23 أكتوبر 2024
وظيفة ثقافية للمدن العربية
مجموعة العمل الثقافي للمدن العربية "كيان" جديد تابع لمنظمة المدن العربية، أقرّ مؤتمرها العام السابع عشر في المنامة، قبل أيام، إنشاءه، ليضاف إلى المؤسسات الست التابعة للمنظمة، والعاملة في مجالات البيئة وتكنولوجيا المعلومات وإنماء المدن والتراث وصندوق التنمية وجائزة المنظمة، على أن يكون مقر المؤسسة الثقافية الجديدة في عمّان.
تأسست منظمة المدن العربية في مارس/ آذار من العام 1967، ويبلغ عدد أعضائها نحو 400 مدينة، من البلدان العربية كافة، وتتخذ من الكويت مركزاً لها، فيما تتوزع مؤسساتها على كل من: دبي، تونس، الرياض، عمّان وبيروت. وقد سعت المنظمة، في العقود الماضية، إلى تعميق أدوار الحكم المحلي للبلديات، بما ينعكس إيجابياً على تنمية المدينة العربية، وتنمية مجتمعاتها، وعايشت بالضرورة المراحل الحرجة والانثناءات التاريخية التي عبرها العالم العربي في النصف الثاني من القرن العشرين، والواضح أنها نجحت في تخطيها، لتبقى حاضرة ومؤثرة، وتشهد اليوم توسعاً في دورها، مع توسع أدوار الحكم المحلي على امتداد قارات العالم المختلفة.
لم يكن العمل الثقافي على جدول أعمال المنظمة سابقاً، ما يعني أنها اليوم تفتح باباً جديداً واسعاً للمشاركة في التنمية، من زاوية الثقافة، وليس غريباً أن تقوم المنظمة بهذه الخطوة الآن، بينما تعيش مجتمعاتنا العربية أزمة ثقافية خانقة، أنتجت هذه الفوضى والتطرّف والانقسام الطائفي والقبلي داخلها، وليس غريباً أن تقوم المنظمة بهذه الخطوة، وهي التي تنتظم فيها تلك المؤسسات التي من واجبها الاتصال مباشرة بالمجتمعات والعناية بتفاصيل حياتها اليومية، أي البلديات.
قالت مجموعة العمل الثقافي للمدن العربية، في أعمال المؤتمر المشار إليه، إنها ستعمل على وضع استراتيجية عربية للتنمية الثقافية، وجذب الشباب العرب إلى الاندماج في التنمية الثقافية، بمعناها السلوكي والقيمي والمعرفي، والاتصال الدولي والإقليمي والعربي بالمؤسسات ذات العلاقة بالعمل الثقافي لخدمة المدن العربية ثقافياً، وتوثيق الصلات وتعزيز التعاون فيما بين المدن الأعضاء، من خلال تبادل الأفكار والبرامج والزيارات المتخصصة بين المدن الأعضاء، وبناء قاعدة بيانات ثقافية عربية ومتابعتها وتفعيلها وتحديثها، وتوفير مرجعيةٍ عربيةٍ لتقديم الاستشارات والمعلومات المتعلقة بالتنمية الثقافية، للمدن الأعضاء.
هكذا، يُفترض أن تسعى مجموعة العمل الثقافي، الجديدة، إلى تنشيط الدور الثقافي للمدن والبلديات العربية، ليكون رافعةً أساسيةً لتنمية القيم السلوكية في مجتمعاتها، في موضوعات مثل احترام القانون والفضاء العام وبناء علاقات إيجابيةٍ بين الأفراد، متجاوزةً بذلك الفهم التقليدي للعمل الثقافي في العالم العربي، الذي ظل، تاريخياً، يتمحور حول واحد أو أكثر مما يلي:
1- رعائي: أي يقوم على رعاية المثقفين ودعمهم مالياً، ويسلط الضوء على منجزاتهم وإبداعاتهم، وينقل أعمالهم خارج الحدود، فيُحرز لهم شهرةً من جهة، ويستثمرهم في إيجاد صورة أكثر زهواً للبلاد في الخارج، من جهة ثانية.
2- دعائي: يهتم بتكريس الواقع القائم أياً كان، في بعديه الاجتماعي والسياسي، ولا يعترف بأي حاجةٍ للتطوير، ما يحوّل العمل الثقافي ميداناً لتنفيع الموالين، والتضييق على المخالفين.
3- ترفيهي: يتعاطى مع الثقافة باعتبارها مجالاً للترويح عن النفوس، وإعدادها للانخراط في "العمل الجاد" (!) في الميادين الأخرى التي لا يكون ميدان الثقافة واحداً منها بالطبع. تكون الثقافة، بهذا المعنى، زينة إضافية تكمل مشاهد العمل، وليس ثمة ضير من غيابها.
والحال أننا اليوم في حاجة إلى فهم تنموي للثقافة، بل لا بد أن يتمثل أهم أدوار الثقافة في التنمية الثقافية للمجتمعات؛ إذ ليس مقبولاً أن تتطور بلادنا عمرانياً ورياضياً واقتصادياً، بينما ترتد مجتمعاتنا ثقافياً إلى التوتر وثقافة العنف، وإلى قيم الفساد البنيوي التي تحول دون الانتقال من "مظاهر" التطور، كانتشار التعليم، إلى جوهره متمثلاً بتحضّر السلوك الاجتماعي في العمل، أو في العلاقات بين الناس.
