هل يكسر ملف النفط الصمت الأميركي حيال ليبيا وحفتر؟

23 فبراير 2019
عين أميركا على النفط الليبي (عبدالله دوما/ فرانس برس)
+ الخط -

منذ دخول ليبيا في دوامات الصراع، عقب سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011، على يد الثوار بدعم دولي شاركت فيه الولايات المتحدة الأميركية، لم يصدر عن واشنطن طيلة السنوات الثماني الماضية أي موقف رسمي واضح في كيفية تعاملها مع الملف الليبي، حتى بدت سياستها تجاه هذه البلد غامضة ومثيرة للشك؛ وحتى مع ارتفاع وتيرة الصراع بإطلاق اللواء المتقاعد خليفة حفتر "عملية الكرامة" منتصف عام 2014، لم يصدر عنها أي خطاب رسمي أو مبادرة مستقلة أو حتى ورقة ضغط لإنهاء الصراع، إلا إذا تعلق الأمر بالنفط.


وارتبطت واشنطن بليبيا منذ بدايات تكوين علاقاتهما المشتركة من خلال ملف النفط، فمنذ خمسينيات القرن الماضي كانت شركاتها سباقة لتكون في ليبيا، لكن علاقتها بالبلاد من وقتها كانت عبر مواقع النفط تنقيبا واستكشافا وإنتاجا، ولم يخفِ قادتها، وآخرهم دونالد ترامب، سعيهم إلى النفط الليبي. فبشكل صريح قال الرئيس الأميركي في أحد خطاباته الانتخابية عام 2016: "كان يجب أن نشترط على الثوار أن نأخذ نصف النفط الليبي مقابل مساعدتهم في حربهم ضد نظام القذافي"، وفق قاعدة "الغنائم للمنتصر" حسب قوله.
ولم تظهر تصريحات ومواقف واشنطن طيلة سنتين بعد سقوط نظام القذافي، إلا خلال محاولة لبيع النفط الليبي خارج شرعية مؤسسة النفط بطرابلس، نهاية عام 2013 من قبل السلطة الفدرالية، شرقي البلاد، التي عرفت وقتها باسم "المكتب السياسي لإقليم برقة". وبرزت بشكل أكثر ظهورا في ما عرف بـ"واقعة الناقلة مورننغ غلوري" مطلع العام التالي، التي أوقفتها البحرية الأميركية قبالة شواطيء مالطا وأرغمتها على الرجوع لتصب حمولتها في ميناء الزاوية النفطي القريب من طرابلس، مشددة على ضرورة خضوع تصدير النفط عبر المؤسسة الشرعية، بل ضغطت لإصدار قرار من مجلس الأمن 2146 مطلع 2014، لإيقاف الشحن غير المشروع للنفط من ليبيا، وفرض العقوبات على كل من يسعى لاستغلال النفط الليبي.
أما ثاني محطات ظهورها فكان عند وقوع موانئ النفط في منطقة الهلال، وسط البلاد، ضمن موجهات مسلحة، في مارس/ آذار 2015، خلال "عملية الشروق" التي أطلقها المؤتمر الوطني للسيطرة على المنطقة، وخلال حروب حفتر للسيطرة على الهلال في ما بعد، فلم تتوقف بيانات التنديد "شديدة اللهجة" لوقف التصعيد العسكري وتجنيب مؤسسات المنطقة لأضرار القتال، من دون أن تحدد موقفها ممن يسيطر حقيقة على المنطقة، وآخرهم حفتر الذي سيطر كليا على منطقة الهلال في يونيو/ حزيران الماضي، رغم إعلاناتها العديدة عن تأييدها لحكومة الوفاق كونها الحكومة المعترف بها دوليا.
وفي أبزر مواقفها وضوحا إرغام حفتر على التراجع عن قراره بنقل تبعية موانئ منطقة الهلال لمؤسسة نفط موازية تحت سيطرته في بنغازي نهاية يونيو/ حزيران الماضي، لتبقى سيطرته اسميا على موانئ النفط ضماناً لاستمرار تدفق النفط من دون أن يستفيد من مواردها المالية التي تذهب إلى حسابات المؤسسة الشرعية في طرابلس.
وإبان إطلاق حملته العسكرية في الجنوب الليبي، منذ منتصف الشهر الماضي، أكدت مصادر مطلعة بأن تحذيرات دولية، قدمت من عدة عواصم وعلى رأسها واشنطن، لحفتر بعدم الاقتراب عسكريا من حقلي الشرارة والفيل، جنوبي البلاد، لكن واشنطن لم تعلن عن موقفها من سيطرة حفتر "سلميا" على الحقلين، خصوصا بعد تأكيده استمرار تبعيتهما لمؤسسة نفط حكومة الوفاق في طرابلس.
ويتساءل مراقبون عن موقف واشنطن الآن بعد أن أنهى أكبر ساسة وقادة حكومة الوفاق، وزير الخارجية محمد سيالة ووزير الداخلية فتحي باشاغا، زيارة موسعة لها، الأسبوع الماضي، التقيا خلالها أبرز مسؤولي البيت الأبيض، لمناقشة عدة ملفات. 

وأكدت مصادر، لـ"العربي الجديد" في وقت سابق، أن زحف حفتر العسكري باتجاه العاصمة كان على رأس المباحثات، وكان ملف النفط نافذة الوزيرين للحديث ولفت أنظار قادة البيت الأبيض لخطر حفتر، ولا سيما الحقلين الأكبر جنوبي البلاد، الشرارة والفيل، لكن أي موقف لم يصدر منها حيال استمرار سعي حفتر للسيطرة عليهما، ليبرز سؤال أكبر عن موقف البيت الأبيض من حفتر وقد سيطر على كامل مواقع النفط في البلاد جنوبا وشرقا ووسط البلاد في منطقة الهلال النفطي، حتى لم يبق خارج سيطرته سوى مصفاة الزاوية وحقل مليته للغاز الواقعين غربي ليبيا.