يمنيون يتهربون من الحجر الصحي... تحايل على الإجراءات الاحترازية يهدد بتفشي كورونا

06 ابريل 2020
تحايل العائدين إلى اليمن يهدد بنشر كورونا (العربي الجديد)
+ الخط -
يخشى الدكتور عبد الحكيم الكحلاني، المتحدث الرسمي باسم اللجنة الفنية لمكافحة الأوبئة في صنعاء والتابعة لحكومة الحوثيين، تحايل العائدين عبر المنافذ البرية بين السعودية واليمن، إذ إن التهرب من الحجر الصحي الذي أقامته السلطات المحلية لمواجهة فيروس كورونا المستجد، قد يتسبب بكارثة للبلد في ظل تدمير نصف البنية التحتية الصحية على يد التحالف السعودي الإماراتي، منذ بدء الحرب في 26 مارس/آذار 2015، كما يقول.

ولم تسجل اليمن حتى تاريخ 6 إبريل/نيسان، أي حالة إصابة بفيروس كوفيد - 19 المنتشر عالميا، لكن التحايل على إجراءات الحجر الصحي قد يتسبب بكارثة صحية، إذ رصد المصور الصحافي في مؤسسة الثورة الحكومية، فؤاد الحرازي لدى عودته في 20 مارس/آذار من محافظة ذمار التي تبعد 100 كيلومتر عن مكان إقامته في صنعاء، 14 يمنيا مرحلا من السعودية، كانوا معه على متن حافلة أقلتهم حتى العاصمة بعد إبراز البطاقات الشخصية للنقاط الأمنية، إذ أخفوا جوازات السفر، وادعوا بأنهم قادمون من ذمار.

ورغم إعلان الخطوط الجوية اليمنية، تعليق رحلاتها ابتداء من الساعة الثانية عشرة من منتصف ليل 17 مارس الماضي وفق ما جاء على صفحتها الرسمية على "فيسبوك"، إلا أن كثيرا من الواصلين عبرها وعبر منفذي شحن الحدودي مع سلطنة عمان، والوديعة الحدودي مع السعودية، قبل ذلك الموعد، تهربوا من الحجر الصحي، ومنهم أحمد سعيد (اسم مستعار، خشية انكشاف أمره) والذي وصل من مصر إلى مطار عدن الدولي قبل موعد إلغاء الرحلات الجوية بساعات، وفق تأكيده لـ"العربي الجديد"، مضيفا أنه وصل إلى صنعاء في 20 مارس الماضي، من دون خضوعه للحجر الصحي الذي فرضته الحكومة التابعة لجماعة الحوثي في مناطق سيطرتها والمحدد بـ 14 يوما.

واستكملت الحكومة التابعة للحوثيين تجهيز 47 مركزا للحجر في 11 محافظة من أصل 13 محافظة يمنية تخضع لسيطرتها، وبسعة استيعابية 5160 شخصا، بحسب مدير إدارة الحجر الصحي في وزارة الصحة، الدكتور ماجد عتيق، والذي قال: "استخدمنا مدارس وفنادق ومراكز صحية ومستشفيات في الحجر الصحي"، مضيفا أنه تم تخصيص 18 مستشفى لعزل المحتمل إصابتهم بفيروس كورونا.





574 خرقاً للحجر الصحي

تمكن سعيد من العودة إلى صنعاء ضمن 574 حالة رصدتها اللجنة الفنية المشتركة لمكافحة الأوبئة التابعة لوزارة الصحة، من خلال كشوف رحلات طيران اليمنية إذ يوجد تنسيق غير رسمي ما بين قيادات في وزارة صحة حكومة صنعاء، واليمنية التي يوجد مركزها الرئيسي في العاصمة.

وجاءت الحالات السابقة من دول موبوءة بفيروس كورونا، واستطاعوا الوصول إلى منازلهم خلال الفترة من 13 حتى 27 مارس/آذار الماضي، من دون أن يخضعوا للفحوصات أو الحجر الصحي الوقائي، ويبلغ عدد العائدين من دول موبوءة بالفيروس خلال الفترة ذاتها 3916 شخصا، منهم 2305 يخضعون للحجر الصحي في مراكز الوزارة، بينما تم إغلاق ملفات 334 عائدا خضعوا للحجر في منازلهم تحت إشراف لجان الاستجابة السريعة.

