وزير بريطاني: حلّ وحيد يخرج لبنان من أزمته الاقتصادية

23 يوليو 2020
حكومة لبنان أمام خيارات صعبة وسط أزمة خانقة (حسين بيضون/العربي الجديد)
+ الخط -

قام الوزير البريطاني لشؤون الشرق الأوسط جايمس كليفرلي بزيارة افتراضية إلى لبنان، ناقش فيها الأهداف الاقتصادية والأمنية المشتركة، وتحدث عن الأزمة التي يمرّ بها لبنان وتأثيرها الكبير على الشعب اللبناني، مشيراً الى أنّ الوضع سيتجه نحو الأسوأ في حال عدم قيام الدولة اللبنانية بالإصلاحات المطلوبة منها حيث أن التغيير الحقيقي هو الحلّ الوحيد للخروج من الأزمة.

وشكّلت هذه الزيارة فرصة للاطّلاع على حد قول كليفرلي بشكل مباشر على كيفية تطبيق الشراكة طويلة الأمد للمملكة المتحدة مع لبنان من خلال قطاعات التعليم والأمن والدعم الإنساني، وتوفير فرص اقتصادية بلغت قيمتها 200 مليون دولار أميركي في العام 2019. 

وقد شدّد الوزير البريطاني على الدور الريادي الذي تطلع به المملكة المتحدة في إيجاد لقاح لفيروس كورونا، على إثر القمة العالمية للقاح التي عقدت في يونيو/حزيران الماضي وجمعت 8.8 مليارات دولار أميركي لدعم الجهود العالمية لمكافحة الفيروس. كما فاقت استجابة المملكة المتحدة أكثر من مليوني دولار أميركي للمساعدة على مواجهة فيروس كورونا في لبنان.

ووزعت السفارة البريطانية لدى لبنان اليوم الخميس، مقالاً كتبه الوزير البريطاني جايمس كليفرلي، جاء فيه أنه "نظراً إلى سمعة الضيافة اللبنانية المعروفة، أشعر بالخيبة لأنّي لم أتمكّن من زيارة البلد شخصيّاً منذ تعييني وزيراً لشؤون الشرق الأوسط في المملكة المتحدة في وقت سابق من هذا العام. ففي أشهر قليلة حوّل فيروس كورونا العالم، وها نحن نعتاد بحذر على "الوضع الطبيعي الجديد". لكنني مسرور لأنّني تمكّنت من استخدام التكنولوجيا للقيام بهذه "الزيارة الافتراضية" إلى لبنان لكنّ تناول الطاووق والتبّولة على الغداء بينما أحاور بالفيديو الزملاء في بيروت كان طعمه أطيب مع البحر الأبيض المتوسط في خلفية الصورة!".

وأضاف الوزير البريطاني: "ساعدتني زيارتي على تعميق فهمي للتحدّيات الهائلة التي يواجهها الشعب اللبناني في هذه الاوقات. أثناء الحوارات التي تناولت الموضوع الاقتصادي، لمست مباشرةً مدى تأثير الأزمة على أن هذه الأزمة في حياة المواطنين العاديّين. كما اطلعت من العاملين في كلّ من القطاع الإنساني والتعليمي والأمني على الآثار الملموسة للأزمة. وتبقى المملكة المتحدة شريكة للبنان وصديقة للشعب اللبناني. ففي العام الماضي، قدّمنا الدعم لـ 200 شركة لبنانية صغيرة ومتوسطة الحجم، وساعدنا في التحاق 488 ألف طالب بالقطاع التعليمي، وقدمنا 39 مليون دولار مباشرة للمجتمعات اللبنانية وأكثر بكثير من ذلك. كما أنّ العلاقات بين الشعبين، من تجارة ثنائية إلى طلاب لبنانيين يدرسون في المملكة المتحدة، ما زالت كلها تنمو عبر السنين".

