نوري المالكي في بيروت: زيارة رسميّة... إلى حزب الله

02 ديسمبر 2014
A2754154-7D74-4D67-BE50-4CEFC226D3B3
+ الخط -
"يسرني أن أعرب عن تقديري لشخصكم وللجهود والجهاد الذي بذلتم من أجل عراق سيدّ حرّ ومستقل، والمعركة اليوم هي معركة تحرّر وإثبات السيادة للإرادة الشعبية؛ وهذا ما يجعلنا معاً في هذه المعركة لأن العدو واحد، والهدف هو إخضاع إرادة الشعوب فيما نتوق معاً لتحرير شعوبنا ومنطقتنا من هيمنة المستكبر والمتسلط". بهذه الكلمات استقبل رئيس كتلة الوفاء للمقاومة (كتلة حزب الله النيابيّة في لبنان) محمد رعد رئيس الحكومة العراقية السابق، نائب الرئيس الحالي، نوري المالكي في متحف مليتا (جنوب لبنان)، الذي أقامه حزب الله لشرح عمل المقاومة ضدّ إسرائيل.

لم يوضح رعد قصده بالحرية والسيادة والاستقلال، ولا هوية المستكبر. الافتراض الأول هو أن الولايات المتحدة هي المستكبر. لكن، حقيقة أن المالكي هو من طلب من الأميركيين توجيه ضربات جوية لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، لا يُشير تماماً إلى أن واشنطن هي المستكبر.
المهم هو أن الخطاب قيل، وأن عمليّة إعادة الاعتبار للمالكي بدأت في طهران وتُستكمل في بيروت. عند سؤال المعنيين في وزارة الخارجية اللبنانيّة عمّا إذا كانت زيارة المالكي رسميّة أم غير رسميّة، يأتي الجواب، بعد استفسارات بين الموظفين: "الزيارة رسميّة لكن الشباب في حزب الله وحركة وأمل تكفلوا بالاستقبال وكل شيء". وعند الاستيضاح مجدداً من الموظف، يؤكّد الأخير بأنه لم يكن لوزارة الخارجيّة أي دور باستقبال المالكي.

هكذا إذاً، يزور رئيس وزراء العراق السابق، وأحد نواب الرئيس العراقي حالياً بيروت، ولا دور لوزارة الخارجيّة، بل إن الاستقبال تكفّل به حزب الله وحركة أمل. بعبارات أخرى، تولّى جهاز العلاقات الخارجيّة اللبناني غير الرسمي، استقبال المالكي، وكلّ تفاصيل الزيارة. صار هناك جهاز علاقات خارجيّة لبناني غير رسمي، تماماً كما هو حال الأمن، وقطاعات أخرى، يُفترض أنها من القطاعات السياديّة للدول. ولم يستقبل رئيس الحكومة اللبنانيّة تمام سلام المالكي، رغم أن وسائل إعلام من حزب الله قالت إن المالكي سيزور سلام، لكن الأخير غادر صباح الإثنين إلى بروكسل من دون استقبال المالكي، كما أكّد أحد مستشاري سلام لـ "العربي الجديد".

التقى المالكي في بيروت بالأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، ورئيس الحكومة اللبنانيّة الأسبق سليم الحصّ، واستقبل في مليتا وفدا رسميا من حزب الله ومن حركة أمل، والملفت كان حضور رئيس فرع الرصد والاستطلاع في المديرية العامة للأمن العام المقدم فوزي شمعون، من دون حضور ممثل أي جهاز أمني آخر. هل دُعي هؤلاء ولم يحضروا؟ أم لم تتم دعوتهم؟