وتلقت غرفة العمليات في وزارة الصحة 707 بلاغات من المواطنين وعقّال الحارات عبر الرقم المجاني 195 الذي خصصته للإبلاغ عن أشخاص لم يخضعوا لإجراءات الحجر ممن لم ترصدهم اللجان المختصة في غرفة عمليات الصحة، وعقب الإبلاغ عن أي حالة مشتبه بها، تباشر لجان الاستجابة السريعة الانتقال إلى المكان بحسب ما قاله نائب رئيس الفريق المركزي للاستجابة السريعة بوزارة الصحة الدكتور محمد قيران.

وتمكنت اللجان التابعة لمكتب الصحة في أمانة العاصمة، من الوصول إلى 34 شخصا من المتهربين، وأجبرتهم على دخول الحجر الصحي في أحد الفنادق بصنعاء، وفق ما قاله الدكتور مطهر المروني مدير المكتب، وتابع: "اللجان المشتركة (صحية وأمنية) تعمل على التقصي ومتابعة بقية المتهربين، ولا يتخذ أي إجراء حاليا بحقهم سوى وضعهم في الحجر الصحي".

وبلغ عدد من وضعوا في الحجر الصحي في محافظة إب الخاضعة للحوثيين، (193 كيلومترا جنوبي العاصمة)، حتى مساء 27 مارس، 58 شخصا جميعهم قادمون من مصر والأردن والسعودية والهند عبر محافظات عدن وحضرموت والمهرة، بحسب تأكيد الدكتور عبد الله السماوي، مدير مكتب الصحة في إب، والذي تابع في إفادته لـ"العربي الجديد"، توجد 10 نقاط أمنية وصحية مشتركة في منافذ المحافظة لتفحص الوافدين وحجر العائدين من خارج البلد، مشيراً إلى تخصيص فندقين للحجر الصحي عبر مكتب الصحة في المحافظة، وأن هناك خطة لاستئجار مبان أخرى في حال ارتفاع أعداد الأشخاص القادمين من بلدان أصابها فيروس كورونا.

لكن العائدين من خارج اليمن يهربون من الحجر الصحي خوفا من أن يكون مزدحما، ما قد يعرضهم للإصابة بفيروس كورونا أو لعدم وجود رعاية طبية، فضلا عن الهروب من أي نفقات شخصية بحسب ما قاله أحدهم وهو أحمد سعيد.

لكن الدكتور السماوي يؤكد أنهم وفروا المحاجر في فنادق محافظة إب وسط البلاد والتغذية مجانا، وغرفةً خاصة لكل شخص وجناحا خاصا لكل أسرة، لافتا إلى أن طواقم الصحة بمحافظته دشنت إجراءات الحجر الصحي للعائدين من خارج اليمن ابتداء من 17 مارس الماضي.




تحايل على النقاط المشتركة

يبدي طه المتوكل وزير صحة الحكومة التي يسيطر عليها الحوثيون مخاوفه في حال وصول فيروس كورونا إلى اليمن، إذ قد يحتاج عدد كبير من اليمنيين للعلاج، في ظل أن عدد الأسرّة في مشافي البلاد لا يزيد عن 1500 سرير، بعد تدمير 2477 مرفقا صحيا جزئيا أو كليا جراء الحرب، بنسبة 50% من إجمالي المرافق الصحية بالبلاد، وفق ما قاله أمام مجلس النواب التابع للحوثيين في 4 إبريل الجاري.

ويجري التحايل على اللجان الأمنية والصحية المشتركة التي شكلتها حكومة الحوثيين في مناطق سيطرتهم من خلال إبراز بطاقة الهوية، بدل جواز السفر، وفق ما وثقه معد التحقيق مع حالتين ليمنيين وصلوا إلى العاصمة صنعاء من دون خضوعهم لأي فحص أو عزل صحي، ضمن الإجراءات الاحترازية التي أعلنتها الحكومة عند تفشي كورونا في عدة دول من الشرق الأوسط، ويذكر أحمد سعيد، والذي استخدم وسيلتي نقل خلال رحلته من عدن إلى صنعاء، أن السيارة الأولى نقلته من عدن إلى مديرية الحوبان في محافظة تعز (261 كيلومترا جنوبي صنعاء) الخاضعة لسيطرة الحوثيين، والأخرى نقلته إلى صنعاء مروراً بمحافظتي إب وذمار كما يقول، مضيفا أنه دفع إلى جانب خمسة مسافرين قدموا معه من مصر 120 ألف ريال يمني (200 دولار أميركي)، وتكفل السائق بنقلهم إلى صنعاء من دون أن يخضعوا لإجراءات اللجان الصحية الخاصة بفيروس كورونا، رغم أن تكلفة النقل من تعز إلى صنعاء لا تتجاوز 10 دولارات للراكب الواحد. وتابع"السائق طلب منا إخفاء جوازات السفر وإظهار البطاقات فقط، حتى يمكننا المرور بسلام".



