02 نوفمبر 2024
هذه الهبّة الوطنية الفلسطينية ضد استهداف "التجمع"
أصدر مجلس الوزراء الإسرائيلي، برئاسة بنيامين نتنياهو، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، قراراً بإخراج الحركة الإسلامية في الشمال من القانون. وتم الحكم على زعيم الحركة الشيخ رائد صلاح بالسجن تسعة أشهر، وقد بدأ بتنفيذ العقوبة في سجن نفحة الصحراوي منذ مايو/ أيار الماضي، والتهمة "التحريض على الإرهاب"، وكان صلاح قد دأب على التوجه إلى المسجد الأقصى، ومناصرة المرابطين والمرابطات فيه، وكشف محاولات التهويد القسري للمسجد.
ووجهت الحملة على الحركة الإسلامية وزعيمها بموجة احتجاجات نشطة وواسعة، غير أن وتيرة الاعتراض هدأت شيئا فشيئاً، كما أن النشاط الوطني العام أصابه قدر من الركود، بعد "اطمئنان" الأحزاب وقياداتها إلى نيل القائمة العربية المشتركة 13 مقعداً في الكنيست، وهي المرة الأولى التي تشترك فيها الأحزاب العربية في قائمة واحدة، وحيث أصبحت الأنظار تتجه إلى فرصة النضال البرلماني، بأكثر من العمل في وسط الجمهور.
وقد عبر الوسط السياسي الفلسطيني في إسرائيل عن صحوة جديدة وجيدة، وكأن الحيوية السياسية تستلزم وجوباً وقوع كارثة، أو ما يضاهيها كمُحركٍ لها وباعثٍ عليها، فقد أوقفت السلطات عشراتٍ من ناشطي "التجمع الوطني الديمقراطي"، بمن فيهم رئيسه عوض عبدالفتاح، وعدد من قيادات الحزب، منهم الأسير المحرّر مخلص برغال، المحامي مراد حداد، عز الدين بدران، لولو طه، صمود ذياب، جمال دقة، إياد خلايلة، محمد طربيه، منيب طربيه، حسني سلطاني، عمار طه وعوني بنا، ابتداء من فجر الأحد الماضي (18 سبتمبر/ أيلول الجاري). وتم التوقيف عبر مداهماتٍ قام بها زوار الفجر لعشرات من البيوت ومقار الحزب، وجرى خلال هذه العملية مصادرة وثائق ومقتنيات خاصة بالحزب.
وقد أثارت الحملة سخط الشارع العربي الفلسطيني، لما تميزت به من محاولات ترويع، وبرز ما يشبه الإجماع على أن استهداف "التجمع" حلقة ثانية بعد استهداف الحركة الإسلامية في الشمال، لتصفية الحركة الوطنية بذرائع واهية، وإيهامٍ زائف بأن السلطات تعمد إلى احتواء خطر مزعوم، أو التصدّي لمخالفاتٍ بالغة الجسامة، علماً أن الاتهامات تدور أساساً حول أمور مالية محاسبية، ويجمع مراقبون في الداخل على أن مشكلاتٍ من هذا النوع تقع فيها عادة سائر الأحزاب. وقد أكد النائب عن حزب التجمع، جمال زحالقة، على إن هذه الهجمة ضد "التجمع" وأعضائه هي استهداف للعرب في الداخل، ولو كان الأمر يتعلق بتحقيقاتٍ حول مخالفاتٍ إدارية ومالية، لكان على الشرطة اعتقال رئيس الحكومة الذي تجري حوله التحقيقات منذ سنوات. وأفاد بأن "التجمع" قدّم كل المستندات والوثائق التي طلبها مراقب الدولة، وتثبت مصدر الأموال التي تلقاها من التبرعات من أعضاء الحزب ومؤيديه لتمويل نشاطاته، وهذه الاعتقالات ما هي إلا وسيلة للترهيب ومحاولة لثني الناشطين عن مواصلة العمل السياسي. وأكمل زحالقة أنه ليس غريبًا أن تحاول المؤسسة هذه المرة صبغ "التجمع الوطني الديمقراطي" بتهم ذات طابع جنائي، بعد أن فشل في ملاحقاته السياسية طيلة السنوات الماضية بتهم ذات طابع أمني وسياسي.
