نقاشات مصرية إماراتية حول مستقبل بن سلمان

22 أكتوبر 2018
تراجع علاقة السيسي ببن سلمان في الفترة الأخيرة (Getty)
+ الخط -
أصدرت دائرة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تعليمات لوسائل الإعلام المؤيدة للنظام بعدم نشر مواضيع محلية أو غربية عن مصير ولي العهد السعودي محمد بن سلمان واحتمال إقالته من منصبه، على خلفية قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول، والقبض على 18 سعودياً، وإقالة اثنتين من الشخصيات المقربة منه، وهما مستشاره سعود القحطاني ونائب رئيس الاستخبارات أحمد عسيري، خصوصاً مع بروز تساؤلات إعلامية عديدة عما إذا كانت أي تسوية ستعقدها أو عقدتها السعودية مع الولايات المتحدة تتضمّن رحيل بن سلمان عن منصبه.

وجاءت هذه التعليمات على خلفية اتصال هاتفي جرى مساء الجمعة بين السيسي والعاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، قالت مصادر مصرية نافذة إن الملك السعودي أطلع خلاله السيسي على الصيغة التي أعلنها لاحقاً النائب العام السعودي بشأن التحقيقات في مقتل خاشقجي، كما تحدثا عن التوجّهات الإعلامية المصرية في القضية. وتضمّن الاتصال أيضاً حديثاً بين السيسي وإحدى الشخصيات المقربة من الملك السعودي عن المفاوضات بين الرياض وواشنطن، قبل التوصل إلى صيغة تحميل المسؤولية لعدد من المسؤولين السعوديين والادعاء أن خاشقجي لقي حتفه في مشاجرة.

وبحسب المصادر، فإن السيسي بارك في الاتصال هذه الصيغة، وأوصى بضمان سرية المعلومات وإطالة أمد التحقيقات، في ظل وجود تنسيق مع السعودية وتركيا حول مآلات القضية، بشرط عدم تعريض محمد بن سلمان أو أي مسؤول رفيع المستوى للخطر. كذلك تساءل السيسي عن الأبعاد القانونية للأزمة وما إذا كانت تركيا قد أبدت رغبتها في محاكمة مرتكبي الجريمة، فأجاب المسؤول المقرّب من الملك سلمان بأن المتفق عليه حتى الآن أن تتم كل الإجراءات في السعودية.

وكشفت المصادر ذاتها أنه بالتوازي مع الاتصال، وفي إطار متابعة السيسي الحذرة للأزمة، فقد تم التواصل أكثر من مرة خلال اليومين الماضيين مع ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، وتناولت النقاشات إمكانية استمرار بن سلمان في منصبه، والمعلومات المتداولة عن تعيين شقيقه خالد ولياً لولي العهد، انطلاقاً من أن السيسي بات يرى بن سلمان عبئاً على التحالف الرباعي الذي يضم السعودية والإمارات ومصر والبحرين. كذلك تواصل مدير المخابرات المصرية اللواء عباس كامل، مع وزير الشؤون الأفريقية السعودي أحمد قطان، وعدد من المسؤولين الحكوميين في المملكة لاستطلاع المزيد من المعلومات عن مستقبل بن سلمان.


وأضافت المصادر أنه على الرغم من رغبة السيسي في عدم تطرق الإعلام المصري لهذه المسألة، إلا أنه بات يتمنّى رحيل بن سلمان أكثر من أي وقت مضى، ارتباطاً بالهجوم الإعلامي الأميركي المنظّم على ولي العهد السعودي، الذي قد يتضاعف بعد نسف التحقيقات لروايته الأولى عن الحادث، كما سيطاول بالتأكيد الشخصيات السياسية العربية والغربية المقربة منه. بالإضافة إلى الحساسيات التي ثارت بين السيسي وبن سلمان منذ أزمة التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، وانتهاء بالمفاوضات السرية حول "صفقة القرن"، واعتباره أن ولي العهد يتعامل مع القاهرة بـ"قلة احترام" على حد تعبير المصادر.

وانعكست هذه الرؤية في البيانين المصريين اللذين صدرا عن الأزمة، والخطاب الإعلامي في الصحف القومية، بالتركيز على الملك سلمان، باعتباره الشخصية الوحيدة التي تدير هذا الملف في السعودية الآن، وهو ما يغاير الخطاب المصري الرسمي السابق الذي كان يُعلي من شأن بن سلمان ويصوّره كصاحب الكلمة الأولى والأخيرة في المملكة.

وسبق أن وصف مصدر دبلوماسي في الخارجية المصرية علاقة السيسي ببن سلمان بأنها "غير مريحة منذ أشهر، تحديداً بسبب المشاكل التي أثارها مستشار ولي العهد، تركي آل الشيخ، في الوسطين الرياضي والإعلامي في مصر، وحالة الاحتقان التي تسبّب فيها إلى حد دفع المئات لتنظيم تظاهرات عفوية للتنديد بوجوده في مصر، الأمر الذي اعتبره السيسي يمثل خطراً على الأمن الداخلي لنظامه".

وحاولت مصر منذ بداية الأزمة التعامل مع المستجدات وفق ظاهر الأشياء، فلم تندفع لمساندة السعودية، وكانت آخر دولة حليفة للرياض تُصدر بياناً بشأن القضية، بعد اتصال دار بين بن سلمان والسيسي قبل أيام، ولم تشأ أن تتورط في إصدار بيان يؤيد وجهة نظر الرياض بشكل كامل، بل حمل معنى مؤازرة السعودية في ما قد يحدث، وليس تبرير ما جرى. كذلك أشارت الخارجية المصرية في بيانها الصادر أول من أمس السبت إلى ترحيبها وتثمينها جهود الملك سلمان للتوصل إلى الحقيقة ومحاسبة المتورطين، إلى جانب تقديم العزاء لأسرة خاشقجي.

المساهمون