وسطيو العراق: مستهدفون من الأجهزة الأمنيّة.. والمسلّحين

11 نوفمبر 2014
تشكيك بولاء الوسطيين في العراق (شون سميث/Getty)
+ الخط -

يختلف مفهوم الوسطية في العراق عن مفهومه، في بلدان أخرى، إذ انّ الوسطي هو الشخص الذي ينأى بنفسه عن الانضمام إلى المجموعات المسلّحة والأجهزة الأمنيّة، في آنٍ معاً. وقد يبتعد الوسطي في العراق عن الطرفين لعدم إيمانه بأهدافهما وسلوكهما الاجتماعي، أو خوفاً من أي منهما، في حال انضم إلى صفوف الآخر، ليختار لنفسه خطاً وسطاً بحثاً عن الأمن.

وعلى الرغم من ذلك، لم يستطع الوسطي في العراق أن ينأى بنفسه عن مشاكل البلاد، فأصبح محلّ تشكيك بالولاء من قبل الأجهزة الأمنيّة ومن قِبل العناصر المسلّحة، ليكون هدفاً للطرفين. ويعيش الكثير من العراقيين هذا الواقع في العديد من المناطق، وتحديداً في مناطق حزام بغداد، وهي أبو غريب والتاجي والطيفيّة والطارميّة والرضوانيّة، وغيرها من المناطق ذات الغالبية السنّية.

ويشكو أهالي تلك المناطق من "ظلم" الأجهزة الأمنيّة، المدعومة من ميليشيات أمعنت فيهم قتلاً وخطفاً واعتقالات وتنكيلاً، فضلاً عن حصار خانق وإذلال على الحواجز الأمنيّة. ويقول أحد أهالي أبو غريب لـ"العربي الجديد"، إنّ "الأجهزة الأمنيّة قست علينا أكثر من المجموعات المسلّحة، على الرغم من أنّها تعلم أنّنا لن ننضم لأيّ من الجهتين"، مضيفاً: "نعيش تحت وطأة الذلّ، فأبناؤنا يقبعون في السجون، وفرص العمل في مناطقنا معدومة، كما أنّنا لا نستطيع الخروج منها لأنّ الأجهزة الأمنيّة تفرض علينا حصاراً وحظراً للتجوال خمسة أيام في الأسبوع". ويشير إلى أنّ "حالنا هذه ليست جديدة، لكنّها تفاقمت هذه الفترة مع اقتراب عناصر داعش من مناطقنا".

من جهته، يعتبر عضو "ائتلاف العربية" طلال الزوبعي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "الوسطية الآن غير مقبولة في العراق، فإما أن تكون مع الحشد الشعبي والحكومة أو مع داعش"، مؤكّداً أنّ "الواقفين على الحياد لا أحد يقبل بهم"، وأنّ "أهالي حزام بغداد كلّهم واقفون على الحياد، لذا فإنّ وضعهم سيبقى مأسوياً". ويشير الى أنّ "أبناء هذه المناطق لا يقاتلون داعش ولا الأجهزة الحكوميّة"، لافتاً إلى أنّ "الحكومة ترفع شعار من لم يكن معي فهو ضدي".

وفي موازاة انتقاده "السياسات الحكوميّة الضاغطة على المواطنين بشكل كبير"، يذهب الزوبعي إلى أبعد من ذلك بالقول إنّ "المشروع الأميركي في العراق ينطلق من أنّ العراقيين يجب أن يكونوا ثلاثة، إما بشمركة، أو مليشيات، أو داعش، ولا حل وسط".

وفي الإطار ذاته، تنتقد عضو الكتل الكردستانية شايان محمد طاهر، نهج الحكومة إزاء تلك المناطق، وتشير في حديث لـ"العربي الجديد"، الى أنّ "أبناء المحافظات الشماليّة والجنوبيّة يعيشون حياة مختلفة عن المحافظات الوسطى". وترى أنّ "السياسات التي تتعامل بها الأجهزة الأمنيّة مع المناطق الوسطيّة هي سياسات (رئيس الوزراء السابق نوري) المالكي"، داعية الحكومة إلى "تغيير تلك السياسات التي سيكون لها نتائجها السلبيّة على المواطنين وعلى الواقع العراقي بشكل عام". كما تشدّد على أهميّة "الاعتراف بأنّ العراق يضمّ مكوّنات عدّة، ويجب تحقيق درجة من المواطنة لكلّ مكوّناته".

يُذكر أن مناطق حزام بغداد تُعدّ من أكثر المناطق التي تشهد تردياً أمنياً على مدى سنوات عدة، فلا يكاد يمرّ يوم واحد، إلا وتُسجّل فيه أعمال عنف، ما بين قتل وخطف وتفجير، على الرغم من الوجود الكبير للأجهزة الأمنيّة فيها.

المساهمون