تُحاول البلديات في محافظتي بيروت وجبل لبنان ارتجال حلول لامركزية لمعالجة مشكلة تراكم 22 ألف طن من النفايات في الشوارع. وناقشت جلسة مجلس الوزراء، التي انعقدت أمس، الملف لحوالي ربع ساعة فقط، من دون التوصل إلى أي نتائج.
واكتمل الإهمال الحكومي في لبنان، بعدما تحوّلت أكوام النفايات الملقاة في طرقات محافظتي بيروت وجبل لبنان (أكبر المحافظات اللبنانية) إلى تلال تعوق حركة السير والمواطنين.
واكتفى وزير البيئة، محمد المشنوق، بعد الجلسة، بالإعلان عن "تكدس 22 ألف طن من النفايات في شوارع بيروت وجبل لبنان"، مطالباً البلديات "بالمساعدة في حل هذه الأزمة". وتقول مصادر وزارية" لـ "العربي الجديد" إن "المجلس لم يحدّد سوى عشرين دقيقة لمناقشة ملف النفايات من دون الوصول إلى أي نتيجة، وخصص جلسة يوم الثلاثاء المقبل لبحث آلية عمل الحكومة".
تجدر الإشارة إلى أن طرح ملف النفايات جاء أيضاً على هامش الجلسة، كأنّ الأزمة التي تلحق بالمواطنين لم تستدع بعد تأهب الدولة اللبنانية. كما يلفت أن مجلس الوزراء قد فشل في تحديد موقع بديل لطمر النفايات بعد إغلاق مطمر الناعمة المركزي (جنوب بيروت)، وانتهاء عقد شركة "سوكلين" الخاصة والمكلفة جمع النفايات في المحافظتين من دون استكمال مناقصات خطة النفايات الجديدة. وأمام هذا الواقع، تتجه البلديات في المحافظتين إلى اعتماد حلول لامركزية وقصيرة الأمد لحل مشكلة تراكم النفايات والمخاطر الصحية والبيئية الناجمة عنها. ويتوقع متابعون للملف أن يستغرق إنشاء معامل لحرق النفايات (كما تنص الخطة) ثلاث سنوات ونصف السنة.
في السياق، يشير رئيس بلدية بيروت بلال حمد لـ "العربي الجديد" إلى "حتمية تمديد عقد شركة سوكلين ضمن النطاق البلدي لمدينة بيروت لتجمع النفايات المُتراكمة"، مطالباً الحكومة بتحديد مواقع طمر بديلة لنقل النفايات إليها مع استعداد البلدية لدفع كلفة النقل.
لم يُشر حمد إلى أي موقع محدد، تاركاً للحكومة تحديده. إلا أن الحديث عن إمكانية اعتماد أراضٍ في محافظة عكار (شمال لبنان) أثار اعتراضات واسعة في الأوساط النيابية والشعبية العكارية. يصف عضو كتلة المستقبل النيابية عن عكار، النائب معين المرعبي، تعاطي الحكومات المتعاقبة مع المنطقة بـ "الداعشي بامتياز"، إذ لم تكتف الحكومات بإهمال الإنماء في عكار طوال عقود بل تسعى إلى تحويلها إلى مكب، بحسب المرعبي. يصوّب النائب المستقبلي حديثه إلى "الزعماء السياسيين والوزراء الذين فقدنا الثقة بهم، لاسيما وزير البيئة". ويؤكد استعداد بلديات المنطقة لدراسة "طمر النفايات العضوية وترميم كسارات المنطقة بالنفايات العادمة، في حال أنشئ مطمر صحي في عكار، وتأهيل البنية التحتية فيها".
وفي بلدية عاليه في محافظة جبل لبنان، يكرر رئيس البلدية وجدي مراد "تحميل الحكومة مسؤولية إلقاء ملف النفايات على عاتق البلديات من دون منحها صلاحيات إدارية ومالية لهذه المهمة". ويطالب في حديث لـ "العربي الجديد" بـ "نقل المبالغ الطائلة التي كانت وزارة المال تحوّلها إلى شركة سوكلين من الصندوق المستقل للبلديات، من دون إطلاع المجالس البلدية على فواتير أو كمية النفايات المنقولة، إلى صناديق هذه البلديات لتمويل عملية معالجة النفايات".
واتخذت البلدية خطوات عدة لمعالجة أزمة تكدس 40 طناً من النفايات ينتجها سكان عاليه يومياً، وأوقفت غالبية الأعمال وتولّى موظفوها جمع النفايات ونقلها إلى إحدى الساحات، من خلال استخدام شاحنات قدمها الاتحاد الأوروبي للبلدية قبل سنوات. ويشير مراد إلى التعاون مع مهندسين محليين لدراسة إنشاء مصنع لحرق النفايات ضمن النطاق البلدي لعاليه، ووضع الخطة في الأدراج بانتظار قرار الحكومة.
اقرأ أيضاً: بيروت: تراكم النفايات يفتح ملف محاسبة الفاسدين
