وفاة جورج زريق تغضب اللبنانيين: اعتصام أمام وزارة التربية ضدّ ابتزاز المدارس
"اقلب الأمور رأساً على عقب كما وعدتنا عندما تسلمت الوزارة، احكِ الأمور كما هي وساعدنا، جُلّ ما نتمناه هو ألا يكون هناك جورج زريق ثانٍ وثالث وأن تقوم بإصلاحات جذرية كي يكون جورج ضحّى غالياً من أجل لبنان"، قال شكري زريق شقيق الراحل جورج زريق لوزير التربية أكرم شهيب من أمام الوزارة عبر مكبرات الصوت، خلال الاعتصام الصامت الذي دعا إليه اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمر في المدارس الخاصة صباح اليوم الاثنين.
شكري زريق رفض مقابلة الوزير وحده، فلبّى الأخير الدعوة لمقابلة الناس الموجوعة والمتظاهرة في الشارع. وقال زريق: "قضية التعليم ليست قضية جورج وحده، بل قضية شعب متعب". وتحدثت في الاعتصام فيكي زوين عن حزب "سبعة".
وجورج زريق هو أب لطفلين، أحرق نفسه يوم الجمعة الماضي في باحة مدرسة بكفتين في قضاء الكورة شمالي لبنان، لعجزه عن سداد الأقساط المتراكمة عليه، وما لبث أن فارق الحياة متأثراً بحروقه. وعلى الأثر أطلقت الدعوات عبر وسائل التواصل الاجتماعي للمشاركة باعتصام اليوم تنديداً بسياسة الحكومة ووزارة التربية الداعمة للمدارس الخاصة التي تستنزف أهالي الطلاب من دون رادع.
وحاول بعض الشبان المعتصمين اليوم دخول وزارة التربية ومنهم الناشط محمد نصولي الذي كتب منذ يومين عبارة جورج شهيد على حائط الوزارة، فواجههم عناصر الدرك بالعنف والضرب والشتائم، ونقلوا إلى مستشفى رفيق الحريري الحكومي. وضُرب نصولي بسلاح قوى الأمن على خاصرته وعُطبت يده اليسرى، وفي تلك الأثناء تعالت هتافات استنكارية موحدة "جورج ضحية فسادهم، عيب يا عسكر عيب".
— طلعت ريحتكم YouStink (@YouStinkLeb) ١١ فبراير ٢٠١٩ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
— طلعت ريحتكم YouStink (@YouStinkLeb) ١١ فبراير ٢٠١٩ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
أشار المتحدث باسم المرصد الشعبي لمحاربة الفساد، هادي المنلا لـ"العربي الجديد" إلى أنه لبّى مع زملائه الدعوة للاعتصام لمطالبة الوزارة بالقيام بدورها التعزيزي للتعليم الرسمي، ومساءلة جميع الأطراف السياسية التي تعاقبت على حقيبة وزارة التربية عمّا فعلوه من خطط لدعم الأهل في مواجهة إدارات مؤسسات التعليم الخاص. وقال: "مطلبنا واضح، ففي قانوننا مواد تمنع ابتزاز الإدارة للطلاب وأهاليهم، ومع قصص كقصة جورج نعلم أن الابتزاز يحصل خاصة مع وجود إعفاءات ضريبية تقدمها وزارتنا للمدارس الخاصة، كونها تقدم خدمة عامة!".
كما تناول ما حدث من اعتداء على المتظاهرين، قائلا: "المفاجئ هو طريقة تعاطي قوى الأمن مع الشباب الغاضب الذي حاول الدخول إلى وزارة التربية بدل استيعاب غضبهم والاستماع إليهم. انهالوا عليهم بالضرب والشتائم الشوارعية والإهانات الشخصية في طريقة تدل على أن تعاطي قوى الأمن هو تعاط بدائي غير مدرب وغير مؤهل وعنيف".
وقال الناشط السياسي فؤاد سلامة لـ"العربي الجديد" إن "المسيرات والاعتصامات والوقفات في الشارع هي وسائل ضغط، والمشاركة فيها هي عادة محدودة، وهدفها بالأغلب إعلامي. أما لتحقيق نتائج يجب أولاً أن تكون في لبنان حكومات تستجيب لحركة الشارع وهذا مستبعد جداً في المدى المنظور، وثانياً يجب أن تكون هناك اجتماعات تحضيرية تسبق أي تحرك يراد له أن يشكل وسيلة ضغط فعالة. وهذا يتطلب تنسيقاً حقيقياً بين المكونات الأساسية للمعارضة حالياً وهي الحزب الشيوعي وحزب سبعة وقوى الحراك المدني منها طلعت ريحتكم، بيروت مدينتي، المرصد الشعبي، إصلاح النظام، وتنسيقية العمل المشترك في حال صلّبت عودها".
وخلص إلى القول إن "مشهد المعارضة موحدة في تحركاتها يُغيّر صورتها في الرأي العام وعند الأكثرية الصامتة، ويعطي دفعاً معنوياً كبيراً ويغري الناس بالمشاركة مع الوقت، ومن دون تلك الجمعة (التجمع) سيبقى التحرك ضعيفاً، مفككاً ومتشرذماً، يحبط المعارضين الكثيرين، ويجعلهم يحجمون عن تضييع وقتهم في حركة بلا بركة، وجعجعة من دون طحين كما يردد المهتمون".
وردا على سؤال عن مطالب المتظاهرين اليوم، قال: "هل يمكننا أن نتخيل رئيس حكومتنا يجتمع مع قادة المعارضة للتباحث في همومهم ومطالبهم؟ الشعب يريد تغييراً ما من دون شك. هناك مطالب كثيرة للناس، ومنهم النخب المثقفة، النخب الاجتماعية والاقتصادية، والطبقة الوسطى، ورجال الأعمال أيضاً. هؤلاء يعانون مثل سائر المواطنين من انسداد الأفق، ومن انكماش الاقتصاد، ومن عدم توفر السيولة والقروض بفوائد معقولة. وهم يعانون من تلوث الهواء والطعام وتدمير البيئة، ويعانون من غلاء الكهرباء والخدمات والإنترنت البطيء".
كما عبّر الناشط رمزي أبو اسماعيل، وهو مستقل، عن يأسه لـ"العربي الجديد" فقال: "علينا الاعتراف أن هناك نحو ألف شخص كحد أقصى خارج عن المنظومة، لكن بشكل عام الجميع داخل المنظومة. وهي منظومة التبعية الطائفية حيث لا هوية وطنية لنا. للأسف هذا هو لبنان الحقيقي، تابع ومقسم على طوائف. أغلبنا يبكي على ظلم أب أو ابن، لكننا لا نتحرك لأننا نخاف من أن يسيطر علينا الآخر الذي يشاركنا الألم نفسه والخوف منا أيضاً".
أما رياض بو فخر الدين، من مجموعة "لحقي" وهو من أصدقاء الشباب الذين تعرضوا للضرب، قال مستنكراً: "لا أعلم لما كل ذلك العنف على غضبنا، إن الموت المأساوي لجورج قلّب مواجع الفقراء وفتح أبواب معاناة اللبنانيين في قطاع التعليم على مصراعيه، فإنفاق الأهل على أقساط المدارس الخاصة في لبنان هو الأعلى بين متطلبات حياة أي عائلة لبنانية بعد الإستشفاء، والمطلوب حوار وكسر حواجز الخوف بين جميع اللبنانيين للوصول إلى وحدة معارضة قوية ثابتة".