نوعيّة

18 اغسطس 2018
وقت جميل معاً (Getty)
+ الخط -
معظم المتخصّصين والباحثين في علم النفس، يشدّدون على "النوعيّة" في علاقة الأمهات والآباء بأطفالهم في الوقت الحالي. والحال أنّ الواقع المَعيش جعل الأهل بل العائلة مجبرة على الالتزام بإيقاع مختلف. عمل المرأة لم يعد مجرّد رغبة في إثبات حقّ، بل بات حاجة تمكّن العائلة من الاستمرار والتكيّف مع متطلّبات العصر. ويصعب عزل النفس عن كل هذه المغريات، ليكون الحلّ الوحيد ربّما في التحايل عليها، وعدم المبالغة.

إذاً، النوعية هي ما تنقذ الأهل وخصوصاً الأمهات من تأنيب الضمير بسبب عدم قضائهن الوقت اللازم مع أطفالهن، حال أمهاتهن معهن. والنمط الذي اعتاد عليه معظم الأطفال هو أمٌّ تنتظر قدوم الأطفال من المدارس لتناول الغداء معاً، ثمّ الدراسة والقيام بأنشطة مشتركة. وإن لم يكن هذا النمط الوحيد، إلا أنه كان شائعاً، أقلّه في المعتقد. وكان دور المرأة كأم يطغى على أدوارها الأخرى، سواء اختارتها بملء إرادتها أم فرضت عليها.

ولم تعتد العائلات على أن يكون للمرأة حيّز خاص. هي ملكٌ للعائلة ومتطلّباتها الكثيرة. وطالما هي متوفرة، لم يكن قضاء الوقت مع الأطفال مشكلة، وإن كان معظم وقتها "يُهدر" في تنظيف المنزل وطهي الطهام وغسل الملابس وكيّها وشراء كل ما يلزم.



أمّ اليوم تنافس أمّ الأمس بالنوعية. والأخيرة تعني قضاء وقت نوعي سواء بين الأم والطفل، أو الأب والطفل، أو العائلة. يمكن للأم وطفلها الغناء معاً أو الرسم أو اللعب أو قراءة القصص أو التحدّث في الهوايات وغيرها من الأمور. ومن شأن هذه التفاصيل تكوين ذكريات تُخزّن في أذهان الأطفال. مع ذلك، يبقى هذا الصراع قائماً في أذهان الأمهات. هل يكون هذا الوقت كافياً حقاً؟

لم تخرج أمهات كثيرات من النسق الذي تربين عليه، والذي يفرض عليهن أداء دور الأمومة حدّ التطرّف، ما يكرّس الأنانية لدى الطفل. وحين تقول الأم لطفلها إنها ترغب في أمر ما، قد يكون جوابه صادماً على الرغم من كل ما تفعله من أجله: "دائماً ما تحقّقين رغباتك". ويتكرّر الأمر لأن أمهات كثيرات اعتدن التضحية في سبيل فكرة أكثر من الطفل نفسه، لأنّه من غير المسموح للأم التفكير في نفسها.

وفي حال أرادت ذلك، يبدأ التشكيك في أمومتها وعاطفتها، وقد ارتكبت خطأً كبيراً. نساء/ أمهات اليوم يخضن صراعاً حقيقياً. أمومتهن إلى جانب أدوارهن الأخرى تفرض عليهن نمط حياة صعباً، ولا بديل من خلق توازن ونوعيّة. لكن النوعية لا تشمل علاقتهن بأطفالهن فقط، بل يجب أن تشمل علاقتهن بأنفسهن.