إيران قبيل العقوبات: غلاء في الأسواق ومواطنون يشترون سلعاً بالجملة

04 نوفمبر 2018
ارتفاع أسعار السلع يقلق المواطنين (فرانس برس)
+ الخط -
تسيطر أجواء القلق على الأسواق في إيران، بعد إعلان الولايات المتحدة عن بدء تنفيذ الحزمة الثانية من العقوبات، يوم الإثنين، لتزيد من الضغوط على الأسعار وتداول السلع.

ويتحدث الكل في الداخل عن غلاء الأسعار والظروف المعيشية الصعبة، ويشعرون بالقلق البالغ مما ستحمله حزمة العقوبات النفطية والمالية الأميركية الواصلة حديثا إلى بلدهم.

وقد عاد الإيرانيون ليلمسوا ارتفاعا في أسعار البضائع الرئيسية، بل وعدم العثور على بضائع أخرى اختفت من الأسواق منذ أشهر قليلة، ولا سيما بعد وصول حزمة العقوبات الأميركية الأولى في أغسطس/آب الماضي، التي استهدفت الطيران المدني والسيارات والمعادن الثمينة، وأثرت على سعر العملة المحلية مقابل الدولار.

وفي جولة قصيرة بأحد أسواق العاصمة طهران، لا يمكن للمار من هناك أن يلحظ اختفاء البضائع الغذائية الرئيسة من قبيل الألبان والأجبان وحتى الخضار والفواكه، لكنه سيستمع إلى شكاوى مكررة تصدر على ألسنة المواطنين والباعة على حد سواء، وكلها تتعلق بارتفاع الأسعار بشكل مضطرد ومن دون وجود أي مبررات حقيقية.

يقول علمشاهي، وهو أحد الباعة، لـ"العربي الجديد"، إنه لاحظ انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين، فالكثير منهم باتوا غير قادرين على شراء أنواع الفاكهة التي يريدونها، وكل من يمر بمحل يسأله متعجبا عن سبب غلاء أسعار الخضار مثلا واختلافها يوما بعد يوم، مشيرا إلى أنه مضطر إلى شرائها من تجارها الأصليين بسعر يختلف بين الحين والآخر، فلا ذنب له فيما يحدث، حسب تعبيره.

أما تكفلاح، وهي ربة منزل في الأربعينيات من العمر، فتخشى العقوبات الجديدة رغم كل التطمينات التي تتحدث عنها الحكومة، فهي تستمع لنشرة الأخبار اليومية التي يقول فيها المسؤولون إنه لا خشية من تأمين البضائع الرئيسة خلال الفترة القادمة، وإن عقوبات أميركا لن تؤثر على الواردات التي يحتاجها المواطن. لكنها تتساءل في ذات الوقت عن سبب فقدان العديد من السلع منذ فترة، معتبرة أن المحتكرين يزيدون الحظر سوءا، لأنهم يتحيّنون فرصة ارتفاع الأسعار، فيدفع الكل الثمن من دون وعي ودراية.

في أحد الأسواق التجارية الواقعة غربي العاصمة أيضا، لا حركة كبيرة للمتسوقين، ولا بضائع جديدة، وأصحاب المحال بغالبيتهم يقولون إنهم يحصلون على الألبسة من تركيا أو من الصين والتي تدخل عبر الجمارك.

يقول أمير علي، وهو شاب يمتلك محلا صغيرا لبيع الألبسة، إنه منذ أغسطس/آب، أي منذ وصول حزمة العقوبات الأولى، لم يستطع الحصول على أي بضاعة جديدة، بسبب ارتفاع سعر الدولار مقابل الريال الإيراني، ووجود مشكلة في تأمين العملة الصعبة، مضيفا أنه حتى ولو حصل عليها فلن يجني فائدة كبرى، فسيصبح سعرها أغلى، ولن يكون هناك متسوقون لشرائها، فحركة السوق ليست جيدة، وستصبح أسوأ بعد العقوبات الجديدة.

أما في المتاجر المركزية الكبرى والتي يفضّل عدد من الإيرانيين شراء بضائعهم الغذائية منها في الغالب، قد يرى المرء عددا من المواطنين يشترون سلعا بالجملة، وحين يتم سؤالهم عن الأمر، فمنهم من يقول إن أسعارها سترتفع، فهم مضطرون بالتالي إلى تخزينها، وآخرون يخشون فقدانها من السوق، رغم كل التطمينات الحكومية.

وكان رئيس اللجنة الاقتصادية البرلمانية، محمد رضا بور إبراهيمي، قد ذكر أخيرا أن لدى إيران مخزونا من البضائع الرئيسة يكفيها لعام، ورغم وجود بضائع مصنّعة محليا وأخرى من الواردات التي يُدخلها التجار بعد حصولهم على الدولار من البنك المركزي وفقا لسعره المخفض البالغ 42 ألف ريال، إلا أن قيمة أغلب أسعار السلع ارتفعت ما بين 30% و50%.

الأرقام الرسمية تؤكد كذلك ارتفاع نسبة التضخم الاقتصادي خلال الفترة التي سبقت وصول العقوبات الأميركية الأخيرة. ووفقا للبنك المركزي، ففي شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي ارتفعت نسبة التضخم بمعدل 2.1% عن الشهر الذي سبقه، وبلغت 13.4%، لتعود إيران مجددا إلى دوامة التضخم الذي ينعكس مباشرة على الظروف المعيشية.

يتوقع الخبير الاقتصادي علي إمامي، أن تترك العقوبات الجديدة تأثيرات مشابهة لسابقاتها، متوقعا، في حواره مع "العربي الجديد"، أن يرتفع الدولار مقابل الريال مستقبلا وكذلك أسعار السلع.

وعن خيارات تعامل الشارع مع ما يحدث، رأى إمامي أن المواطن يدفع الثمن أولا، لذا يسعى إلى تبديل مدخراته بالذهب أو بالدولار، معتبرا أن هذا حل اضطراري لكثيرين، مع أنه يترك بصمات غير مفيدة في قطاعات ثانية، لكنه على الأقل يفتح المجال أمام البعض للحفاظ على مدخراتهم.


المساهمون