوا من مختلف أصقاع الأرض إلى فلسطين بوحي "وعد إلهي" مدعى، فإن أهل فلسطين ينتظرون على عتبات بيوتهم ليعودا إليها، وليس أفضل للعودة من موعد سوى يوم الأرض.