وحدة الضفة الغربية وغزة مع المقاومة
منذ بدء العدوان الإسرائيلي على أهل قطاع غزة في الثامن من يوليو/تموز الجاري، تحولت شوارع الضفة الغربية إلى ساحة للمظاهرات الداعمة للمقاومة في غزة. في كل يوم، في منتصف النهار وبعد الإفطار. وفيها، يهتف أبناء الشعب الفلسطيني من كل الفئات العمرية، ومن كل التنظيمات، ومن المخيمات والمدن، لغزة.
يردد الشارع، غزة، غزة، غزة، ويهتف ليحيى عياش وللمقاومين الشهداء. ويردد، أيضاً، حماس، حماس، حماس. ويهتف للمقاومة وللسلاح والاستعداد للقتال والمواجهة مع العدو. ويطالب السلطة الفلسطينية بتصويب موقفها. ويهتف ضد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي. هذا هو نبض الفلسطينيين في الضفة الغربية. دعم وتآزر وتفاعل مع إخوتهم في قطاع غزة. ومن تعبيرات ذلك أن مواقع التواصل الاجتماعي تستشيط غضباً على العدو، وتنادي بدعم المقاومة، وتبكي على أطفال غزة وناسها. وتنتقد موقف الرئيس، محمود عباس، وتطالبه بالرحيل. وكتب مثقفون وكتاب وشعراء وأدباء لدعم المقاومة، ونادوا بالتوحد، وأكدوا على خيار المقاومة. شبيبة فتح هتفوا للمقاومة الباسلة في غزة، ورقصوا فرحاً، عندما أعلنت كتائب عز الدين القسام أسر الجندي الإسرائيلي، شاؤول أرون.
في هذه المظاهرات، والتي شارك فيها آلاف، يتجلى موقف الشارع الفلسطيني، والذي يتجاوز التعصب الفصائلي، فأبناء حركة فتح تراهم يهتفون لحركة حماس، لأن الوطن أغلى. تسمع من قيادات فتحاوية في الصف الأول خطابات تآزر مع حماس والمقاومة. ويعتبرونها خيار الشعب الفلسطيني. يصفون حركة حماس بالباسلة، وعملها بالبطولي، ويصفون غزة المقاومة بالكرامة. وتسمع من ممثلي الكنائس، ومن قيادة العمل الوطني، موقفاً مسانداً للمقاومة ولحركة حماس.
حركة فتح، وأذرعها العسكرية، تشارك في القتال في قطاع غزة، وقد قذفت معسكرات العدو بالصواريخ. وهي جزء من المعركة الباسلة في غزة. وقياداتها الذين قاتلوا إسرائيل في ساحات لبنان والأردن، في شبابهم، مع حماس في المعركة الآن. وقد قال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، عباس زكي، في لقاء تلفزيوني، عندما سئل عن مصير أبو مازن، بعد مواقفه من العدوان على غزة، وانتقاد الشارع الفلسطيني له، أجاب "من قال إننا في معركة التحرر ومعركة الوطن نلتفت الى مصير أفراد".
جاءت الحملة العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة "الجرف الصامد" المحك في اختبار الشارع الفلسطيني، والذي أظهر التصاقاً بقضيته، وبالمقاومة حقاً مقدساً له، لا لبس فيه، على الرغم من المفاوضات والتسويات مع العدو. وقد أثبتت مقاومة غزة، للمرة الألف، تملص إسرائيل من تنفيذ التزاماتها، كما أن تأكيد الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، على نهج التفاوض وحده، أثبت فشله. الشعب الفلسطيني يطالب بحقوقه، وإذا ما رفض المحتل إعطاءه إياه، فصبره سينفد، وليعلم أن ثمة طرقاً أخرى يخطها بدمائه. ويسأل شبانٌ "كيف لنا أن نتطوع للذهاب إلى غزة، ونقاتل مع إخوتنا،" ويؤكدون "كلنا مشاريع شهادة فداء الوطن". ويتوعد شباب المخيمات في الضفة الغربية الاحتلال، ويؤكدون أن معركة غزة ستقود الشعب الفلسطيني إلى الصلاة في المسجد الاقصى.
ولطالما عول الجيش الإسرائيلي على انتفاضة أهالي غزة ضد المقاومة، بعد كل مجزرة يرتكبها، ليفاجأ بالدم الفلسطيني الوطني الذي يؤازر المقاومة. كما راهن الاحتلال على إحكام القبضة الأمنية للسلطة الفلسطينية على شارع الضفة الغربية، وفوجئ بعناد الفلسطينيين في رام الله وجنين والخليل ونابلس وغيرها من مدن الضفة وقراها وبلداتها ومخيماتها، وإصرارهم على مقاومة رغبة السلطة الفلسطينية والاحتلال ليخرج للشارع، يساند إخوته الأبطال في غزة، ويقذف العدو على الحواجز بحجر، لعله يثأر لدم الشهداء.
ويردد الشارع الفلسطيني في الضفة الغربية، بكل قواه وأفراده، أن ثمة فئة هجينة على الوطن، قليلة تتحدث باسمه، لكن صوت الرصاص في غزة أعلى وأقوى، وثقة الفلسطينيين في غزة أكبر، والمهم ما يحققونه في ساحة القتال، وعلى أرض فلسطين، بمقاومة شريفة وباسلة.
ويقول الشارع في الضفة الغربية، أيضاً، إن المقاومة الباسلة في غزة خطت تاريخاً جديداً لإسرائيل، وأذلت جيش العدو الذي لا يقهر. وعلى أرض فلسطين، كانت المواجهة التي علمت الجيش الإسرائيلي درساً أن فلسطين كرامة وعزة وتضحية ونصر محقق، مهما تكالب المجتمع الدولي والعربي على المقاومة، وعلى الحق الفلسطيني، وعلى قضية فلسطين، ومهما طال الزمن.