يحمّل الاحتلال الإسرائيلي، بشكل مباشر، قيادة حركة "حماس" جزءاً كبيراً من المسؤولية عن تفجّر عمليات المقاومة الأخيرة في الضفة الغربية، ما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت الاتهامات الإسرائيلية للحركة، وما يُتداول عن تحذيرات نُقلت إلى "حماس"، ستدفع الاحتلال إلى شنّ عدوان جديد على قطاع غزة.
يقول الاحتلال إن ربطه بين حركة "حماس" في غزة وعمليات المقاومة في الضفة، يستند إلى معلومات استخبارية تؤكد أن قادة في "كتائب عز الدين القسام" في قطاع غزة (الجناح العسكري لحماس) يقومون بتوجيه عمليات المقاومة في الضفة، فضلاً عن إعلان "كتائب القسام" أن الشهيدين أشرف نعالوة، منفذ عملية "بركان"، وصالح البرغوثي الذي شارك في عملية إطلاق نار شرق رام الله، واستشهدا في اشتباكين منفصلين مع قوات الاحتلال، ينتميان إلى الحركة. وحتى قبل اندلاع موجة العمليات الأخيرة، حرصت الاستخبارات الإسرائيلية على عرض نتائج التحقيق مع بعض نشطاء "حماس" الذين اعتقلوا في الضفة، زاعمة أنهم اعترفوا بأن قيادات عسكرية للحركة في غزة هي من طلبت منهم تنفيذ عمليات.
كذلك، فإن الدوائر الأمنية والأوساط السياسية الإسرائيلية ترى أن "التحريض"، الذي تُتهم حركة "حماس" في غزة بالقيام به، يسهم في توفير بيئة تساعد على تنفيذ العمليات من خلال توظيف وسائل إعلامها الخاصة ومواقع التواصل الاجتماعي. وهذا ما دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى نقل تحذير لقيادة "حماس" في القطاع، عبر وسيط، من أن الاحتلال لن يسمح بأن تحترم الحركة التهدئة في القطاع، وتعمل في المقابل على إشعال الضفة الغربية من خلال الدفع نحو تنفيذ العمليات.
وسمح تسليط الأضواء على الدور المزعوم لـ"حماس" في عمليات المقاومة التي تشهدها الضفة، بإعادة الجدل الإسرائيلي بشأن الاستراتيجية التي يتوجّب اتباعها في قطاع غزة. وإلى جانب ممثلي المعارضة، فإن الكثير من القيادات اليمينية، والنُخب الإعلامية، توجّه انتقادات حادة للسياسة الإسرائيلية تجاه "حماس" في غزة، إذ يدعي هؤلاء أن "التهاون" في مواجهة الحركة في غزة، لا سيما في أعقاب التصعيد الأخير الذي انفجر قبل شهر، هو الذي أسهم في تشجيع الحركة على محاولة تكثيف أنشطتها العسكرية في الضفة.
ويكاد وزير الأمن السابق أفيغدور ليبرمان، الذي استقال احتجاجاً على عدم توجيه ضربة عسكرية لـ"حماس" في غزة، لا يفوّت فرصة للمحاججة بأن سماح تل أبيب بدخول الأموال القطرية إلى قطاع غزة لدفع رواتب الموظفين، يمثّل "مكافأة" للحركة على عدوانها، وأنه من دون القيام بعمل عسكري ضد "حماس" في القطاع، فإنها ستواصل تأجيج الأوضاع في الضفة الغربية.
وهناك الكثير من الجنرالات في الاحتياط يزعمون أن نتنياهو أسهم في توفير بيئة سهلت انفجار العمليات في الضفة من خلال تعمّده توجيه الإهانات لقيادة السلطة الفلسطينية، وتجاهل دورها الكبير في استقرار البيئة الأمنية من خلال إبداء أكبر قدر من التعاون مع الجيش والمخابرات الإسرائيلية، في الوقت الذي يلجأ فيه إلى التوصل لتفاهمات مع حركة "حماس"، التي ترفض شرعية إسرائيل وتدفع خلاياها النائمة لتنفيذ عمليات.
اقــرأ أيضاً
ومما يقلّص هامش المناورة أمام نتنياهو ويرغمه على عدم تجاهل هذه الانتقادات، حقيقة أن موجة عمليات المقاومة تزامنت مع تطورين مهمين، فهي من جهة جاءت بعد شروع جيش الاحتلال في عملية "درع الشمال" الهادفة إلى القضاء على منظومة "الأنفاق الهجومية"، التي تدعي المخابرات الإسرائيلية أن "حزب الله" بناها على الحدود اللبنانية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة. ومن جهة ثانية، انطلقت موجة احتجاجات اجتماعية ضد غلاء الأسعار، على غرار مظاهر احتجاجات "السترات الصفراء" في فرنسا.
