استنفار إيراني لتقليص خسائر العقوبات... ومعونات لمحدودي الدخل

05 نوفمبر 2018
أزمات منتظرة في إيران (Getty)
+ الخط -
استبقت الحكومة الإيرانية  دخول الحزمة الثانية من العقوبات الأميركية، التي تطاول النفط والمعاملات المالية، بالإعلان عن خطط وإجراءات للحدّ من تداعيات العقوبات، على الرغم من تصريحات المسؤولين الإيرانيين التي تقلل من الآثار المحتملة للإجراءات الأميركية.

وأوعز الرئيس حسن روحاني، خلال اجتماعه مساء الأربعاء الماضي، مع المجموعة الاقتصادية، بتشكيل 4 مجموعات عمل، في مجالات الاقتصاد العام، والشؤون المصرفية، والمالية والتخطيط الاقتصادي، والدعم، وفق ما ذكرته وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء "ارنا".

ورغم تأكيد روحاني أن حكومته ستكون قادرة على تقليص حجم الأعباء، إلا أنه لم ينف مرور الإيرانيين بظروف اقتصادية صعبة خلال الفترة الماضية التي أعقبت الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي في مايو/ أيار الماضي.

وألمح أفراد من حكومته عن إقرار إجراءات عدة قبيل وصول العقوبات، فأكد مدير مكتبه محمود واعظي أن هناك خططاً ستقف بوجه القادم، أما نائب الرئيس إسحاق جهانغيري فأشار صراحة إلى ضرورة استخدام المناطق الحرة بعد تشديد العقوبات، كونها تفتح باب الفرص الاقتصادية وتسمح بإدخال الواردات، داعيا إلى عدم التعامل مع هذا الأمر كتهديد للصناعة المحلية، وإنما كوسيلة للحد من تأثيرات الحظر.

وزير الاقتصاد فرهاد دجسبند أوضح هو الآخر لوكالة تسنيم قبل أيام، أن الحكومة أعدّت حزمة لمواجهة العقوبات الأميركية، وستدخل حيز التنفيذ بالتزامن مع بدء تطبيق الإجراءات الأميركية، معتبراً، كما غيره، أن النتائج لن تكون خطرة، من دون أن يتجاهل مدى تأثيرها على الشريحة الأفقر في المجتمع.

وعن الإجراءات المتخذة لمواجهة العقوبات الأميركية، قالت النائبة في البرلمان الإيراني وعضو اللجنة الاقتصادية معصومة آقابور، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن الخطط التي وضعتها الحكومة ستطبق على دفعات، وأهمها السماح ببيع النفط عبر البورصة والشركات الخاصة، فضلا عن اتفاق إيران مع كل من تركيا وروسيا على إجراء التبادلات المالية معهما بالعملة المحلية، بما يقف بوجه الحظر الذي يستهدف التحويلات لإيران.

وأشارت آقابور إلى وجود خطط تتعلّق بتصدير الغاز والمشتقات البتروكيماوية لكي تعوض عن النقص الذي سيحصل في صادرات النفط، إلى جانب إقرار قوانين جمركية أكثر صرامة علها تنعكس إيجابا على الاقتصاد.

وتوقعت أن تتأثر مؤشرات الاقتصاد الإيراني بشكل عام بالعقوبات، لكن الخطط الرادعة إن تم تطبيقها بشكل مثالي ستكون كفيلة بمنع الانهيار، على حد تعبيرها.

أبرز الإجراءات أيضا هي التي طاولت المناصب الاقتصادية في حكومة روحاني، إذ عزل البرلمان مؤخرا وزيري العمل والاقتصاد، واستقال وزيرا الصناعة والطرق، ويحمل ذلك بحسب الخبراء دوافع داخلية ومحاولة لتهدئة الشارع الذي خرج مرات عدة اعتراضا على الوضع الاقتصادي المتردي.

إلى جانب ذلك وضع البنك المركزي الإيراني خططا ستنفذ بالتزامن والتغييرات التي ستطرأ على سعر العملة المحلية مقابل الدولار، كما يدور الحديث منذ فترة عن إقرار حزمة معونات ستقدمها الحكومة الإيرانية إلى العائلات ذات الدخل المحدود مستقبلا، وستوزع على شكل بطاقات تموينية ليحصل الأفراد على البضائع الرئيسة، وأهمها الغذائية، من متاجر تحددها الحكومة.

ووفقا لبعض المصادر فإن ذلك سيطبق في ثلاث مراحل، وسيشمل ما يقارب 20 مليون شخص، أي من رواتبهم أقل من 30 مليون ريال إيراني، أي ما يعادل تقريبا 211.2 دولاراً، وفقا لسعر صرف 142 ألف ريال للدولار الواحد.

إلى جانب الخطط الداخلية، حاولت طهران الاستعداد للقادم خلال مباحثاتها مع الأطراف الأوروبية الباقية في الاتفاق النووي (ألمانيا، بريطانيا، فرنسا)، وتحدث الاتحاد الأوروبي عن تفعيل قناة مالية تضمن بيع النفط الإيراني وبعض صادرات البلاد الأخرى، وتضمن تسلُّم طهران لعائداتها، وكانت منسقة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغريني، قد قدمت وعدا بتحقيق ذلك بالتزامن ووصول عقوبات أميركا بدفعتها الثانية إلى طهران.

هذا السيناريو لن يتحقق من دون توافقات ثنائية بين إيران والأطراف الأخرى أيضا والتي يجب أن تشمل صفقات بين البنوك المركزية من الطرفين، بحسب الخبراء، ولا تستبعد طهران خيار المقايضة مع النفط، لأن العقوبات، وإن كانت ليست شاملة كما تلك الأممية التي تعرضت لها قبل التوصل إلى الاتفاق النووي، إلا أنها قد تؤدي لأضرار كبيرة بحال لم تسر الأمور كما تشتهي طهران.

فالبنك المركزي الإيراني ووفقاً لتصريحات مسؤولين فيه، ينظر للحرب التجارية بين أميركا وأطراف ثانية، إلى جانب إصرار أوروبا على تدعيم مكانتها الاقتصادية دوليا كنقطتين قد تصبان لصالح البلاد، لكن تحقق ذلك لن يكون بذاك اليسر ومن دون عراقيل.

المساهمون