دخل المالكي بيروت دخول الفاتحين، بعد أن عاشت المدينة حملته الانتخابية في أبريل/نيسان الماضي، حين رُفعت صور المالكي على امتداد الطريق إلى مطار بيروت الدولي. دخل المالكي بيروت، وبدأ بإعطاء اللبنانيين نصائح سياسيّة. قال المالكي إن "داعش وخلفها القاعدة وخلفها حزب البعث وخلفها الطائفيون؛ هذه كلها أدوات مصنعة ممن يريد أن يهتك حرمة وسيادة هذه الامة". لكنه لم يوضح تماماً ما المقصود بحزب البعث؟ هل المقصود به السنة عموماً، أم حزب البعث كإيديولوجيا؟ وإذا كانت الإيديولوجيا هي المقصودة، فكيف يكون البعث مدمراً في العراق، ومنقذاً في سورية؟ أضاف المالكي: "إن ما يحدث في سورية من مؤامرة وتدمير ليس هدفه سوى العراق، وسورية ليست إلا البوابة، ولاستهداف لبنان أيضاً من خلاله ومعه إيران".

وبعد أن حدّد المالكي الجهات المستهدفة، أشار إلى أن "الدفاع عن كل هذه المناطق هو واجب مقدس بالنسبة لنا... والحمد لله انتصر أبناء العراق وانتفاضتنا الجهادية الرابعة أشرقت". لم يُحدّد المالكي، ماهية هذه الانتفاضة الجهادية الرابعة؟

زيارة المالكي واحتضان حزب الله له أتت بعد زيارته لطهران، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. في تلك الزيارة، أشاد المرشد الإيراني علي خامنئي "بشجاعة واقتدار وإدارة السيد المالكي خلال فترة تصديه لمنصب رئاسة الوزراء في العراق، والخدمات القيمة التي قدمها على صعيد استقرار واستقلال البلاد"، بحسب ما نقل موقع تلفزيون العالم. لكن ما هي الرسائل التي يُوجهها حزب الله إلى الداخل اللبناني عند استقباله المالكي؟ فالأخير متهم في العراق بتهميش السنة العراقيين بشكل واسع، ما أدى إلى انتشار "داعش" في العديد من المناطق. كما أنه متهم بانتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان وبتعذيب المعتقلين. وتُتهم إدارته بالفساد المالي على مستوى واسع. من دون أن ننسى أن المالكي طلب بتدخّل عسكري أميركي في العراق.

من هنا، من غير الواضح ما إذا كان استقبال المالكي، جزءا من أجندة حزب الله الداخليّة، في إطار التمهيد للحوار مع تيّار المستقبل، أم أنه مجرد ترجمة لتعويم إيران وخامنئي للمالكي.

ذات صلة

الصورة
إسماعيل هنية خلال مشاركته بتنصيب الرئيس الإيراني في طهران، 30 يوليو 2024 (Getty)

سياسة

كانت إيران، وبالأخص العاصمة طهران، مسرحاً لعمليات اغتيال حملت بصمة الاحتلال الإسرائيلي، قبل أن تستفيق فجر اليوم على عملية اغتيال إسماعيل هنية
الصورة
القيادي في حزب الله فؤاد شكر (تيليغرام)

سياسة

نشر حزب الله اللبناني، مساء اليوم الأربعاء، نبذة عن كبير المستشارين العسكريين في صفوفه فؤاد شكر بعد العثور على جثته في عمليات رفع الأنقاض بحارة حريك
الصورة
من موقع سقوط صاروخ في مجدل شمس في الجولان السوري المحتل، 27 يوليو 2024 (جيل إلياهو/رويترز)

سياسة

لم يتخذ الاحتلال الإسرائيلي بعد قراراً نهائياً حول ماهية الضربة المحتملة وشدتها على أهداف في لبنان، بحجة الرد على إطلاق صاروخ على مجدل شمس.
الصورة
الهدهد - حزب الله قاعدة رامات دافيد الجوية 23 7 2024 (لقطة شاشة)

سياسة

نشر الإعلام الحربي في حزب الله اليوم الأربعاء مشاهد جديدة صورتها طائرته المسيرة "الهدهد"، وتظهر قاعدة رامات دافيد الجوية الإسرائيلية بكامل تفاصيلها.
المساهمون