من هنا، فإن نتنياهو يخشى أن يسفر التقاء هذه الظروف عن اهتزاز مكانته السياسية، لا سيما أن الانتخابات العامة ستجرى نهاية العام المقبل، مع العلم أن حكومته، التي تستند إلى أغلبية برلمانية ضعيفة، يمكن أن تسقط قبل هذا الموعد. وفي حال انحسرت موجة عمليات المقاومة في الضفة، فإن نتنياهو سيعمد إلى استكمال عملية "درع الشمال"، ويستنفر على الصعيد السياسي والاقتصادي لمحاصرة الاحتجاجات الاجتماعية على الغلاء. لكن في حال تواصلت موجة العمليات، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي سيكون أمام خيارات صعبة، ولن يكون بوسعه تجاهل الانتقادات لسلوكه إزاء "حماس" في قطاع غزة، وفي الوقت ذاته فهو يدرك تداعيات أي إجراء ضد الحركة.
ومن هذا المنطلق، تبرز مخاوف من أن يعمد نتنياهو لاتخاذ إجراء ما ضد "حماس" في غزة بهدف إقناع شركائه في اليمين وجمهوره الانتخابي بأنه عازم على تحسين الأوضاع الأمنية، لا سيما أن هامش المناورة المتاح أمام الاحتلال في الضفة الغربية محدود للغاية، على اعتبار أن موجة العمليات انطلقت على الرغم من الاحتياطات الأمنية وتمتع إسرائيل بعوائد التنسيق الأمني الذي تبديه السلطة الفلسطينية.
وحتى لو اختار نتنياهو العمل على تهدئة قادة اليمين من خلال وقف تحويل المساعدات المالية القطرية للقطاع، وليس شنّ عمل عسكري ضد "حماس" هناك، فإن هذا الإجراء قد يفضي إلى إشعال مواجهة مع الحركة يصعب التحكم بمآلاتها. فتدهور الأوضاع الاقتصادية في غزة لن يسمح لقيادة "حماس" باستيعاب إي إجراء إسرائيلي يفاقم هذه الأوضاع سوءاً، مثل وقف إدخال الأموال القطرية، مما قد يدفع الحركة مجدداً نحو تأجيج نشاطات حراك "مسيرات العودة الكبرى"، التي تعدها تل أبيب ذات مضامين "عنفية"، مثل إطلاق الطائرات والبالونات الحارقة واجتياز الحدود وغيرها، وهو ما يوفر بيئة للتصعيد بين الطرفين، كما حدث أكثر من مرة.
كما أن اندلاع مواجهة مع "حماس" في غزة في ذروة حملة "درع الشمال" على الحدود مع لبنان، ينطوي على مخاطرة كبيرة، إذ أن الأوضاع هناك بالغة الحساسية ويمكن أن تتطور إلى حد مواجهة مع "حزب الله". من هنا، فإن نتنياهو، كوزير للأمن، سيركز على استخدام الوسائل الاستخبارية والأمنية من أجل تحييد خلايا "حماس" العاملة في الضفة الغربية والتي ينسب لها العمليات الأخيرة، آملاً أن ينجح في ضبط الأمور حتى لا يكون مضطراً لخوض غمار مواجهة مع "حماس" في غزة.
اقــرأ أيضاً
يقول الاحتلال إن ربطه بين حركة "حماس" في غزة وعمليات المقاومة في الضفة، يستند إلى معلومات استخبارية تؤكد أن قادة في "كتائب عز الدين القسام" في قطاع غزة (الجناح العسكري لحماس) يقومون بتوجيه عمليات المقاومة في الضفة، فضلاً عن إعلان "كتائب القسام" أن الشهيدين أشرف نعالوة، منفذ عملية "بركان"، وصالح البرغوثي الذي شارك في عملية إطلاق نار شرق رام الله، واستشهدا في اشتباكين منفصلين مع قوات الاحتلال، ينتميان إلى الحركة. وحتى قبل اندلاع موجة العمليات الأخيرة، حرصت الاستخبارات الإسرائيلية على عرض نتائج التحقيق مع بعض نشطاء "حماس" الذين اعتقلوا في الضفة، زاعمة أنهم اعترفوا بأن قيادات عسكرية للحركة في غزة هي من طلبت منهم تنفيذ عمليات.
