استمع إلى الملخص
- **شروط روسيا وأوكرانيا للمفاوضات:** بوتين يشترط انسحاب القوات الأوكرانية من المقاطعات الأربع التي ضمتها روسيا عام 2022، بينما كييف مستعدة للتفاوض دون شرط مسبق بالانسحاب الروسي الكامل.
- **الضغوط الداخلية والخارجية على أوكرانيا:** كييف تواجه ضغوطاً من الغرب لإنهاء الحرب، ومعنويات الأوكرانيين تتأثر سلباً بسبب القصف المستمر. زيلينسكي لمح إلى استعداده للتفاوض مع روسيا لأول مرة منذ بدء الحرب.
في وقت تتزايد الأحاديث في وسائل الإعلام وأوساط المحللين السياسيين عن قرب انطلاق العملية التفاوضية بين موسكو وكييف لإنهاء الحرب المستمرة في أوكرانيا منذ قرابة عامين ونصف العام، لا يرى الكرملين حتى الآن وجود تربة للحوار البناء، إذ أكد الناطق الرسمي باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف أنه لا محددات لمفاوضات السلام مع أوكرانيا، موضحاً أن موسكو ترصد "إشارات غير واضحة" ولا تعلم مدى واقعيتها.
وقال بيسكوف في تصريح لصحيفة إزفيستيا شبه الرسمية الروسية، أوردته في عددها الصادر اليوم الجمعة: "حتى الآن لا مادة محددة للمفاوضات. هناك إشارات غير واضحة لا نعلم بمدى واقعيتها. هل يسري حظر لنظام كييف على إجراء أي مفاوضات معنا؟ لا محددات".
ومع ذلك، نقلت "إزفيستيا" عن مصادر مطلعة قولها إنّ بعض الأوساط في كييف تريد الجلوس إلى طاولة المفاوضات بسبب استنزاف القوات الأوكرانية، بينما لا تزال روسيا معنية بتسوية الأزمة بطريقة دبلوماسية والبحث عن حلول مع مراعاة دستورها وحقوق السكان الناطقين باللغة الروسية، إذ أوضح مصدر مطلع أنّ "هناك إدراكاً لرغبة بعض الأوساط في أوكرانيا بالجلوس إلى طاولة المفاوضات".
من جهته، قال مصدر رفيع لـ"إزفيستيا": "أكدنا مراراً أننا مستعدون لتسوية الوضع على طاولة المفاوضات، ونحن معنيون بذلك. لكن فقط مع الالتزام بالدستور الروسي. كل ما ورد فيه ثابت وغير قابل للتغيير"، في إشارة إلى إدراج مقاطعات دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا وخيرسون الواقعة في الشرق الأوكراني ضمن قائمة الكيانات الإدارية الروسية ضمن دستور البلاد.
وأضاف المصدر ذاته: "مثلما كان الأمر عليه أثناء مفاوضات إسطنبول (في نهاية مارس/ آذار 2022)، تهمنا حقوق السكان الناطقين باللغة الروسية في أوكرانيا في استخدام اللغة الروسية. هناك أهمية لجوانب أخرى كانت كييف قد وافقت عليها يوماً"، وزعم أن "روسيا لم تطمع يوماً في أراضي أوكرانيا، ولم تخطط للاستيلاء على كييف"، معتبراً أن "كل ما يجري الآن هو ضمان لأمننا نحن وأمن المواطنين الناطقين باللغة الروسية".
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد حدد خلال لقاء مع قيادة وزارة الخارجية الروسية، في منتصف يونيو/ حزيران الماضي، انسحاب القوات الأوكرانية من المقاطعات الأربع التي ضمتها روسيا بشكل أحادي الجانب عام 2022، شرطاً لوقف إطلاق النار في أوكرانيا وبدء المفاوضات، بينما أصدرت كييف في الفترة الأخيرة هي الأخرى إشارات لاستعدادها للتفاوض من دون وضع شرط مسبق بالانسحاب الروسي الكامل من الأراضي الأوكرانية.
مستشار الرئيس الأوكراني: الاتفاق مع روسيا هو صفقة مع الشيطان
إلى ذلك، قال ميخايلو بودولياك مستشار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنّ توقيع اتفاق مع روسيا لوقف الحرب على أوكرانيا سيكون أشبه بتوقيع صفقة مع الشيطان، في خضم تصاعد الضغوط على البلاد للسعي إلى إنهاء أكثر من عامين من القتال. وأضاف بودولياك خلال مقابلة مع وكالة أسوشييتد برس، أمس الخميس، أنّ الاتفاق سيمنح بوتين وقتاً لتعزيز جيشه وبدء فصل آخر أكثر عنفاً في الحرب.
ولدى سؤاله عن احتمالات التوصل إلى اتفاق سلام من أجل كييف، التي تخوض قواتها حرب استنزاف دامية مع قوات موسكو في شرق أوكرانيا: "إذا كنت تريد توقيع اتفاق مع الشيطان، الذي سيجرك بعد ذلك إلى الجحيم، حسناً، فافعل، هذه هي روسيا.. إذا وقّعت أي شيء اليوم مع روسيا، (فهي بذلك) لن تخسر الحرب ولن تتحمل مسؤولية قانونية عن الجرائم الجماعية، فهذا يعني أنك وقعت لنفسك تذكرة لمواصلة الحرب على نطاق مختلف، مع خصوم آخرين، مع عدد مختلف من القتلى والمعذبين".
وجهة النظر تلك يعتنقها معسكر زيلينسكي وتنعكس على نطاق واسع بين الأوكران. لكنها تواجه أيضاً تياراً متزايداً من الضغوط الغربية، حيث تستمر كييف في مواجهة ظروف صعبة على خط المواجهة ضد جيش موسكو الأكبر والأفضل تجهيزاً، علاوة على عدم يقين بشأن مستوى الدعم السياسي المستقبلي من الولايات المتحدة، أقرب حليف لأوكرانيا.
عناء الحرب على ما يبدو ينال هو الآخر من معنويات الأوكران، الذين يعانون من القصف المستمر وانقطاع الكهرباء وفقدان ذويهم، إذ خلص استطلاع للرأي أجراه معهد كييف الدولي لعلم الاجتماع أن عدد الأوكرانيين المعارضين للتنازلات الإقليمية لروسيا مقابل السلام آخذ في التراجع، حيث انخفض إلى 55% في يوليو/ تموز الجاري، مقارنة بـ74% في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
ولمّح زيلينسكي إلى استعداده للتفاوض مع روسيا لأول مرة منذ بدء الحرب عام 2022، واقترح أن ترسل موسكو وفداً لقمة السلام العالمية المقبلة، والتي من المتوقع أن تعقد في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. لكن بودولياك أصرّ على أن إبرام اتفاق الآن لن يفضي سوى لتأخير المزيد من العنف. وقال: "نعم، يمكن أن يكون تجميداً للصراع لفترة ما، لكن هذا يعني أن الاتحاد الروسي سيعمل على تصحيح أخطائه وتطوير جيشه.. إن دولة معتدية لم تأت إلى أراضي أوكرانيا كي توقع اتفاق سلام.. هذا هراء".