يناير 2015.. هل من جديد؟

24 يناير 2015
+ الخط -

عام جديد، وبأي جديد عدت يا عيد؟ لا جديد.

البعض متفائل بالعام الجديد. وهناك من يعتقد أنه سيكون أفضل من 2014 المليء بالكوارث وبالكآبة والدم والظلم. وهناك من يتمنى أو يأمل، وهذا حقه. وهناك من يفرط في التفاؤل والتوقعات ويتحدث عن حل سياسي وانفراجة وسلام أهلي واستقرار، وهذا حقه أيضا. وهناك من يتحدث أن عام 2015 هو عام مختلف أو أقل دموية، وهذا حقه. ولكنني للأسف غير متفائل ولا أرى أي جديد.. وهذا حقي.

لا يوجد أي مبعث للتفاؤل، ولا يبدو العام الجديد أن به أي جديد، ولا أتوقع أن يختلف 2015 كثيرا عن 2014، بل سيكون 2015 امتدادا واستكمالا لكوارث 2014.

لن تكون هناك انفراجة، ولا إفراجات، ولا مصالحة مع الشباب، ولا حوار. لن يثور السيسي على نظامه الفاسد، كما توقع أو تمنى الأستاذ هيكل. ولن يستمع السيسي لأي نصيحة من أي شخص عاقل أو حتى براجماتي، ولن يثور على الفساد. ولن تتوقف صراعات الأجهزة على المصالح وعلى السيطرة. ولن يكون هناك وزراء ذوو كفاءة أو محافظون من خارج المؤسسة العسكرية أو خارج المنظومة القديمة. لن يتم تعيين (أي شخص بيفهم) في أي منصب تنفيذي. ستستمر نفس معايير الاختيار الموروثة من نظام مبارك. سيستمر نظام مبارك في الحكم بنفس أسلوبه.. لا جديد.

لا يوجد أي جديد يدفع السيسي نحو التفكير العقلاني، ولا يوجد ما يدفعه نحو السلم الأهلي أو رفع المظالم أو وقف الانتهاكات. رغم كل كوارثه، لا يزال لديه تأييد شعبي، ولا يزال لديه إعلام منافق، ومعارضة مستأنسة، وجهات أمنية تقول له كله تمام. وهل مَنْ حوله أجهزة سيادية فاسدة تمده بتقارير فاسدة يفكر في أي إصلاح أو سلام أهلي؟ وهل من عيّن مستشاريه من عيّنة فايزة أبو النجا أو أحمد جمال الدين، يمكن أن تنتظر منه أي خطوة ذكية؟ لا أتوقع أن يغير السيسي أي سياسة من سياساته، بل أتوقع منه المزيد من البطش والغرور والاستبداد والظلم... يا فرعون إيه فرعنك.

ولا أتوقع أيضا أن يغير الإخوان من أسلوبهم، ولن يفكروا بطريقة أكثر عملية. سيستمر الإخوان في نفس الخطاب، ونفس الشعارات، ونفس الأداء.. مرسي راجع، والانقلاب يترنح، والانقلاب سينكسر.

لن يعترف الإخوان بأن "داعش" حقيقي وليس تضخيما إعلاميا، أو أنه يرتكب مذابح حقيقية، ولن يعترفوا بأن داعش يسيء للإسلام بأفعاله ويتسبب في موجات كراهية ضد الإسلام والمسلمين، ولن يعترفوا بأن أفعال من ينتسبون للإسلام السياسي ومن يروجون لوهم الخلافة هو ما يدفع كثيرا من الشباب إلى الابتعاد عن الدين، وهو ما يدفع الآخرين إلى كراهية الإسلام، وهو ما يعطي المتطرفين من الغرب المزيد من الحجج والمبررات.

لن يعترف شباب الثورة بالأخطاء أيضا، ولن تتوقف نميمة التخوين فيما بينهم، ولن يعتذر شخص لشخص آخر ظلمه في يوم من الأيام أو قال عنه ما ليس فيه، ولن يغير شباب الثورة من بعض أساليب العمل التي ثبت فشلها، أو تعديل الخطاب الذي أصبح مكروها شعبيا أو غير مفهوم بالنسبة للبسطاء، ولن يتم توحيد الجهود وتكاملها وتنظيمها، ولن يتم تجديد الفعاليات أو البحث عن أشكال مبتكرة للضغط أو الوصول إلى الناس.

حتى 25 يناير القادم لا أتوقع فيه أي جديد، سيرفع الإخوان شعاراتهم المنفرة والتي تجعل الآخرين يرفضون التعامل معهم أو الانضمام إليهم، وستظل المجموعات الشبابية تتناقش وتختلف حتى يوم 24 يناير إلى أن تقرر وقفة ومؤتمرا، وسيستغل الأمن بعض التفجيرات التي سينفذها بعض الإرهابيين أو بعض الهواة أو بعض المجانين حتى يقمع الجميع.. سيتكرر نفس مشهد العام الماضي، ستطلق الشرطة والجيش النار على الجميع قبل بدء أي وقفات أو مظاهرات، وسيسقط أبرياء، جنود بسطاء غلابة سيقتلهم إرهابي متطرف مجنون، ومتظاهرون شباب نقي خرج ليعبر عن رأيه بسلمية، سيقتلهم ضابط شرطة أو جيش أحمق لا يختلف عن أي إرهابي أحمق.

لم أكن يوما من المتشائمين، بل إن كل من يعرفني سيتعجب؛ لأنني دوما من دعاة التفاؤل وزرع الأمل وتشجيع المبادرات والابتكار والأفكار غير التقليدية، وكل ما يبدو كأفكار مجنونة في البداية.

كم أتمنى أن أكون مخطئا، بسبب تشاؤمي لهذا العام، ولكن ما الجديد حتى الآن؟

النظام نفس النظام، والعسكر هم نفس العسكر، وكل الأطراف لم تتغير، ولكن ماذا عن الشباب؟
هل نستطع تطوير خطابنا؟ هل سنكمل تراكمية العمل؟ هل سنختار خطابا يتوافق مع المزاج الشعبي؟ هل سننجح في اختراق الحصار الأمني والتعتيم الإعلامي؟

هل سننجح في إنشاء بنية ثقافية وقواعد شعبية تؤمن بالديمقراطية وأهميتها للتطوير والتقدم؟ هل سننجح في أن نقنع الناس بأن الاستبداد أو الحكم العسكري، وكذلك التطرف الديني، لن يقودنا إلا إلى الخراب؟... أتمنى.
----------- 

تابعونا  #ثورات_تتجدد 

دلالات
المساهمون