28 أكتوبر 2024
هل إدلب بداية الافتراق الروسي التركي؟
أن يستعد النظام السوري وحليفه الإيراني، بدعم روسي، لشن عملية عسكرية كبيرة للسيطرة على ريفي حلب الغربي والجنوبي، وعلى وسط محافظة إدلب، فهذا متوقع منذ استيلاء النظام على مدينة خان شيخون نهاية أغسطس/ آب الماضي. ولكن الجديد في المشهد الجغرافي العسكري لإدلب، وارتباطاته الإقليمية والدولية، يكمن في حصول تطورات لم تعرفها الأجواء التي سبقت معارك إدلب الماضية:
ـ قصف روسي/ سوري عنيف جداً لمحافظة إدلب، من دون تمييز بين العسكريين والمدنيين، في سابقةٍ هي الأولى من نوعها منذ اندلاع معارك منطقة إدلب منتصف العام الماضي. وقد ترتب على هذا القصف نزوح نحو أربعمئة ألف مدني، ويتوقع أن ينزح نحو ستمئة وخمسين ألف آخرين، بحسب لجنة الإنقاذ الدولية.
ـ دعوة وزير الخارجية التركي، مولود تشاويش أوغلو، قبل أسبوعين، المعارضة السورية إلى الاستعداد للدفاع عن نفسها في إدلب. وقد فهم بعضهم هذا التصريح تراجعاً تركياً عن دعم المعارضة، فيما فهمه آخرون دعوة إلى الاستبسال في قتال حاد مختلف عن المرّات السابقة.
تؤكد الرأي الأخير تصريحات الرئيس التركي، أردوغان، قبل مدة، والمعلومات التي نقلها تلفزيون سوريا عن انعقاد اجتماع ضم رئيس جهاز الاستخبارات التركي، حقان فيدان، مع فصائل المعارضة، وشارك فيه الرئيس أردوغان عبر اتصال مرئي مباشر، يشير إلى أن ثمّة قراراً تركياً بدعم فصائل المعارضة في هذه المعركة المهمة جداً.
ـ زيادة تركيا دعم فصائل المعارضة بصواريخ من نوع "غراد" و"تاو"، وقد ظهر تأثير ذلك
خلال معارك الأيام الأخيرة.
ـ تحصينات هندسية وحقول ألغام جهزتها الفصائل لجعل عمليات عبور قوات النظام والمليشيا الإيرانية باهظة الثمن.
ـ اجتماع مسؤولين في وزارة الخارجية الأميركية مع مسؤولين في وزارة الدفاع التابعة للحكومة المؤقتة، وقيادات من الجيش الوطني السوري في أنقرة، ويطرح هذا الاجتماع، من حيث التوقيت، إشارات إلى دور أميركي في الخفاء.
ـ إعلان السفارة الأميركية في سورية على صفحتها في "فيسبوك" أن "الولايات المتحدة مستعدة لاتخاذ أشد الإجراءات الدبلوماسية والاقتصادية ضد نظام الأسد، وأي دولة، أو فرد يدعم أجندته الهمجية".
ـ تركيز النظام السوري ووسائل إعلامه، بشكل لافت، على تعرّض قواته لهجمات متتالية من "مجموعات مسلحة" (هيئة تحرير الشام، الحزب الإسلامي التركستاني). وترافق ذلك مع إعلان مركز المصالحة الروسي عن "هجماتٍ قامت بها مجموعات مسلحة ضد القوات الحكومية".
وانتقل مركز المصالحة الروسي إلى الحديث بالأرقام عن القتلى الذين سقطوا من قوات النظام السوري، في خطوة أثارت أسئلةً كثيرة، أهمها محاولة روسيا إيجاد الذرائع أمام المجتمع الدولي لشن العملية العسكرية الكبيرة في ظل رفض أميركي ـ أوروبي مشترك للحرب في إدلب، ولم تكن مصادفةً أن تختار روسيا فصيلين مدرجين ضمن لائحة الإرهاب الأممية، لتحميلهما المسؤولية عن الهجمات المزعومة.