وقد سارعت القوى الوطنية السياسية والاجتماعية إلى التضامن مع حزب التجمع، والتأم طيف واسع منها في مقر الحزب في الناصرة، وأصدرت بيانات شديدة اللهجة ضد العسف الإسرائيلي الجديد الذي يطاول حزباً بكامله، سعياً الى مصادرته، ومحاولة حظره بغير أساس قانوني. وفي ردود الفعل، أشار رئيس كتلة القائمة المشتركة، النائب مسعود غنايم، إلى إن "المتهم الحقيقي هو نتنياهو وسياساته العنصرية"، وقال: "نعتبر أن استهداف التجمع، ومن قبله الحركة الإسلامية، هو استهداف للعمل السياسي العربي الفلسطيني في البلاد. وكلنا موحدون في هذه المعركة". وقال رئيس لجنة المتابعة العليا، محمد بركة، "المستهدف هو ليس فقط التجمع، بل الجماهير العربية وكل الأحزاب العربية، والتحقيقات سياسية وليست مالية، ولن نترك التجمع وحيدًا في هذه المواجهة، لن نسمح بتجريم العمل السياسي". وأضاف "ليس هناك أي حزب لم يتعرّض لمساءلة من مراقب الدولة، وطلب تسليمه إيضاحات وملفات، وفي حال لم يكفه ما قدّم من مستندات، كان يطلب تصليحات في التقارير، وفي أسوأ الأحوال كان يفرض غرامة، لكن إحالة الموضوع للشرطة والقيام بالمداهمات، فهذا يدل على هدف سياسي لتجريم العمل السياسي في الداخل".
وقد وصفت القائمة البرلمانية المشتركة ما جرى بأنه "مما يميز الأنظمة العسكرية الفاشية، ويدل على نوايا مبيتة واستهداف للحزب"، وأكدت أنها "لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء الملاحقة السياسية والعدوان الفاشي الذي يتعرّض له التجمع الوطني الديمقراطي".
وشاركت هيئات أخرى في الحملة الوطنية، منها الحزب الشيوعي والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة ولجنة التوجيه العليا لبدو النقب والحركة الإسلامية والحركة العربية للتغيير، وميزان لحقوق الإنسان، وجمعية الدفاع عن حقوق المهجرين. كما خرج حشد سياسي كبير في الناصرة بتظاهرة تضامن مع حزب التجمع مساء الثلاثاء 20 سبتمبر .
وخلافاً لحملة التضامن الواسعة، وشبه الشاملة، في صفوف المجتمع السياسي الفلسطيني في الداخل، فإن القوى السياسية في الضفة الغربية وقطاع غزة لم تُبد حتى تاريخ كتابة هذا المقال التضامن الواجب والمأمول، باستثناء بيان تضامني أصدره الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني ( فدا).
وتجدر الإشارة الى أن الحملة الصهيونية على حزب التجمع مستمرة، وتعود بداياتها إلى العام 2007، حين جرى توجيه الاتهام لمؤسس الحزب ورئيسه آنذاك، عزمي بشارة، بـ"الاتصال بالعدو"، وذلك في أعقاب زيارات تضامنية قام بها بشارة إلى بيروت ودمشق، أبدى فيها التضامن ضد الحرب الإسرائيلية على لبنان وحزب الله في صيف العام 2006، وهو ما حمل بشارة على الاستقالة من الكنيست، ورفض تسليم نفسه للسلطات الإسرائيلية. وتبع ذلك شن حملات مسعورة على النائبة عن "التجمع"، حنين الزعبي، حتى أن نتنياهو عبّر عن رغبته بطرد الزعبي من الكنيست، فيما صدر حكم قضائي بسجنها ستة أشهر مع وقف التنفيذ.
