■ ما الذي يشغلك هذه الأيام؟
- تشغلني إعادة قراءة محاورات أفلاطون، وقد استجمعت نصوص المدوّنة الأفلاطونية بثلاث لغات (العربية، والفرنسية والإنكليزية)؛ وذلك تحضيراً للبدء في كتابة كتاب عن فلسفة أفلاطون. إذ تعوّدت قبل خوض تجربة الكتابة عن فيلسوف ما، الابتداء بقراءة متنه، مع الاحتراس من قراءة أية دراسة عنه في لحظة تعاملي المباشر مع المتن؛ وتلك قاعدة أحرص دائماً على التقيّد بها.
■ ما هو آخر عمل صدر لك؟
- هو كتاب "دفاعاً عن السوفسطائيين" عن "مركز نماء" هذا العام، وقد حاولت فيه تجديد النظر إلى السوفسطائية بوصفها نبتةً من داخل حقل التفلسف الإغريقي، بلورتْ ما أسميه "نمط العقل العملي"، وأن ذلك هو الذي يجعلني أشكك في موقف شيشيرون الوارد في كتابه "مجادلات توسكالن" حيث قال بأنَّ "سقراط أول من دعا الفلسفة للنزول من السماء، للإقامة في المدن، والدخول حتى إلى البيوت، وفرض عليها دراسة الحياة، والأخلاق"؛ إذ بالنظر إلى نمط التفكير السوفسطائي، فإنَّه يصح لنا معارضة شيشرون بالقول إنَّ فاعل هذا التنزيل حقّاً هم من سبقوا سقراط من السوفسطائيين أمثال بروتاغوراس وجورجياس وبروديقوس...
■ هل أنت راض عن إنتاجك ولماذا؟
- لست راضيا عن كتاباتي جميعها، بل أنا من الذين إذا انتهوا من خطِّ كتاب ونشره، أخذوا في استشعار ما قاله القاضي البيسانيّ "إني رأيتُ أنه لا يكتب أحد كتاباً في يومهِ إلا قال في غَدِهِ: لو غيّرَ هذا لكان أحسن ولو زيد هذا لكان يُستحَسن، ولو قُدّم هذا لكان أفضل ولو تُرك هذا لكان أجمل. وهذا أعظم العبر وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر".
■ لو قيّض لك البدء من جديد، أي مسار كنت ستختار؟
- المسار الذي انتهجته، وخاصة في السنوات الخمس السابقة، هو كتابة سلسلة تاريخ الفكر الفلسفي الغربي، التي أصدرت منها سبعة أجزاء. أرى أن الفكر الفلسفي الغربي لم يُدرس في اللغة العربية بما يستحق من دقة وتوسّع ورؤية نقدية.
■ ما هو التغيير الذي تنتظره أو تريده في العالم؟
- أمَلي أن تتطوّر الأنساق الثقافية العالمية بحيث تصير الشعوب أكثر تسامحاً في قبول بعضها البعض، وأن يكون رابطها هو التعارف لا التحارب.
■ شخصية من الماضي تود لقاءها، ولماذا هي بالذات؟
- الشخصية التي أود لقاءها من فلاسفة الماضي هو أبو البركات بن ملكا البغدادي، إذ أعتقد أنه من أكثر الفلاسفة العرب تميّزاً وإبداعاً، ولكن للأسف لم يعط حقه من الدرس والبحث.
■ صديق يخطر على بالك أو كتاب تعود إليه دائماً؟
- ثمة كتاب أعود إليه مراراً وهو "تجديد التفكير الديني في الإسلام" لـ محمد إقبال.
■ ماذا تقرأ الآن؟
- أقرأ كتاباً لـ بول ريكور "مسارات الاعتراف". وبالمناسبة أرى ريكور أفقاً فلسفياً مهماً لم يستنفد ثراؤه بعد. بل يصح القول بأنه - بالإضافة إلى ليفيناس - معبَر مهم إلى إدراك إشكالات العقل الفلسفي المعاصر.
■ ماذا تسمع الآن وهل تقترح علينا تجربة غنائية أو موسيقية يمكننا أن نشاركك سماعها؟
- التجربة الغنائية التي أقترح مشاركتكم لي في سماعها هي تجربة "ناس الغيوان"، نصوصها الغنائية دالة جداً، وكثير منها مستمد من التراث الصوفي.
بطاقة: من مواليد مدينة طنجة عام 1967. حاصل على شهادة الدكتوراه في الفلسفة (2002). صدر له 12 كتاباً: "مشكلة الثقافة" (1992)، "قضايا في الفكر الإسلامي المعاصر" (2002)، "مقاربات ورؤى في الفن" (2007)، "نقد الليبرالية" (2007)، "في دلالة الفلسفة وسؤال النشأة (2012)، "الفلسفة ما قبل السقراطية، الفلسفة الملطية" (2013)، "في ماهية الرواية" (2013)، "فيثاغور والفيثاغورية، بين سحر الرياضيات ولغز الوجود" (2014)، "هيراقليط فيلسوف اللوغوس" (2015)، "كزينوفان والفلسفة الإيلية" (2016)، "أفول التفلسف الأيوني" (2016)، "دفاعاً عن السوفسطائيين" (2017).