توضح كل هذه التطورات أن ثمّة معركة كبرى، يجرى التحضير لها في إدلب وحلب. لكن لماذا كل هذا التحضيرات الكبيرة لتلك المعركة، طالما أن أنقرة قبلت بسيطرة النظام السوري على الطرق الدولية في المحافظة، كما قبلت قبلها بسيطرة النظام على ريفي حماة الشمالي
وإدلب الجنوبي.
من الناحية الاستراتيجية، لا يشكل ريف حماة الشمالي، ولا ريف إدلب الجنوبي، أهمية كبرى لأنقرة. أما الطرق الدولية، فقد رضي الأتراك بالتنازل عنها بسبب تعقيدات المشهد السوري وعدم الرغبة في الاصطدام مع الروس. ولكن يبدو أن التمهيد الناري الكثيف على إدلب وحلب يفيد بأن روسيا تجاوزت مسألة الطرق الدولية، وتريد الحسم العسكري لمعظم المحافظة، والسيطرة على ما تبقّى من ريفي حلب الجنوبي ـ الغربي (الزربة، خان طومان، العيس، وغيرها) وريف حلب الغربي (حي جمعية الزهراء التابع لمدينة حلب، ضاحية الراشدين، خان العسل، دارة عزة، الأتارب، المنصورة).
بالنسبة لتركيا، سيمنحها صمود المعارضة العسكرية القدرة على دفع الروس إلى العودة إلى التفاهمات السابقة حول تقاسم السيطرة على الطرق الدولية M4 ـ M5، وسيمنحها أيضاً القدرة على إعادة ترتيب الهيمنة العسكرية في مناطق سيطرة المعارضة و"هيئة تحرير الشام" داخل محافظة إدلب.
ومع اندلاع معركة إدلب الكبرى، سيكون أمام الفصائل وتركيا تحقيق خسائر كبير في صفوف النظام وحلفائه بأسرع وقت ممكن، فاستمرار القصف الجوي الروسي والسوري بهذا الشكل العنيف سيفقد الفصائل القدرة على التحرّك، مهما كانت نوعية الأسلحة بأيديهم.
باختصار، توضح التطورات الحاصلة في إدلب أن التحالف الروسي ـ التركي في سورية لم يعد بالقوة التي كان عليها خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وأن مرحلة جديدة ستطرأ على هذا التحالف، بحكم ضرورات الواقع السوري المتغير.
ـ دعوة وزير الخارجية التركي، مولود تشاويش أوغلو، قبل أسبوعين، المعارضة السورية إلى الاستعداد للدفاع عن نفسها في إدلب. وقد فهم بعضهم هذا التصريح تراجعاً تركياً عن دعم المعارضة، فيما فهمه آخرون دعوة إلى الاستبسال في قتال حاد مختلف عن المرّات السابقة.
تؤكد الرأي الأخير تصريحات الرئيس التركي، أردوغان، قبل مدة، والمعلومات التي نقلها تلفزيون سوريا عن انعقاد اجتماع ضم رئيس جهاز الاستخبارات التركي، حقان فيدان، مع فصائل المعارضة، وشارك فيه الرئيس أردوغان عبر اتصال مرئي مباشر، يشير إلى أن ثمّة قراراً تركياً بدعم فصائل المعارضة في هذه المعركة المهمة جداً.
ـ زيادة تركيا دعم فصائل المعارضة بصواريخ من نوع "غراد" و"تاو"، وقد ظهر تأثير ذلك
ـ تحصينات هندسية وحقول ألغام جهزتها الفصائل لجعل عمليات عبور قوات النظام والمليشيا الإيرانية باهظة الثمن.