وتابع مقاله: "نحن الشركاء الأكثر فخراً بالجيش اللبناني كونه المدافع الشرعي الوحيد عن لبنان، فقد درّبنا 11 ألف جنديّ، وساعدنا على ضبط أمن الحدود السورية للمرة الأولى. فشراكتنا الهامّة ساعدت على دعم الجيش اللبناني في إخراج تنظيم داعش من لبنان. كما أنّنا نعمل مع قوى الأمن الداخلي على تحسين قدراتها لا سيما في ضبط الأمن المجتمعي في بيروت. ثم طرأت جائحة كوفيد19. أمّنت الاستجابة السريعة للمملكة المتحدة أكثر من مليوني دولار لمكافحة جائحة كوفيد هنا في لبنان. وعلينا أن نتابع العمل معًا لمواجهة هذا المرض الرهيب".

وأشار الوزير البريطاني الى أنّ الأزمة اللبنانية التي تواجه لبنان بالتأكيد هي غير مسبوقة بحجمها. لكنّ المملكة المتحدة تبقى ملتزمةً في دعمها الجيش اللبناني والقوى الأمنية، وسوف تعمل على حماية المواطنين الأكثر ضعفاً". لافتاً الى أن "حجم الأزمة كبير جدّاً وليس فيه إلاّ حلّ واحد لبنان بحاجة إلى تغيير حقيقي. وفي ظلّ غياب الإصلاحات، إنّ الأزمة سوف تسوء لا محالة. نحن جاهزون لدعم لبنان على هذه الطريق، لكن في النهاية لا بدّ من وجود حلّ لبنانيّ تدعمه إرادة سياسية صادقة. وكما قال زميلي الفرنسي الوزير لودريان الأسبوع الماضي، "نحن جاهزون للمساعدة، لكن ساعدونا أوّلاً كي نتمكن من مساعدتكم". وحده لبنان باستطاعته أن يوفّر الكهرباء 24 على 24، ويعيد إحياء القطاع الخاص، ويعيد بناء الثقة في الاقتصاد.

وقال: "على ضوء ذلك، خضت نقاشاً صادقاً حول الوضع مع رئيس الوزراء حسان دياب ووزير الخارجية ناصيف حتّي. لا بدّ من التصرّف بسرعة لمنع لبنان من الانزلاق أكثر في الهاوية، والتقاعس سوف يزيد من الأعباء على كاهل الفئات الأكثر ضعفاً. كما ناقشنا موضوع النأي بلبنان عن النزاعات الإقليمية التي تزعزع الاستقرار".

وختم الوزير البريطاني جايمس كليفرلي مقاله: "لفتني الشغف والاندفاع اللذين لمستهما لدى اللبنانيين. وأنا على ثقة بأنّ هذا البلد سوف يحظى على المدى الطويل بمستقبل باهر من جديد. كما يقال إنّ الليل يكون في أحلك أوقاته قبل الفجر، وستكون الدرب طويلة وشاقّة نحو الانتعاش والتعافي. من أجل شعب لبنان، لا بدّ من إيجاد هذه الدرب قريباً جداً".

وبالتزامن مع نشر المقال، يقوم وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان بزيارة الى لبنان تستمرّ يومين في وقتٍ تعاني الساحة الداخلية اللبنانية من مطبات سياسية وأزمة اقتصادية هي الأسوأ في تاريخ لبلاد.

وقال لودريان: "يجب إعادة إطلاق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ولا حل بديلاً عنه لخروج لبنان من الأزمة، من هنا يجب القيام بالإصلاحات المطلوبة وهذا المطلب ليس فقط مطلباً فرنسياً بل أيضاً يعبّر عن مطالب الأسرة الدولية، لذلك يجب إصلاح قطاع الكهرباء، وما تم القيام به حتى الآن في هذا المجال ليس مشجعاً، كما تجب مكافحة الفساد والتهريب وتعزيز الشفافية واستقلالية القضاء".

وتابع، "نكرر قولنا للمسؤولين اللبنانيين ساعدونا لنساعدكم وهذا هو شعار زيارتي إلى لبنان".

المساهمون