شهد الاقتصاد التركي مشاكل وأزمات متلاحقة خلال الشهور الخمسة الأخيرة ومنذ بداية شهر يونيو/حزيران الماضي على خلفية فشل حزب العدالة والتنمية في الحصول على نسبة 50% من أصوات الناخبين تؤهله لتشكيل الحكومة منفردا كما جرت العادة في السنوات الماضية.
وزادت المشاكل مع تنامي حالة الاحتقان السياسي والأمني بالبلاد التي بلغت ذروتها عقب فشل الأحزاب السياسية وفي مقدمتها حزب "العدالة والتنمية" في تشكيل حكومة ائتلافية، ثم تصاعد حوادث الإرهاب، وتوجيه ضربات عسكرية لحزب العمال الكردستاني، ومقتل أكثر من ألفي إرهابي وغيرها.
ونظرة لمؤشرات الاقتصاد التركي في فترة ما بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة نلحظ أن من بين ملامحها تراجع سعر صرف الليرة التركية أمام الدولار بنحو 17% خلال الثلاثة أشهر الأخيرة فقط، وزيادة أسعار السلع والخدمات الأساسية في الأسواق، وارتفاع معدل التضخم ليلسع الأغلبية من المواطنين.
كما حدث هروب للاستثمارات الأجنبية الساخنة سواء المستثمرة في البورصة أو أدوات الدين الحكومية كالسندات والأذون، وتنامى أيضا القلق وسط المستثمرين العرب والأجانب بسبب توتر الأوضاع السياسية والأمنية والتي بلغت ذروتها في حادث مقتل أكثر من 100 تركي الشهر الماضي.
ومع توجه الناخبين الأتراك، اليوم الأحد، إلى صناديق الاقتراع، للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات النيابية المبكرة، فإن السؤال المطروح هنا هو: هل يعي الأتراك الدرس ويدركون أن تركيا لا تصلح معها الائتلافات الحكومية، وأنها في حاجة شديدة لاستقرار سياسي حتى تستكمل خطتها الاقتصادية التي بدأها حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ العام 2003 وحتى الآن؟
تركيا اليوم أمام اختبار صعب، إما حزب يفوز بأغلبية الأصوات ويشكل حكومة بمفرده، وبالتالي يعود الاستقرار السياسي ومعه يعود الاقتصاد القوي والمستقر والنمو المتواصل، وإما حكومات ائتلافية ومتصارعة ومؤقتة تعود بالاقتصاد التركي لمرحلة اللاستقرار والاضطرابات العنيفة التي شهدتها البلاد أيام حكومات ما قبل حزب العدالة والتنمية.
ولنا في حكومات مسعود يلمظ وتانسو شيلر وبولنت اجاويد وبولنت أحمد علي وغيرها عبرة، فتركيا وقت هذه الحكومات كانت مريضة اقتصاديا، حيث عملة متهاوية، ومعدلات تضخم غير مسبوقة، وعدم قدرة على سداد الديون الخارجية، وفساد منظم بداية من رئاسة الدولة وحتى أصغر مؤسسة حكومية، إضافة لأزمات معيشية أبرزها السكن والبطالة والعشوائيات والمرور.
اقرأ أيضا: المواطن التركي.. هل أنكر الجميل؟