ـ اجتماع مسؤولين في وزارة الخارجية الأميركية مع مسؤولين في وزارة الدفاع التابعة للحكومة المؤقتة، وقيادات من الجيش الوطني السوري في أنقرة، ويطرح هذا الاجتماع، من حيث التوقيت، إشارات إلى دور أميركي في الخفاء.
ـ إعلان السفارة الأميركية في سورية على صفحتها في "فيسبوك" أن "الولايات المتحدة مستعدة لاتخاذ أشد الإجراءات الدبلوماسية والاقتصادية ضد نظام الأسد، وأي دولة، أو فرد يدعم أجندته الهمجية".
ـ تركيز النظام السوري ووسائل إعلامه، بشكل لافت، على تعرّض قواته لهجمات متتالية من "مجموعات مسلحة" (هيئة تحرير الشام، الحزب الإسلامي التركستاني). وترافق ذلك مع إعلان مركز المصالحة الروسي عن "هجماتٍ قامت بها مجموعات مسلحة ضد القوات الحكومية".
وانتقل مركز المصالحة الروسي إلى الحديث بالأرقام عن القتلى الذين سقطوا من قوات النظام السوري، في خطوة أثارت أسئلةً كثيرة، أهمها محاولة روسيا إيجاد الذرائع أمام المجتمع الدولي لشن العملية العسكرية الكبيرة في ظل رفض أميركي ـ أوروبي مشترك للحرب في إدلب، ولم تكن مصادفةً أن تختار روسيا فصيلين مدرجين ضمن لائحة الإرهاب الأممية، لتحميلهما المسؤولية عن الهجمات المزعومة.
توضح كل هذه التطورات أن ثمّة معركة كبرى، يجرى التحضير لها في إدلب وحلب. لكن لماذا كل هذا التحضيرات الكبيرة لتلك المعركة، طالما أن أنقرة قبلت بسيطرة النظام السوري على الطرق الدولية في المحافظة، كما قبلت قبلها بسيطرة النظام على ريفي حماة الشمالي
من الناحية الاستراتيجية، لا يشكل ريف حماة الشمالي، ولا ريف إدلب الجنوبي، أهمية كبرى لأنقرة. أما الطرق الدولية، فقد رضي الأتراك بالتنازل عنها بسبب تعقيدات المشهد السوري وعدم الرغبة في الاصطدام مع الروس. ولكن يبدو أن التمهيد الناري الكثيف على إدلب وحلب يفيد بأن روسيا تجاوزت مسألة الطرق الدولية، وتريد الحسم العسكري لمعظم المحافظة، والسيطرة على ما تبقّى من ريفي حلب الجنوبي ـ الغربي (الزربة، خان طومان، العيس، وغيرها) وريف حلب الغربي (حي جمعية الزهراء التابع لمدينة حلب، ضاحية الراشدين، خان العسل، دارة عزة، الأتارب، المنصورة).
بالنسبة لتركيا، سيمنحها صمود المعارضة العسكرية القدرة على دفع الروس إلى العودة إلى التفاهمات السابقة حول تقاسم السيطرة على الطرق الدولية M4 ـ M5، وسيمنحها أيضاً القدرة على إعادة ترتيب الهيمنة العسكرية في مناطق سيطرة المعارضة و"هيئة تحرير الشام" داخل محافظة إدلب.
ومع اندلاع معركة إدلب الكبرى، سيكون أمام الفصائل وتركيا تحقيق خسائر كبير في صفوف النظام وحلفائه بأسرع وقت ممكن، فاستمرار القصف الجوي الروسي والسوري بهذا الشكل العنيف سيفقد الفصائل القدرة على التحرّك، مهما كانت نوعية الأسلحة بأيديهم.
باختصار، توضح التطورات الحاصلة في إدلب أن التحالف الروسي ـ التركي في سورية لم يعد بالقوة التي كان عليها خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وأن مرحلة جديدة ستطرأ على هذا التحالف، بحكم ضرورات الواقع السوري المتغير.