وقال الدبلوماسي لـ"العربي الجديد" إن "أحد أعضاء الوفد قال للجانب الليبي إنهم جاؤوا كطرف وسيط، بعد أن استقبلوا مبعوثا عن سيف الإسلام قبل أسبوعين في موسكو قدم شرحا وافيا لخطة سيف الإسلام ورؤيته للوضع السياسي ورغبته في المشاركة في الملتقى الوطني الجامع المقبل"، مبينا أن الوفد الروسي أشار إلى رغبة سيف الإسلام في الظهور في الساحة السياسية من خلال الملتقى تمهيدا لمشاركته في الانتخابات المقبلة.
وشرح الدبلوماسي تفاصيل رؤية القذافي التي قدمها الروس بالقول إن "سيف يدعي أن البعثة الأممية استقت فكرة الملتقى الوطني الجامع من أوراق كان قدمها لها في السابق عبر مندوب له، وأن خطته في تفاصيلها تتمثل في جمع كل الأطياف الليبية دون استثناء للحوار للخروج بوثيقة سياسية مجمع عليه". وتابع "يدعي سيف أن لديه القدرة على التفاهم مع كل الأطراف، لكنه يشتكي من العراقيل القانونية التي وضعتها أمامه المحاكم الدولية".
وحول ردود فعل الجانب الليبي، قال المصدر إنها "كانت متباينة بين رفض شخصيات من مصراته وبين تجاوب بالقبول بسيف كطرف ليس أساسيا في حلول الأزمة، لكن لم يبد أن الجميع متحمسون له"، مضيفا أن "بعض الأطراف في الزنتان ترى أن سيف بديل مناسب عن اللواء الليبي المتقاعد، خليفة حفتر، لو تخلت روسيا عن دعم الأخير". ولفت إلى أن روسيا بدت أكثر الدول الكبرى قبولا لدى الأوساط الليبية بفعل تعاطيها مع كل الأطراف، فمن الممكن أن تكون وسيطا مقبولا إذا برأت ساحتها من دعم حفتر.
وكان وفد ممثل لسيف الإسلام القذافي زار موسكو مطلع الشهر الجاري، ونقلت قناة "روسيا اليوم"، عن محمد القيلوشي، أحد أعضاء الوفد، أن الوفد التقى نائب وزير الخارجية الروسي، المبعوث الخاص للرئيس فلاديمير بوتين إلى الشرق الأوسط وأفريقيا، ميخائيل بوغدانوف، وأبلغه دعم القذافي لخارطة الطريق التي قدمها المبعوث الأممي لدى ليبيا، غسان سلامة، لمجلس الأمن الدولي، وأنه يدعم عقد الملتقى الوطني الجامع، مضيفة أن القيلوشي أكد أن الوفد "لقي كل الترحيب".
وبحسب أستاذ العلوم السياسية الليبي، خليفة الحداد، فإن روسيا ينظر لها الليبيون على أنها داعم لحفتر، لكنها لم تتوقف عن ربط علاقات مع مراكز القوى المتنافسة الأخرى كمصراته والزنتان وحكومة الوفاق في طرابلس، مشيرا في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أن "قرار أميركا الانسحاب في سورية مؤخرا قد يزيد من حجم قوة روسيا في الساحة الليبية، فهو أمر قد يقرأه الليبيون على أنه نصر لروسيا".
وقال الحداد "موسكو مؤخرا بدت محجا للمسؤولين الليبيين فقد زارها رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، مؤخرا بالإضافة لزيارات حفتر المتكررة، كما أن مسؤولي حكومة الوفاق كفايز السراج وأحمد امعيتيق هم من زوارها أيضا"، مشيرا إلى أن روسيا لم تتوقف عند حفتر فهي تحاول إعادة نشاطها التجاري والاقتصادي بالتشاور مع كل الأطراف.
ورغم ذلك فالحداد لا يرى أن موسكو تدعم القذافي، بل تتحدث عنه في إطار سعيها لربط صلات مع كل مراكز القوى ومن بينها أنصار النظام السابق، مؤكدا أن انحيازها لطرف بعينه لا يخدم سياستها في الشرق الأوسط. وقال إن "روسيا ترغب في الاستفادة من كل الأطراف، فهي تعرف أن جميع الأطراف تخطب ودها، لكنها لا تراهن على طرف بعينه ولا شخصية مهما كان رصيدها ".
لكن المحلل السياسي الليبي، الجيلاني ازهيمة، يرى أن دعم روسيا للقذافي يأتي في إطار سعيها للبحث عن بديل لحفتر. وقال "الرجل تجاوز الخامسة والسبعين ومهدد بالعودة للمرض في أي وقت، كما أنه لا يتوفر على سياسة ولين، بالعكس هو عسكري جاف يسعى للسلطة بقوة السلاح، وبالتالي لا بد لها من بديل عن حفتر الذي لم يحقق لها شيئا"، مرجحا أن "زيارة الوفد الروسي تأتي في إطار سعي روسيا لرفع القيود القانونية من قبل محكمة لاهاي وإقناع ساسة طرابلس وغرب ليبيا بالسعي لإسقاط الدعاوى القضائية المحلية ضده".
وقال ازهيمة في حديثه لـ"العربي الجديد" إن "روسيا اختارت الوقت المناسب، فالليبيون بدوا على معرفة تامة بالأطراف الأخرى فرنسا وإيطاليا وأميركا وبريطانيا، وغيرها التي أغرقت البلاد في الفوضى، غير أن روسيا كانت بعيدة طيلة المدة الماضية، وعليها أن تستغل فرصة الملتقى الوطني الجامع الذي سيسمح لأنصار النظام السابق لأول مرة بالمشاركة في تقرير الشأن السياسي".
وأكد أن القذافي مقرب من مجلس النواب، وأن زيارة صالح لروسيا مؤخرا تناولت إمكانية دعمه وتقديمه كبديل عن حفتر، فمجلس النواب هو من سعى لإخراجه من السجن ومنحه البراءة من خلال قانون العفو العام الذي فصله على مقاسه. كما أشار ازهيمة إلى أن زيارة الوفد الروسي لطرابلس جاءت بعد تصريحات برلمانيين كانوا برفقة صالح طالبوا فيها روسيا بزيادة حجم انخراطها في الملف الليبي.