وتأتي سيطرة مقاتلي "النصرة" بمشاركة حركة "أحرار الشام" و"جند الأقصى" الإسلاميتين، يوم أمس الإثنين، على تجمّع وادي الضيف، بعد نحو 24 ساعة من إعلان معركة السيطرة على وادي الضيف ومعسكر الحامدية. ويفيد الناشط الإعلامي عبد قنطار لـ"العربي الجديد"، بأنّ "جميع المراصد أكدت السيطرة على وادي الضيف بشكل كامل، في وقت اعتمدت فيه النصرة على الانغماسيين في اقتحام الوادي، مدعومين بعشر دبابات". ويوضح أنّه "يُمنع على أي شخص، من أي فصيل كان، أن يدخل الوادي، لأنّ المعركة لا تزال متواصلة حول معسكر الحامدية، إذ تمكن الثوار من السيطرة على حواجز الدحروج والمنديل والمطاعم على طريق دمشق ــ حلب".
وفيما تشير حركة "أحرار الشام"، إلى "مقتل عشرين جندياً لقوات النظام السوري، في قرية عين قريع، القريبة من معسكر الحامدية، في ريف إدلب الجنوبي، تؤكّد مصادر متطابقة السيطرة على القرية. وكانت "النصرة" قد شنّت مع "أحرار الشام" و"جند الأقصى"، صباح الأحد الماضي، هجوماً واسعاً استهدف مراكز قوات النظام في معسكرَي وادي الضيف والحامدية، وتمكنوا من قتل خمسين عنصراً، بينهم قائد العمليات غدير يونس، والسيطرة على عدد من الحواجز العسكريّة".
وقد يكون التكتيك الجديد الذي اتبعته "جبهة النصرة" في إدارة المعركة ساهم بشكل كبير في الحسم السريع لها. وبعد أن كانت فصائل المعارضة تحاصر المعسكر من جميع الاتجاهات، من دون أن تتمكّن من اقتحامه، أبقت "النصرة" على حصار الوادي من ثلاث جهات، وتركت مجالاً لقوات النظام للانسحاب باتجاه معسكر الحامدية، وقامت بهجوم عنيف تسبّب في انهيار معنويات قوات النظام وانسحابها باتجاه الجنوب. كما أنّ قطع الإمدادات عن المعسكر بشكل كامل، منذ سيطرة جبهة النصرة على خان شيخون، في شهر مايو/أيار الماضي، ساهم في سرعة انسحاب القوات النظامية، التي تعلم مسبقاً أنّ مواجهتها مع "النصرة"، تختلف عن مواجهتها مع فصائل المعارضة الأخرى. وقد يكون لاستخدام جبهة النصرة صواريخ "التاو"، الأميركية الصنع، والتي استولت عليها من جبهة "ثوار سورية"، مساهمة في حسم المعركة، التي يُتوقع أن تمتدّ إلى ريف حماة الشمالي.
ويرى المراقبون أنّ سيطرة جبهة النصرة على معسكر الحامدية باتت "مسألة وقت"، إذ سيطرت حتى مساء أمس الإثنين، على ستة حواجز، غربي أتوستراد حلب ــ دمشق، فيما بقيت أربعة حواجز شرقه، بالإضافة إلى بلدة بسيدا، حيث تمكّنت الجبهة من السيطرة عليها وأسر 120 عنصراً من قوات النظام، لتكون المعركة الفاصلة هي استعادة السيطرة على مدينة مورك، كمدخل إلى ريف حماة الشمالي.
وتكتسب سيطرة "النصرة" على معسكر وادي الضيف، أهمية كبرى كونها تُفشل خطط النظام الذي كان يسعى إلى فتح خط إمداد لمحافظة إدلب، عبر فكّ الحصار عن وادي الضيف، باتجاه خان شيخون، وربما فتح خط إمداد إلى محافظة حلب، كبديل عن الخط الذي يخضع لتهديد "داعش"، شرقي سلميّة. وكان النظام قد استمات في استعادة مدينة مورك، شمالي حماة، كنقطة انطلاق لفتح الطريق باتجاه معسكرَي وادي الضيف والحامدية، من أجل تأمين خط إمداد للمعسكرين، وربطه بمحافظة إدلب، من خلال فتح خط إمداد لمدينة إدلب عبر معسكر القرميد.
وتفتح سيطرة "النصرة" على معسكرَي وادي الضيف والحامدية، الباب أمامها للسيطرة على كامل ريف إدلب، وتسهّل طريقها باتجاه ريف حماة الشمالي، ما يكسبها شعبية كبيرة في المنطقة، إذ تثبت بهذه السيطرة نظريتها، التي سبق أن روّجت لها، لناحية أنّ وجود جبهة "ثوار سورية"، كان العائق أمام السيطرة على معسكرَي وادي الضيف والحامدية. ويخضع المعسكران، منذ نحو سنتين وشهرين، للحصار من قبل عدد من فصائل المعارضة بقيادة جبهة "ثوار سورية"، من دون أن تتمكن هذه الفصائل من اقتحامهما، الأمر الذي يعطي "النصرة" مصداقيّة أكبر في المنطقة، إذ يُرجح انضمام عدد من فصائل المنطقة إلى الجبهة، خلال الفترة المقبلة، بما فيها الفصائل التي كانت تابعة لجبهة "ثوار سورية" و"حركة حزم".
وتؤدي سيطرة "النصرة" على وادي الضيف والحامدية إلى تخفيف الضغط عن الكتائب المتواجدة، شرقي المعرة، ومعظمها من الكتائب التابعة لـ"الجيش الحر"، التي كانت تستنفذ معظم جهودها في حصار المعسكرَين، ما يجعل تلك الكتائب تتفرغ لأعمال عسكرية أخرى، مع احتمال مبايعة عدد منها لـ"النصرة".
يُذكر أنّ إعلان "جبهة النصرة" معركة تحرير وادي الضيف والحامديّة، يأتي بعد نحو شهر من سيطرتها على معظم ريف إدلب، بعد طرد "جبهة ثوار سورية" التابعة لـ "الجيش الحر" من معظم مناطق الريف الجنوبي، وكامل منطقة جبل الزاوية.