سعيد ورفاقه أخبروا نقاط التفتيش الأمنية والصحية على خط (تعز إب وذمار وصولا إلى صنعاء) بأنهم قادمون من عدن، بعد أن قصدوها لاستخراج جوازات سفر من دون علمهم المسبق بتوقيف إصدارهن من سلطات عدن.

ويتشابه تحايل أحمد سعيد ورفاقه مع ما قام به الثلاثيني صالح محمد (اسم مستعار، خشية من انكشاف أمره) والذي عبر منفذ شحن الحدودي مع سلطنة عمان، ومن ثم تجاوز كل نقاط الإجراءات الاحترازية لكورونا الخاصة بحكومة صنعاء، مستخدما سيارته الخاصة التي قدم بها من سلطنة عمان، مؤكدا أنه تمكن من تجاوز المنفذ بعد أن احتجز لدى السلطات العمانية وتأكدهم من خلوه من الفيروس.

وبحسب صالح فقد تمكن من عبور منفذ شحن الساعة العاشرة من مساء 16 مارس الماضي قبل إغلاق المنفذ بساعتين من مغادرته أي الساعة الواحدة صباح 17 مارس الماضي، قائلا: "أخفيت جواز سفري وأظهرت للجان الأمنية والصحية الهوية الوطنية، أخبرتهم أني قادم من مدينة شحن التي ادعيت أني سافرت إليها من صنعاء منذ يومين بغرض شراء سيارة".

وأجاب سعيد على سؤال معد التحقيق عن إمكانيات عودة القادمين من الخارج عبر محافظتي حضرموت، ومأرب شرقي اليمن التي تسيطر عليها قوات الحكومة الشرعية، من دون الخضوع للحجر الصحي، قائلا: "يمكن ذلك عبر استخدام مركبات تابعة لتجار السيارات بصنعاء والتي يستقدمونها من منفذ شحن الحدودي مع سلطنة عمان، مع إخفاء الجواز وإظهار البطاقة الوطنية والادعاء بأنهم كانوا في مهمة تجارية لجلب سيارات".

ما قاله سعيد وصالح يؤكده الدكتور السماوي، والذي حذر من عدم إخبار النقاط الأمنية والصحية بأن المسافرين جاؤوا من الخارج، بهدف تجاوز الإجراءات وعدم خضوعهم لفترة الحجر، مؤكدا أنهم يعملون حاليا مع الأجهزة الأمنية على تشديد التفتيش والرقابة وأخذ من يتم الإبلاغ عنه من قبل المواطنين إلى المحاجر.




ويعد التحايل على اللجان الصحية والأمنية بالمنافذ عملا غير مسؤول وينم عن نقص الوعي بحجم المخاطر التي ستلحق بالمجتمع اليمني، بحسب ما يقوله نائب رئيس الفريق المركزي للاستجابة السريعة بوزارة الصحة الدكتور محمد قيران، والذي أضاف أن اللجنة الفنية المشتركة في وزارة الصحة تناقش إمكانية إصدار قرار يحدد عقوبات رادعة كغرامة مالية أو حبس لمدة ثلاثة أشهر لمن يثبت تحايله على إجراءات الحجر الصحي.

أزمة عودة المعتمرين

يتخوف الدكتور الكحلاني من عزم السعودية إعادة المعتمرين والمغتربين ممن دخلوا السعودية بشكل رسمي وغير رسمي عبر منفذ الوديعة في حضرموت، مؤكدا أن العائدين عليهم الالتزام بالإجراءات الاحترازية، حتى لا يتسببوا بكارثة إذا كان بعضهم مصاباً بالفيروس، خاصة أن اليمن خالية منه حتى الآن، وفق ما أكده الدكتور قيران.

لكن طارق القرشي، الوكيل المساعد لقطاع الحج والعمرة بوزارة الأوقاف التابعة للحكومة الشرعية، يرد على تلك المخاوف بالقول: "قرار الحكومة قضى بعدم عودة أي مسافر إلى اليمن من الخارج حتى تستكمل وزارة الصحة إجراءاتها الاحترازية للعائدين في المنافذ المختلفة"، وربط عودة المعتمرين، بمدى إنجاز وزارة الصحة في حكومته لمراكز الحجر الصحي بالمنافذ واستعداداتها للإجراءات الاحترازية التي تساهم في منع دخول الفيروس لليمن قائلا لـ"العربي الجديد": "عدد المعتمرين يتراوح ما بين 150 إلى 160 معتمرا، ولا توجد إجراءات لإعادتهم في الوقت الراهن حتى أن وزارة الحج السعودية مددت تأشيراتهم".