وقد استطردت السطور السابقة في التأشير إلى ردود الفعل الفلسطينية الوطنية المتضامنة مع "التجمع"، لتعريف القارئ العربي بطبيعة هذه الجولة من الاستهداف الإسرائيلي للحزب، ذي المسار الوطني والعروبي الديمقراطي الجامع. ويتبين أن غرض الحملة الجديدة وغير المسبوقة تهدف إلى تشويه سمعة الحزب، وتهيئة مناخ سلبي ضده، تمهيداً لتصفيته إن أمكنهم ذلك، بعدما فشلت الحملات السابقة ذات الطابع السياسي والأمني، كما أشار النائب زحالقة، والانطلاق من هذا إلى اتخاذ إجراءات تمُس وجود الحزب ووضعه القانوني، وذلك لما يتمتع به "التجمع" من طرح وطني وقومي صريح، مرتبط بحقوق المواطنة الكاملة، تفادياً لمواطنةٍ تؤدي الى التذويب الوطني والقومي، وإلى الأسرلة، "هوية قومية، مواطنة كاملة"، حسب شعار الحزب، مع اندفاع إلى مزاولة العمل السياسي وعدم الزهد به. وقد نشأ الحزب عام 1995، وضمّ ائتلافاً للحركة التقدمية، وحركة أبناء البلد، وحركة ميثاق المساواة وشخصيات مستقلة، قبل أن تنضم إليه أجيال جديدة من ذوي خلفيات اجتماعية شتى، حزبية وغير حزبية. وعلى الرغم من أن "التجمع" أظهر هويته الوطنية الفلسطينية منذ نشأته، ما شكّل سابقةً تاريخية بالغة الإيجابية في الحياة الحزبية، إلا أن تواصله مع الجسم السياسي الفلسطيني في الأراضي المحتلة التي نِشأت عليها السلطة الوطنية لم يكن قوياً، بخلاف الأحزاب العربية الأخرى التي لم تؤكد وجهها الوطني الفلسطيني، ومع ذلك، حرصت على التواصل مع السلطة، وخصوصاً في عهد رئيسها الراحل، ياسر عرفات، وبث رسالة سياسية ضمنية بأن الشعب الفلسطيني واحد متحد، وكفاحه هنا وهناك متكامل الحلقات.
الآن، وقد انكشف المخطط الإسرائيلي لتجريم العمل السياسي، من الواجب إبداء التضامن مع "التجمع" (وهو ما قد حدث ويتطلب بالطبع استكماله)، وكذلك مع الحركة الإسلامية في الشمال، واعتبار الأخيرة جسماً اجتماعياً وسياسيا حيّاً، وشرعياً يشارك مثل غيره في الهيئات الوطنية التمثيلية.
وقد تولّى قيادة حزب التجمع، بالانتخاب الداخلي منذ العام 2007، كلٌ من واصل طه، وعوض عبدالفتاح الذي شملته الاعتقالات التي تفرض على القوى الوطنية واقعاً سياسيا جديداً، وتُملي وضع أجندةٍ تستجيب لجسامة هذا التحدّي.
ووجهت الحملة على الحركة الإسلامية وزعيمها بموجة احتجاجات نشطة وواسعة، غير أن وتيرة الاعتراض هدأت شيئا فشيئاً، كما أن النشاط الوطني العام أصابه قدر من الركود، بعد "اطمئنان" الأحزاب وقياداتها إلى نيل القائمة العربية المشتركة 13 مقعداً في الكنيست، وهي المرة الأولى التي تشترك فيها الأحزاب العربية في قائمة واحدة، وحيث أصبحت الأنظار تتجه إلى فرصة النضال البرلماني، بأكثر من العمل في وسط الجمهور.
وقد عبر الوسط السياسي الفلسطيني في إسرائيل عن صحوة جديدة وجيدة، وكأن الحيوية السياسية تستلزم وجوباً وقوع كارثة، أو ما يضاهيها كمُحركٍ لها وباعثٍ عليها، فقد أوقفت السلطات عشراتٍ من ناشطي "التجمع الوطني الديمقراطي"، بمن فيهم رئيسه عوض عبدالفتاح، وعدد من قيادات الحزب، منهم الأسير المحرّر مخلص برغال، المحامي مراد حداد، عز الدين بدران، لولو طه، صمود ذياب، جمال دقة، إياد خلايلة، محمد طربيه، منيب طربيه، حسني سلطاني، عمار طه وعوني بنا، ابتداء من فجر الأحد الماضي (18 سبتمبر/ أيلول الجاري). وتم التوقيف عبر مداهماتٍ قام بها زوار الفجر لعشرات من البيوت ومقار الحزب، وجرى خلال هذه العملية مصادرة وثائق ومقتنيات خاصة بالحزب.
