نيران الأسعار تلتهم الأجور في سورية

03 سبتمبر 2014
تأمين الاحتياجات الأساسية بات أمراً صعباً في سورية(أرشيف/Getty )
+ الخط -

لم يصدر نظام بشار الأسد، كما وعدت وزارة المالية، مرسوماً بزيادة الرواتب والأجور، ما زاد عدد الفقراء السوريين عن 52 في المئة، نتيجة الخلل الكبير بين دخلهم المحدود والتضخم النقدي الذي أكل أجورهم، وفقدانهم مصادر الرزق إثر فصل مؤيدي الثورة من عملهم، أو هدم البنى الزراعية والمنشآت الصناعية عبر العقاب الجماعي والقصف بالطائرات والبراميل المتفجرة، التي يعتمدها النظام منذ نحو ثلاثة أعوام.

وصدرت دراسة أكاديمية متخصصة في دمشق، أخيراً، أوضحت عبر الأرقام، مستوى الخلل الذي يعيشه السوريون بعد غلاء الأسعار الذي لم يقتصر على الغذاء، بل شمل متطلبات العيش جميعها، من مسكن وملبس وصحة وخدمات.

وقالت الدراسة، التي قدمها الباحث نضال طالب: "إن الإنفاق الحالي للأسرة السورية المكوّنة من خمسة أفراد شهرياً يعادل 84.4 ألف ليرة سورية (570 دولاراً)".

إنفاق الأسرة
واعتمدت الدراسة على المقارنة بآخر مسح لإنفاق الأسرة أجراه المكتب المركزي للإحصاء عام 2009، حيث قدّر متوسط إنفاق الأسرة السورية شهرياً في حينه بنحو 30.9 ألف ليرة سورية (210 دولارات). وبحسب تقديرات المكتب نفسه لمعدلات التضخم السنوية، فإن معدل التضخم التراكمي في سورية، منذ ما قبل الأزمة عام 2010 حتى نهاية عام 2013، بلغ 173 في المئة.

وإذا ما انعكس معدل التضخم على تقديرات الإنفاق عام 2009، فهذا يعني أن الأسرة السورية، التي كان متوسط إنفاقها على مكونات السلة الاستهلاكية، بحسب الأرقام الحكومية قبل الأزمة، 30.9 ألف ليرة سورية، أصبح إنفاقها حالياً 84.4 ألف ليرة سورية شهرياً لتنفقها على كامل مكونات السلة، وهي تعكس الحاجة الفعلية للأسرة السورية شهرياً.

وبالنسبة للأغذية والمشروبات، ووفق التصنيف العالمي للحاجات الغذائية والسعرات الحرارية اللازمة لحياة الفرد يومياً، والتي تعتمد على عدّة عوامل، منها السنّ وحجم الجسم والطول والجنس ونمط الحياة والحالة الصحية ككلّ، والمقدّرة وسطياً بنحو 2400 سعرة حرارية يومياً، فإن حاجات الإنسان الغذائية يومياً تقدّر بمبلغ 289 ليرة سورية، لكي تحقق تغذية سليمة للفرد، وفقاً للتصنيف العالمي.

وتقدّر قيمة الحاجة شهرياً للفرد الواحد بنحو 8.67 آلاف ليرة سورية، ولأسرة مكوّنة من خمسة أشخاص 43.35 ألف ليرة سورية شهرياً، وإذا ما أضفنا قيمة مشروبات 2200 ليرة سورية، ثمن كلغ من الشاي وكلغ من البن، تصبح قيمة الإنفاق شهرياً على الأغذية والمشروبات اللازمة لأسرة مكوّنة من 5 أشخاص هي 45.55 ألف ليرة سورية.

