كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، ظهر الإثنين عن وجود مفاوضات سرية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، انطلقت الشهر الماضي حول وقف نشاط قوات الاحتلال في المدن الفلسطينية المصنفة بأنها منطقة "A"، باستثناء الحالات التي تعتبرها حكومة الاحتلال "قنبلة موقوتة" وتعني بها توفر معلومات استخباراتية عن عملية محتملة قد تنفذ خلال وقت قصير، ويتعين التحرك العسكري فورا لإحباطها.
وقالت الصحيفة نقلا عن موظفين رفيعي المستوى إن إسرائيل اقترحت بداية على السلطة الفلسطينية إعادة كامل الصلاحيات للسلطة وفق نموذج رام الله أريحا أولا، بحيث يخرج الجيش الإسرائيلي من محيط هاتين المدينتين في المرحلة الأولى وتسليم كامل الصلاحيات الأمنية فيهما للأجهزة الأمنية الفلسطينية، وفي حال نجحت هذه التجربة (وفق المفاهيم الإسرائيلية) سيتم تطبيقها على مدن فلسطينية أخرى.
وبينت المصادر التي تحدثت للصحيفة أن المحادثات بين الطرفين تعثرت بفعل شروط وضعتها القيادة السياسية في الجانبين، لكن الفكرة لا تزال مطروحة ولم يتم طيها نهائيا.
ولفتت الصحيفة إلى أن من يقف وراء هذا التحرك هو منسق شؤون حكومة الاحتلال في الأراضي الفلسطينية، الجنرال يوآف مردخاي، وقائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال، الجنرال روني نوما، وأن هذه الاتصالات تمت بمعرفة وموافقة كل من رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير أمنه موشيه يعالون ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي، جادي أيزنكوت.
اقرأ أيضا: وزير إسرائيلي: "انهيار السلطة الفلسطينية" مسألة وقت
وأكد الموظفون الرسميون الذين تحدثوا للصحيفة أن الهدف الرئيسي من وراء هذا التحرك هو حماية التنسيق الأمني بين قوات الاحتلال وبين أجهزة الأمن الفلسطينية بشكل أساسي، وتهدئة الأوضاع وتخفيف حدة الاحتكاك بين عناصر الاحتلال وبين الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.
ووفقا للمصادر الإسرائيلية فقد شارك في هذه المحادثات عن الجانب الفلسطيني، وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ، ورئيس المخابرات ماجد فرج ورئيس الأمن الوقائي زياد هب الريح، إلى جانب الجنرال الأمريكي فريد رودشهايم.
وبحسب الصحيفة الإسرائيلية فإن أول لقاء عقد في التاسع من شباط، فبراير الماضي وبمشاركة الجنرال يعقوف نوما ويوأف مردخاي،عن الطرف الإسرائيلي مقابل حسين الشيح وماجد فرج وهب الريح عن الطرف الفلسطيني. وذكر مسؤولون فلسطينيون أن الجانب الفلسطيني أوضح أنه في حال رفضت حكومة الاحتلال إعادة انتشار قواتها، في المنطقتين AوB خارج المدن الفلسطينية وكما كان الوضع قبل الانتفاضة الثانية فستقوم السلطة بوقف التنسيق الأمني.
وعلى إثر هذا الموقف تم في الجانب الإسرائيلي، وبحسب الصحيفة بلورة اقتراح إسرائيلي، أطلع عليه كل من نتنياهو ويعالون ونص على، وقف شبه مطلق لاقتحام جيش الاحتلال المنطقة A باستثناء "حالات الطوارئ". حيث أوضحت إسرائيل احتفاظها بالحق للعمل داخل أراضي المنطقة المذكورة في حالات "القنبلة الموقوتة"، وإن كانت ستشدد المعايير الخاصة بهذا التعريف، عبر رفع مستوى الإذن العسكري المطلوب لهذا الأمر من أمر من قائد لواء إلى إذن من قائد المنطقة الوسطى في الجيش أو حتى لإذن من رتبة عسكرية أعلى.
أما النقطة الثانية في الاقتراح الإسرائيلي فهي اقتراح تقليص نشاط الجيش بشكل ملحوظ وكبير في كل من رام الله وأريحا كتجربة أولى، وإذا حقق ذلك نتائج يتم تقليص نشاط الجيش في مناطق أخرى.
وتتجلى النقطة الثالثة في المقترح الإسرائيلي بأن تعمل الأجهزة الأمنية الفلسطينية بشكل أوسع في حال تم تسليمها معلومات استخباراتية عن "عناصر إرهابية" تنشط أو موجودة في مناطق A.
وتبنى رئيس الحكومة الإسرائيلية ووزير الأمن الخطة ولكنهما أضافا إليها شروطا إضافية لخطوات على الفلسطينيين اتخاذها مثل "مكافحة التحريض"، لكن الطلب الرئيسي كان التوصل إلى تفاهمات سياسية تعترف السلطة بموجبها بحق إسرائيل في العمل داخل المنطقة A.
وبحسب الصحيفة الإسرائيلية فقد تم نقل هذه المقترحات لرئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، لكن كان هناك تباين في المواقف داخل السلطة الفلسطينية، ففيما أيد المقترحات قادة الأجهزة الأمنية فإن المستوى السياسي في الطرف الفلسطيني تحفظ من شروط نتنياهو، وخاصة أنها غير موجودة في اتفاق أوسلو.
اقرأ أيضا: عجز إسرائيلي عن فهم الانتفاضة وقمعها: "حماس" توجّهها