تظهر بيانات تصدير النفط الإيراني، أن العقوبات الأميركية المقرر تطبيقها ابتداءً من بعد غد الإثنين، لن يكون لها تأثير كبير على صعيد حظر هذه الصادرات، ولا سيما مع إعلان واشنطن إعفاء العديد من الدول من حظر شراء النفط من إيران.
ووفق وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، يوم الجمعة الماضي، فإن ثماني دول ستستفيد من استثناءات مؤقتة تتعلّق بشراء النفط من إيران، وسيكون بإمكانها تالياً الاستمرار مؤقتاً في استيراد النفط الإيراني، مشيراً إلى أن هذا الاستثناء تقرّر "فقط لأنها أثبتت قيامها بجهود كبيرة في اتجاه وقف وارداتها النفطية قدر الإمكان"، ولأنها أيضاً "تعاونت في العديد من الجبهات الأخرى" مع الولايات المتحدة.
ولم يحدّد بومبيو هذه البلدان التي ستصدر قائمة بها غداً الإثنين، مشيراً إلى أنّ اثنين من هذه البلدان تعهدا بقطع وارداتهما من النفط الإيراني تماماً في المستقبل، فيما ستستمر الدول الست الأخرى في شراء النفط الإيراني، إنما بكميات أقلّ بكثير من فترة ما قبل العقوبات.
لكن خريطة صادرات النفط الإيراني، وفق بيانات صادرة عن مؤسسات دولية ووزارة النفط الإيرانية فندتها "العربي الجديد"، تظهر أن أثار العقوبات الأميركية ستكون محدودة، وربما تعاود الصادرات الوصول إلى معدلاتها السابقة مع الاستثناءات الأميركية للدول الثماني، وخاصة أن بعضها قلصت بالفعل على مدار الأشهر الماضية وارداتها من إيران، ومع حصولها على استثناءات ربما تعود إلى الاستيراد بمعدلات طبيعية.
وتعدّ الصين والهند وتركيا، واليابان وكوريا الجنوبية، وإيطاليا وفرنسا واليونان وإسبانيا، من بين أكبر مشتري النفط الإيراني.
ووفق بيانات معهد التمويل الدولي، فإن صادرات النفط الخام والمكثفات الإيرانية بلغت نحو 2.8 مليون برميل يومياً في إبريل/ نيسان الماضي، بينما قدرت بنحو مليوني برميل يومياً في سبتمبر/ أيلول، بعدما خسرت نحو 800 ألف برميل بفعل الضغوط الأميركية على الكثير من المستوردين، ومنهم كوريا الجنوبية التي قلصت وارداتها بنحو كبير بما يقرب 80% .
وبحسب بيانات إبريل/ نيسان، تشتري الصين وحدها نحو 600 ألف برميل يومياً، تليها الهند بنحو 450 ألف برميل، وكوريا الجنوبية 250 ألف برميل، تركيا 200 ألف، إيطاليا 180 ألفاً، اليابان 130 ألفاً، فرنسا 110 آلاف، اليونان 100 ألف وإسبانيا 70 ألف برميل يومياً، فيما تتوزع باقي الصادرات على دول أخرى أقل استيراداً، وفق تقرير لوكالة ستاندرد آند بورز في مايو/آيار الماضي.
وقال وزير النفط الهندي دارميندرا برادان، أمس السبت، إن الهند وغيرها من كبار مشتري النفط سيستفيدون من الإعفاء الذي ستمنحه لهم الولايات المتحدة من العقوبات على إيران، مضيفاً أن الحصول على الإعفاء يرجع في معظمه إلى حملة قوية قام بها رئيس الوزراء ناريندرا مودي.
كما قال وزير التجارة التركي روهصار بكجان، أمس، إن تركيا تلقت مؤشرات أولية على أنها ستكون من الدول الثماني التي ستحصل على إعفاء من العقوبات الأميركية على إيران.
وتعتمد تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، بشدة على الواردات لتلبية حاجاتها من الطاقة، وجارتها إيران هي أحد مصادرها الرئيسة للنفط، بسبب قربها وجودة خامها وفروق الأسعار.
وقال مصدر في قطاع النفط الشهر الماضي، إن تركيا بذلت بالفعل جهوداً لخفض مشترياتها قبيل العقوبات الأميركية، لكنها ستفضل مواصلة استيراد قدر من النفط الإيراني.
وذكرت مصادر في الحكومة اليابانية، في تصريحات لهيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية، أمس، أن واشنطن ستسمح لطوكيو مؤقتاً بمواصلة استيراد النفط الخام من إيران، وهو ما أشارت إليه مصادر رسمية في كوريا الجنوبية.
وبموازاة ذلك، أعلنت الصين في أكثر من مناسبة أنها ستواصل استيراد النفط من إيران، كما أشار الاتحاد الأوروبي إلى استمرار معاملاته مع طهران، ما يجعل من الصعب على الولايات المتحدة حظر صادرات النفط الإيراني، وفق محللين.
لكن الإدارة الأميركية، اعتبرت أن هذه العقوبات "ستكون الأقوى في التاريخ"، وأنّ تطبيقها سيكون أكثر تشدداً بكثير مما كان يجري في السابق، وأن إجراءات أخرى ستتخذ في الإطار نفسه خلال الأشهر القليلة المقبلة.