وبشأن السكن، قالت الدراسة: "يقدّر متوسط الإيجار لشقة مفروشة مؤلفة من غرفتين وصالة في مناطق السكن العشوائي بنحو 25 ألف ليرة (170 دولاراً)، وفي حال تملّك المنزل وعدم دفع إيجار، فإن ذلك لا يعني عدم ترتب إنفاق، وإنما هناك قيمة عقار مجمّدة وتستحق فائدة على رأس المال".

وقالت الدراسة إن إنفاق الفرد على الملابس بالمتوسط ألفا ليرة سنوياً، وافترضت أن التعليم متاح للسوريين وأن المؤسسات الصحية ما زالت على قيد الخدمة، ما يعني أن معاناة أخرى تضاف على كاهل مَن بقي في سورية ولم تهجّره آلة حرب النظام، فقد أشارت الدراسة إلى أن العائلات السورية تنفق سنوياً نحو 70 مليار ليرة (493 مليون دولار) على الرعاية الصحية من دخلها الخاص، إضافة إلى ما تنفقه الحكومة من موازناتها السنوية والبالغة نحو 63 مليار ليرة، وذلك وفقاً لدراسة الإنفاق الأسري التي أنجزت عام 2010 بالتعاون بين وزارة الصحة وجامعة دمشق والاتحاد الأوروبي.

ووفقاً لذلك، يكون متوسط إنفاق الفرد سنوياً على الرعاية الصحية من دخله الخاص يبلغ نحو 3 آلاف ليرة، وبحسب بيانات عام 2010، أي قبل تأثر قطاع الرعاية الصحية بالتضخم أيضاً، يكون إنفاق الأسرة المكوّنة من خمسة أشخاص شهرياً بشكل تقديري نحو ألف ليرة.

ارتفاع رسوم التسجيل
أما التعليم قبل الجامعي، فإنه وفق إحصاءات رسمية، فإن تجهيز أسرة لديها ثلاثة طلاب في المراحل المدرسية المختلفة يحتاج إلى 15 ألف ليرة في الحد الأدنى، وبالتالي فإن توزيعه على الأشهر يبلغ 1250 ليرة سورية.

وتشكل كلفة شراء الكتب والمحاضرات في التعليم الجامعي جزءاً من تكاليفها فقط، وتقدّر بالحد المتوسط لطالب جامعي لديه 12 مقرراً، بنحو 12 ألف ليرة سنوياً، لتصل كلفة طالب التعليم العالي الواحد في الأسرة إلى ألف ليرة سورية شهرياً بالحد الأدنى، لأغراض الدراسة فقط، بينما ارتفعت رسوم التسجيل السنوية أيضاً بنسبة مئة في المئة من سبعمئة ليرة في كلية الآداب مثلاً إلى 1400 ليرة، أما التعليم المفتوح، فبلغت نسبة الارتفاع فيه 66% عن الرسوم السابقة.

وخلصت الدراسة إلى أن الفجوة بين الحد الأدنى للأجر المعمول به في سورية والبالغ 13.6 ألف ليرة، والحد الأدنى اللازم للمعيشة البالغ 80 ألف ليرة، فهي 66.3 ألف ليرة، وهذه الفجوة لم تتطرق إلى متطلبات كثيرة وطارئة يحتاجها السوريون، وبذلك أصبحوا يعيشون تحت حصار الأزمات المعيشية.

زيادة أجور النقل
وأكدت دراسة، صدرت أخيراً عن أحد مراكز البحوث في دمشق، أن أجور النقل الجماعي في سورية ارتفعت بالمتوسط من 10 ليرات سورية لخط السير الواحد في عام 2010، إلى 25 ليرة حالياً، أي بنسبة 150%.

وقالت الدراسة: "إذا ما افترضنا أن أسرة مكوّنة من خمسة أشخاص، يتحرك يومياً ثلاثة منهم فقط للعمل والدراسة، وبكلفة مواصلات 50 ليرة يومياً للفرد، تكون تكاليف النقل شهرياً لكامل الأسرة نحو 4.5 آلاف ليرة".

دلالات