وقد أثارت الحملة سخط الشارع العربي الفلسطيني، لما تميزت به من محاولات ترويع، وبرز ما يشبه الإجماع على أن استهداف "التجمع" حلقة ثانية بعد استهداف الحركة الإسلامية في الشمال، لتصفية الحركة الوطنية بذرائع واهية، وإيهامٍ زائف بأن السلطات تعمد إلى احتواء خطر مزعوم، أو التصدّي لمخالفاتٍ بالغة الجسامة، علماً أن الاتهامات تدور أساساً حول أمور مالية محاسبية، ويجمع مراقبون في الداخل على أن مشكلاتٍ من هذا النوع تقع فيها عادة سائر الأحزاب. وقد أكد النائب عن حزب التجمع، جمال زحالقة، على إن هذه الهجمة ضد "التجمع" وأعضائه هي استهداف للعرب في الداخل، ولو كان الأمر يتعلق بتحقيقاتٍ حول مخالفاتٍ إدارية ومالية، لكان على الشرطة اعتقال رئيس الحكومة الذي تجري حوله التحقيقات منذ سنوات. وأفاد بأن "التجمع" قدّم كل المستندات والوثائق التي طلبها مراقب الدولة، وتثبت مصدر الأموال التي تلقاها من التبرعات من أعضاء الحزب ومؤيديه لتمويل نشاطاته، وهذه الاعتقالات ما هي إلا وسيلة للترهيب ومحاولة لثني الناشطين عن مواصلة العمل السياسي. وأكمل زحالقة أنه ليس غريبًا أن تحاول المؤسسة هذه المرة صبغ "التجمع الوطني الديمقراطي" بتهم ذات طابع جنائي، بعد أن فشل في ملاحقاته السياسية طيلة السنوات الماضية بتهم ذات طابع أمني وسياسي.
وقد سارعت القوى الوطنية السياسية والاجتماعية إلى التضامن مع حزب التجمع، والتأم طيف واسع منها في مقر الحزب في الناصرة، وأصدرت بيانات شديدة اللهجة ضد العسف الإسرائيلي الجديد الذي يطاول حزباً بكامله، سعياً الى مصادرته، ومحاولة حظره بغير أساس قانوني. وفي ردود الفعل، أشار رئيس كتلة القائمة المشتركة، النائب مسعود غنايم، إلى إن "المتهم الحقيقي هو نتنياهو وسياساته العنصرية"، وقال: "نعتبر أن استهداف التجمع، ومن قبله الحركة الإسلامية، هو استهداف للعمل السياسي العربي الفلسطيني في البلاد. وكلنا موحدون في هذه المعركة". وقال رئيس لجنة المتابعة العليا، محمد بركة، "المستهدف هو ليس فقط التجمع، بل الجماهير العربية وكل الأحزاب العربية، والتحقيقات سياسية وليست مالية، ولن نترك التجمع وحيدًا في هذه المواجهة، لن نسمح بتجريم العمل السياسي". وأضاف "ليس هناك أي حزب لم يتعرّض لمساءلة من مراقب الدولة، وطلب تسليمه إيضاحات وملفات، وفي حال لم يكفه ما قدّم من مستندات، كان يطلب تصليحات في التقارير، وفي أسوأ الأحوال كان يفرض غرامة، لكن إحالة الموضوع للشرطة والقيام بالمداهمات، فهذا يدل على هدف سياسي لتجريم العمل السياسي في الداخل".
وقد وصفت القائمة البرلمانية المشتركة ما جرى بأنه "مما يميز الأنظمة العسكرية الفاشية، ويدل على نوايا مبيتة واستهداف للحزب"، وأكدت أنها "لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء الملاحقة السياسية والعدوان الفاشي الذي يتعرّض له التجمع الوطني الديمقراطي".
وشاركت هيئات أخرى في الحملة الوطنية، منها الحزب الشيوعي والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة ولجنة التوجيه العليا لبدو النقب والحركة الإسلامية والحركة العربية للتغيير، وميزان لحقوق الإنسان، وجمعية الدفاع عن حقوق المهجرين. كما خرج حشد سياسي كبير في الناصرة بتظاهرة تضامن مع حزب التجمع مساء الثلاثاء 20 سبتمبر .