على أن صياغة استراتيجية عربية ناجعة للتنمية الثقافية تتطلب، أولاً، تعديل فهمنا للثقافة، ليصير معناها ذلك المضمون القيمي الذي يصنع السلوك، بدلاً من "العمل الإبداعي الذي يعبّر فيه المثقف عن نفسه"، كما هو حاصل حالياً. بكلماتٍ أخرى، علينا أن نفهم الثقافة، وفق ما يقول عنها تعريف شائع: "إنها ما نتذكّره عندما ننسى كل شيء".
تأسست منظمة المدن العربية في مارس/ آذار من العام 1967، ويبلغ عدد أعضائها نحو 400 مدينة، من البلدان العربية كافة، وتتخذ من الكويت مركزاً لها، فيما تتوزع مؤسساتها على كل من: دبي، تونس، الرياض، عمّان وبيروت. وقد سعت المنظمة، في العقود الماضية، إلى تعميق أدوار الحكم المحلي للبلديات، بما ينعكس إيجابياً على تنمية المدينة العربية، وتنمية مجتمعاتها، وعايشت بالضرورة المراحل الحرجة والانثناءات التاريخية التي عبرها العالم العربي في النصف الثاني من القرن العشرين، والواضح أنها نجحت في تخطيها، لتبقى حاضرة ومؤثرة، وتشهد اليوم توسعاً في دورها، مع توسع أدوار الحكم المحلي على امتداد قارات العالم المختلفة.
لم يكن العمل الثقافي على جدول أعمال المنظمة سابقاً، ما يعني أنها اليوم تفتح باباً جديداً واسعاً للمشاركة في التنمية، من زاوية الثقافة، وليس غريباً أن تقوم المنظمة بهذه الخطوة الآن، بينما تعيش مجتمعاتنا العربية أزمة ثقافية خانقة، أنتجت هذه الفوضى والتطرّف والانقسام الطائفي والقبلي داخلها، وليس غريباً أن تقوم المنظمة بهذه الخطوة، وهي التي تنتظم فيها تلك المؤسسات التي من واجبها الاتصال مباشرة بالمجتمعات والعناية بتفاصيل حياتها اليومية، أي البلديات.
قالت مجموعة العمل الثقافي للمدن العربية، في أعمال المؤتمر المشار إليه، إنها ستعمل على وضع استراتيجية عربية للتنمية الثقافية، وجذب الشباب العرب إلى الاندماج في التنمية الثقافية، بمعناها السلوكي والقيمي والمعرفي، والاتصال الدولي والإقليمي والعربي بالمؤسسات ذات العلاقة بالعمل الثقافي لخدمة المدن العربية ثقافياً، وتوثيق الصلات وتعزيز التعاون فيما بين المدن الأعضاء، من خلال تبادل الأفكار والبرامج والزيارات المتخصصة بين المدن الأعضاء، وبناء قاعدة بيانات ثقافية عربية ومتابعتها وتفعيلها وتحديثها، وتوفير مرجعيةٍ عربيةٍ لتقديم الاستشارات والمعلومات المتعلقة بالتنمية الثقافية، للمدن الأعضاء.
هكذا، يُفترض أن تسعى مجموعة العمل الثقافي، الجديدة، إلى تنشيط الدور الثقافي للمدن والبلديات العربية، ليكون رافعةً أساسيةً لتنمية القيم السلوكية في مجتمعاتها، في موضوعات مثل احترام القانون والفضاء العام وبناء علاقات إيجابيةٍ بين الأفراد، متجاوزةً بذلك الفهم التقليدي للعمل الثقافي في العالم العربي، الذي ظل، تاريخياً، يتمحور حول واحد أو أكثر مما يلي:
1- رعائي: أي يقوم على رعاية المثقفين ودعمهم مالياً، ويسلط الضوء على منجزاتهم وإبداعاتهم، وينقل أعمالهم خارج الحدود، فيُحرز لهم شهرةً من جهة، ويستثمرهم في إيجاد صورة أكثر زهواً للبلاد في الخارج، من جهة ثانية.
2- دعائي: يهتم بتكريس الواقع القائم أياً كان، في بعديه الاجتماعي والسياسي، ولا يعترف بأي حاجةٍ للتطوير، ما يحوّل العمل الثقافي ميداناً لتنفيع الموالين، والتضييق على المخالفين.
3- ترفيهي: يتعاطى مع الثقافة باعتبارها مجالاً للترويح عن النفوس، وإعدادها للانخراط في "العمل الجاد" (!) في الميادين الأخرى التي لا يكون ميدان الثقافة واحداً منها بالطبع. تكون الثقافة، بهذا المعنى، زينة إضافية تكمل مشاهد العمل، وليس ثمة ضير من غيابها.
والحال أننا اليوم في حاجة إلى فهم تنموي للثقافة، بل لا بد أن يتمثل أهم أدوار الثقافة في التنمية الثقافية للمجتمعات؛ إذ ليس مقبولاً أن تتطور بلادنا عمرانياً ورياضياً واقتصادياً، بينما ترتد مجتمعاتنا ثقافياً إلى التوتر وثقافة العنف، وإلى قيم الفساد البنيوي التي تحول دون الانتقال من "مظاهر" التطور، كانتشار التعليم، إلى جوهره متمثلاً بتحضّر السلوك الاجتماعي في العمل، أو في العلاقات بين الناس.
على أن صياغة استراتيجية عربية ناجعة للتنمية الثقافية تتطلب، أولاً، تعديل فهمنا للثقافة، ليصير معناها ذلك المضمون القيمي الذي يصنع السلوك، بدلاً من "العمل الإبداعي الذي يعبّر فيه المثقف عن نفسه"، كما هو حاصل حالياً. بكلماتٍ أخرى، علينا أن نفهم الثقافة، وفق ما يقول عنها تعريف شائع: "إنها ما نتذكّره عندما ننسى كل شيء".