كذلك، فإن الدوائر الأمنية والأوساط السياسية الإسرائيلية ترى أن "التحريض"، الذي تُتهم حركة "حماس" في غزة بالقيام به، يسهم في توفير بيئة تساعد على تنفيذ العمليات من خلال توظيف وسائل إعلامها الخاصة ومواقع التواصل الاجتماعي. وهذا ما دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى نقل تحذير لقيادة "حماس" في القطاع، عبر وسيط، من أن الاحتلال لن يسمح بأن تحترم الحركة التهدئة في القطاع، وتعمل في المقابل على إشعال الضفة الغربية من خلال الدفع نحو تنفيذ العمليات.
ويكاد وزير الأمن السابق أفيغدور ليبرمان، الذي استقال احتجاجاً على عدم توجيه ضربة عسكرية لـ"حماس" في غزة، لا يفوّت فرصة للمحاججة بأن سماح تل أبيب بدخول الأموال القطرية إلى قطاع غزة لدفع رواتب الموظفين، يمثّل "مكافأة" للحركة على عدوانها، وأنه من دون القيام بعمل عسكري ضد "حماس" في القطاع، فإنها ستواصل تأجيج الأوضاع في الضفة الغربية.
وهناك الكثير من الجنرالات في الاحتياط يزعمون أن نتنياهو أسهم في توفير بيئة سهلت انفجار العمليات في الضفة من خلال تعمّده توجيه الإهانات لقيادة السلطة الفلسطينية، وتجاهل دورها الكبير في استقرار البيئة الأمنية من خلال إبداء أكبر قدر من التعاون مع الجيش والمخابرات الإسرائيلية، في الوقت الذي يلجأ فيه إلى التوصل لتفاهمات مع حركة "حماس"، التي ترفض شرعية إسرائيل وتدفع خلاياها النائمة لتنفيذ عمليات.
ومما يقلّص هامش المناورة أمام نتنياهو ويرغمه على عدم تجاهل هذه الانتقادات، حقيقة أن موجة عمليات المقاومة تزامنت مع تطورين مهمين، فهي من جهة جاءت بعد شروع جيش الاحتلال في عملية "درع الشمال" الهادفة إلى القضاء على منظومة "الأنفاق الهجومية"، التي تدعي المخابرات الإسرائيلية أن "حزب الله" بناها على الحدود اللبنانية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة. ومن جهة ثانية، انطلقت موجة احتجاجات اجتماعية ضد غلاء الأسعار، على غرار مظاهر احتجاجات "السترات الصفراء" في فرنسا.
من هنا، فإن نتنياهو يخشى أن يسفر التقاء هذه الظروف عن اهتزاز مكانته السياسية، لا سيما أن الانتخابات العامة ستجرى نهاية العام المقبل، مع العلم أن حكومته، التي تستند إلى أغلبية برلمانية ضعيفة، يمكن أن تسقط قبل هذا الموعد. وفي حال انحسرت موجة عمليات المقاومة في الضفة، فإن نتنياهو سيعمد إلى استكمال عملية "درع الشمال"، ويستنفر على الصعيد السياسي والاقتصادي لمحاصرة الاحتجاجات الاجتماعية على الغلاء. لكن في حال تواصلت موجة العمليات، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي سيكون أمام خيارات صعبة، ولن يكون بوسعه تجاهل الانتقادات لسلوكه إزاء "حماس" في قطاع غزة، وفي الوقت ذاته فهو يدرك تداعيات أي إجراء ضد الحركة.
ومن هذا المنطلق، تبرز مخاوف من أن يعمد نتنياهو لاتخاذ إجراء ما ضد "حماس" في غزة بهدف إقناع شركائه في اليمين وجمهوره الانتخابي بأنه عازم على تحسين الأوضاع الأمنية، لا سيما أن هامش المناورة المتاح أمام الاحتلال في الضفة الغربية محدود للغاية، على اعتبار أن موجة العمليات انطلقت على الرغم من الاحتياطات الأمنية وتمتع إسرائيل بعوائد التنسيق الأمني الذي تبديه السلطة الفلسطينية.
كما أن اندلاع مواجهة مع "حماس" في غزة في ذروة حملة "درع الشمال" على الحدود مع لبنان، ينطوي على مخاطرة كبيرة، إذ أن الأوضاع هناك بالغة الحساسية ويمكن أن تتطور إلى حد مواجهة مع "حزب الله". من هنا، فإن نتنياهو، كوزير للأمن، سيركز على استخدام الوسائل الاستخبارية والأمنية من أجل تحييد خلايا "حماس" العاملة في الضفة الغربية والتي ينسب لها العمليات الأخيرة، آملاً أن ينجح في ضبط الأمور حتى لا يكون مضطراً لخوض غمار مواجهة مع "حماس" في غزة.