وخلافاً لحملة التضامن الواسعة، وشبه الشاملة، في صفوف المجتمع السياسي الفلسطيني في الداخل، فإن القوى السياسية في الضفة الغربية وقطاع غزة لم تُبد حتى تاريخ كتابة هذا المقال التضامن الواجب والمأمول، باستثناء بيان تضامني أصدره الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني ( فدا).
وتجدر الإشارة الى أن الحملة الصهيونية على حزب التجمع مستمرة، وتعود بداياتها إلى العام 2007، حين جرى توجيه الاتهام لمؤسس الحزب ورئيسه آنذاك، عزمي بشارة، بـ"الاتصال بالعدو"، وذلك في أعقاب زيارات تضامنية قام بها بشارة إلى بيروت ودمشق، أبدى فيها التضامن ضد الحرب الإسرائيلية على لبنان وحزب الله في صيف العام 2006، وهو ما حمل بشارة على الاستقالة من الكنيست، ورفض تسليم نفسه للسلطات الإسرائيلية. وتبع ذلك شن حملات مسعورة على النائبة عن "التجمع"، حنين الزعبي، حتى أن نتنياهو عبّر عن رغبته بطرد الزعبي من الكنيست، فيما صدر حكم قضائي بسجنها ستة أشهر مع وقف التنفيذ.
وقد استطردت السطور السابقة في التأشير إلى ردود الفعل الفلسطينية الوطنية المتضامنة مع "التجمع"، لتعريف القارئ العربي بطبيعة هذه الجولة من الاستهداف الإسرائيلي للحزب، ذي المسار الوطني والعروبي الديمقراطي الجامع. ويتبين أن غرض الحملة الجديدة وغير المسبوقة تهدف إلى تشويه سمعة الحزب، وتهيئة مناخ سلبي ضده، تمهيداً لتصفيته إن أمكنهم ذلك، بعدما فشلت الحملات السابقة ذات الطابع السياسي والأمني، كما أشار النائب زحالقة، والانطلاق من هذا إلى اتخاذ إجراءات تمُس وجود الحزب ووضعه القانوني، وذلك لما يتمتع به "التجمع" من طرح وطني وقومي صريح، مرتبط بحقوق المواطنة الكاملة، تفادياً لمواطنةٍ تؤدي الى التذويب الوطني والقومي، وإلى الأسرلة، "هوية قومية، مواطنة كاملة"، حسب شعار الحزب، مع اندفاع إلى مزاولة العمل السياسي وعدم الزهد به. وقد نشأ الحزب عام 1995، وضمّ ائتلافاً للحركة التقدمية، وحركة أبناء البلد، وحركة ميثاق المساواة وشخصيات مستقلة، قبل أن تنضم إليه أجيال جديدة من ذوي خلفيات اجتماعية شتى، حزبية وغير حزبية. وعلى الرغم من أن "التجمع" أظهر هويته الوطنية الفلسطينية منذ نشأته، ما شكّل سابقةً تاريخية بالغة الإيجابية في الحياة الحزبية، إلا أن تواصله مع الجسم السياسي الفلسطيني في الأراضي المحتلة التي نِشأت عليها السلطة الوطنية لم يكن قوياً، بخلاف الأحزاب العربية الأخرى التي لم تؤكد وجهها الوطني الفلسطيني، ومع ذلك، حرصت على التواصل مع السلطة، وخصوصاً في عهد رئيسها الراحل، ياسر عرفات، وبث رسالة سياسية ضمنية بأن الشعب الفلسطيني واحد متحد، وكفاحه هنا وهناك متكامل الحلقات.
الآن، وقد انكشف المخطط الإسرائيلي لتجريم العمل السياسي، من الواجب إبداء التضامن مع "التجمع" (وهو ما قد حدث ويتطلب بالطبع استكماله)، وكذلك مع الحركة الإسلامية في الشمال، واعتبار الأخيرة جسماً اجتماعياً وسياسيا حيّاً، وشرعياً يشارك مثل غيره في الهيئات الوطنية التمثيلية.
وقد تولّى قيادة حزب التجمع، بالانتخاب الداخلي منذ العام 2007، كلٌ من واصل طه، وعوض عبدالفتاح الذي شملته الاعتقالات التي تفرض على القوى الوطنية واقعاً سياسيا جديداً، وتُملي وضع أجندةٍ تستجيب لجسامة هذا التحدّي.