هل تعرفون ما هي فريسكا الصيف في الاسكندرية؟

02 اغسطس 2015
بائع فريسكا على "شطّ الإسكندرية" (Getty)
+ الخط -
كعادته كلّ يوم، يخرج عادل مرسي (40 عاماً) من منزله في منطقة اللبان إلى أحد الشواطئ المنتشرة على سواحل الإسكندرية، بعدما وجد في نسمات البحر ومخالطة المصيفين مصدراً للرزق، له ولعائلته. ويروح ينادي المارّة لشراء بضاعته من رقائق الفريسكا، التي يفضّلها المصيّفون. وذلك لحلاوة طعمها وسعرها البسيط.

رأس ماله حنجرته القوية في المناداة على بضاعته ليلفت أنظار ومسامع المارة من حوله، بصوته الجميل الذي يحفظه الكبار قبل الصغار، وبكلماته المعتادة "فريسكا.. بسكوتة فريسكا". فتتسمّر عيونهم على صندوقه الزجاجي الصغير المليء بأنواع وأصناف مختلفة منها، وهو ما جعلها سمة مميزة للمدينة الساحلية الأكبر في مصر، وميّزتها عن غيرها من المهن الشاطئية.

رغم أنّ أشعة الشمس في فصل الصيف تركت آثارها الواضحة على وجه "مرسي" المنهك، الذي لم يكمل تعليمه، إلا أنّه يعتبر أنّ فصل الصيف بالنسبة إليه يمنحه فرصة مزاولة مهنة بيع الفريسكا للمصيفين، الذين يأتون لقضاء عطلة الصيف في الإسكندرية. ومعهم تنتعش هذه المهنة التي لا يعرف غيرها ويضطرّ في بعض الأحيان إلى البحث عن أيّ فرصة أخرى.

سنوات طويلة أمضاها مرسي بصحبة صندوقه الزجاجي، الذي يعتبره "وشّ السعد" عليه وعلى أسرته، منذ أن ورثه عن أبيه وتعلّم منه حرفته المفضلة. يقول عنها إنّ لها أسراراً وأصولاً لا يعرفها سوى العاملين فيها. فهي يتم تصنيعها بواسطة ماكينات مخصّصة لصناعة الحلويات والمعجنات، لإنتاج رقائق البسكويت بأشكالها المتنوعة قبل تقطيعها قطعاً صغيرة وخلطها بالعسل والمكسّرات.

اقرأ أيضاً: مكتبة الاسكندرية تضمّ 150 قطعة اثرية مُكتشفة حديثاً

وحول سبب اختيار الإسكندرية لبيع الفريسكا أضاف مرسي: "على مرّ السنين، وخلال فصول الصيف، تعتبر أشهر المأكولات التي تزدهر على شواطئ الإسكندرية. فيفضّلها المصيفون سواء من أبناء المدينة أو من الزوار. فأصبحت "أكل عيش" بالنسبة إلى كثيرين على شواطئ المدينة. يندر أن تمرّ في شارع أو منطقة دون أن تجد شخصًا يبيعها لزبائن يلتفّون من حوله طوال فترة النهار وجزء كبير من الليل أيضاً".

وأضاف: "شغل الشتاء خفيف، ما يمنعني في بعض الأحيان من ممارسة مهنتي المحببة". وهو، كما يقول، "أرزقي"، بمعنى أنّه ليست لديه مهنة محدّدة طوال العام: "أتمنى أن يكون العام كله مثل شهر الصيف بسبب الإقبال الشديد على شراء الفريسكا".

وتابع: "الخبرة التي اكتسبتها خلال الفترة السابقة جعلتني أحرص على الاستمرار في هذا المجال كل صيف، وإن كنت أطمح في فرصة عمل ثابتة ودائمة توفر لي رزقاً يسهم في تحمل مصاريف غلاء المعيشة"، لافتا إلى أنّ "أهمّ مؤهلات بائع الفريسكا الجيد، هي النظافة والابتسامة وطريقته في جذب انتباه الزبائن".

اقرأ أيضاً: "أهل اسكندرية" ممنوع من العرض...وبلال فضل يستنكر

الحاجة سعاد حسن واحدة من زوّار شاطئ جليم. ترى أنّ "الفريسكا لا يمكن تذوّق طعم حلاوتها إلا على البحر، ورغم انتشارها في عدد من الأماكن وكثير من محلات الحلويات، إلا أنّني أحرص، منذ مجيئي إلى الإسكندرية، على الاستمتاع بجوّ الصيف. أحرص على تناولها إلى جانب الأهل والأصدقاء، فلا يمكن تخيل الصيف من دونها".

وأكّدت أنّ سبب شهرة الفريسكا في الإسكندرية "ليس المذاق الحلو فقط، بل إنّ مسلسلاً تلفزيونياً شهيراً سمّي باسمها". ويعتقد أنّه لفظ إيطالي يعني "الشيء الطازج" أو "المنعش". وفي عدد قليل من المحافظات مثل القاهرة تشهد إقبالاً من بعض الناس كفرصة للتذكير بجوّ الصيف والبلاجات.

بينما محمد ماهر، وهو بائع فريسكا على شاطئ ستانلي الخاصّ، يرى أنّ الإقبال على شراء بضاعته لم يعد كما كان في السابق، خصوصاً بعدما تعدّدت وسائل الترفيه والمسليات. باتت المثلجات كثيرة وفي متناول الجميع، كما أنّ الأكثر شراءً لها ما عادوا الأطفال كما في الماضي، بل كبار السنّ "من ذوي الشعر الأبيض".

ويضيف ماهر: "بدأت أعمل في هذه المهنة منذ أن كان عمري ثماني سنوات، ووالدي كان يبدأ يومه من الفجر بالحصول عليها من أحد محلات التصنيع بمنطقة اللبان القديم، قبل أن يقوم برصّها في صندوق زجاجي عتيق، ويتوكل على الله لبيعها على شواطئ المدينة التي كانت شاطئًا واحدًا بلا حواجز بينية ولا مسميات، كما هي عليه الحال الآن".

ويعتقد ماهر أنّ "تراجع الإقبال على الفريسكا في شواطئ الإسكندرية هو بسبب ارتفاع أسعارها، الذي تضاعف في السنوات الأخيرة بسبب غلاء المواد الخام، وهو ما تسبّب في تقليل الكثير من المصيّفين الكميات التي اعتادوا الحصول عليها"، مما ألحق الضرر به وبغيره من زملاء المهنة.

اقرأ أيضاً: منتحل إسم زياد الرحباني يتغزّل بنساء الاسكندرية
دلالات
المساهمون