آخر هذه الهجمات، جاءت من الوزير المحافظ السابق، إيان دانكين سميث، الذي قال، اليوم الأربعاء، إنّ "السير روجرز لم يعد محط ثقة وعليه الذهاب، وإنّ استقالته جاءت في محلّها".
وفي حديث مع "سكاي نيوز"، قال سميث إنّ "السير روجرز ليس الله بجلاله"، وأضاف أنّ "وظيفة الخدمة المدنية هي تنفيذ إرادة الشعب البريطاني".
وجاءت تعليقات سميث عقب تسرّب رسالة استقالة السير روجرز إلى موظفيه، التي وصفها، أنّها تمثّل نوعاً من التباهي أو التعالي والخبث، كذلك قال سميث لراديو "بي بي سي 4"، إنّه ينبغي على موظفي الخدمة المدنية أن "يمزّقوا كتاب القواعد" حول كيفية التعامل الطبيعي مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بعد مغادرة روجرز.
وتابع سميث، إنّ "عليهم أن يقبلوا ويفهموا أنّنا سنغادر، وبالتالي هذا يعني أنّ وجهات النظر والآراء التي تصدر عن أعضاء من دول مختلفة لا تتناسب مع الواقع أحياناً"، وأكمل موجّهاً كلامه إلى السير روجرز: "إن كنت لا توافق، مع احترامي الكامل لك، عليك أن تذهب".
وانتقد سميث أيضاً، تقليل السير روجرز من قيمة منصبه عن طريق التوجّه إلى العامة في كثير من الأحيان، وأردف، إنّها المرّة الثانية التي يثبت الوزراء أنّهم على صواب كونهم غير مهيئين للثقة فيه كما كانوا سيثقون في آخرين.
وصدر، يوم أمس، بيان عن المكتب الإعلامي لوزارة الخارجية، عن استقالة السير إيفان روجرز، الممثّل الدائم للمملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي، من منصبه، قبل أشهر من موعد انتهاء خدمته في أكتوبر/تشرين الأوّل. وأظهر البيان أنّ "قراره جاء في هذا الوقت، لإعطاء فرصة لتعيين خليفة له، قبل البدء بتنفيذ المادة 50 في نهاية مارس/آذار المقبل".
ومن المتوقّع أن تعيّن رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، سفيراً جديداً لبريطانيا لدى الاتحاد الأوروبي، يؤمن بـ"البريكسيت" (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي). وكتبت صحيفة "ذا تلغراف" أنّ السير روجرز، أعلن استقالته، الثلاثاء، بعد أن بات واضحاً أنّ ماي وكبار المسؤولين فقدوا ثقتهم فيه، نتيجة آرائه المتشائمة حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
كذلك أوضحت مصادر حكومية، أنّ السير روجرز، "قفز قبل أن يدفع"، وأنّ مكتب رئيس الوزراء يؤمن بعجز روجرز عن قيادة المفاوضات، في حال إطلاق المادة 50، وذلك بسبب رؤيته السلبية للأمور.
وطلب السير روجرز من موظفيه، في خطاب الاستقالة، الذي تسرّب مساء الثلاثاء، "التصدّي لأصحاب التفكير المشوّش وغير السليم، في حكومة ماي، وألّا يخافوا من قول الحقيقة لمن هم في مركز السلطة وأن يدعموا بعضهم بعضاً في هذه اللحظات الصعبة"، وتابع، إنّهم "يجهلون لغاية الآن الأهداف التي ستحدّدها الحكومة في مفاوضاتها حول علاقة بريطانيا بالاتحاد الأوروبي بعد خروجها منه". وأضاف: "هناك كثير من المعلومات التي سنعرف بشأنها في وقت لاحق من هذا العام حول الشكل السياسي للاتحاد الأوروبي ذاته والداعمين السياسيين في أي مفاوضات مع بريطانيا".
ويبدو أنّ هذا الانتقاد المبطّن الذي وجهه السفير، أثار غضب مكتب رئيسة الوزراء، الذي رفض التعليق على استقالة السير روجرز.
من جهته، حذّر، السير سايمون فريزر، والرئيس السابق للخدمة الدبلوماسية، الذين عملوا مع السير روجرز لسنوات، من خسارة بريطانيا أحد أهمّ وأكبر خبرائها في أوروبا، قبل أشهر من بدء المفاوضات الشديدة التعقيد حول "بريكسيت". ورفض السير فريزر أقوالاً تفيد بأنّ السير روجرز، لم يكن صارماً بما يكفي في المفاوضات، بما في ذلك محاولة ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء السابق، إعادة تشكيل علاقة بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي قبل الاستفتاء، ووصفه بالمفاوض شديد العزم، الذي عمل بجد لتحقيق أهداف الحكومة.
ومن المعلوم، أنّ كبار وزراء الحكومة، بمن فيهم وزير الخارجية، بوريس جونسون، يرون أنه ينبغي استبدال السير روجرز بآخر يؤمن بصدق بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ويدعمه.
وأكّد مصدر حكومي، أنّ ماي تريد أن يكون السفير المقبل للاتحاد الأوروبي شخصاً يؤيّد موقف الحكومة الحالية من "البريكسيت".
وتجدر الإشارة إلى أنّ تعليق السير روجرز، حول بريكسيت في ديسمبر/كانون الأوّل، أثار غضب المشكّكين في الاتحاد الأوروبي، بعدما أبلغ وزراء أنّ الخروج من الاتحاد الأوروبي قد يستغرق عشر سنوات، وقد لا ينجح أبداً. لذلك، يصفه النواب المحافظون بالمتشائم الكئيب، وكانت هناك دعوات لاستقالته.
يشار إلى أنّ سلسلة من اللقاءات الفاترة نوعاً ما، بينه وبين ماي وكبار المسؤولين لديها في اجتماع المجلس الأوروبي في بروكسل ديسمبر/كانون الأوّل، أقنعته بضرورة الاستقالة.
في المقابل، أكّدت مصادر حكومية، مساء أمس، أنّ قرار استقالة السير روجرز، لن يعدّل أي شيء في الجدول الزمني لـ"بريكسيت" بأي شكل من الأشكال.
وعيّن كاميرون، السير روجرز، في عام 2012، ليكون كبير مستشاري أوروبا قبل أن يصبح في عام 2013، سفير بريطانيا لدى الاتحاد الأوروبي. واتُّهم في عام 2016 بنظرته المتشائمة حول "بريكسيت"، وقدّم استقالته في 3 يناير/كانون الثاني 2017.