نصرالله يعلق على "قانون قيصر" وأزمة الدولار ويلوح بالنزول إلى الشارع

16 يونيو 2020
"حزب الله" متهم بتأجيج الأوضاع (فرانس برس)
+ الخط -
تناول أمين عام "حزب الله" اللبناني، حسن نصرالله، في كلمةٍ متلفزة مساء الثلاثاء آخر المستجدات السياسية والتطوّرات الأمنية موزعاً خرجته على ملفات شملت "قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين" قبيل يومٍ من دخوله حيّز التنفيذ، والوضع الحكومي والتحركات الشعبية التي شهدتها الساحة المحلية وخصوصاً تظاهرة 6 يونيو/حزيران الجاري في ساحة الشهداء، بالإضافة الى أزمة الدولار واتهام "حزب الله" بإخراج العملة من لبنان وتهريبها إلى النظام السوري.

وقال نصرالله إن "لجوء أميركا إلى قانون قيصر هو دليلٌ على انتصار سورية في الحرب العسكرية والميدانية لأنه آخر أسلحتها"، مؤكداً أنّ "حلفاء سورية الذين وقفوا معها سياسياً وعسكرياً لن يتخلّوا عنها في مواجهة الحرب الاقتصادية ولن يسمحوا لها أن تسقط". وزعم أن "المستهدف من القانون هو الشعب السوري بهدف إعادة الفوضى وعودة الحرب الأهلية".


وأشار الى أنّ "قانون قيصر" يلحق الأذى باللبنانيين كثيراً، قبل أن يضيف "من هنا عليهم ألا يفرحوا بالقانون لأنه يؤذيهم وربما بما هو أكثر من سورية، باعتبار أنّ سورية هي المنفذ البري الوحيد للبنان باتجاه العالم ولمنتجاتنا الزراعية والصناعية والاستيراد والتصدير والتبادلية الاقتصادية والتجارية بين البلدين قائمة حتى في أسوأ الأزمات على صعيد العلاقة بين الدولتين". واستطرد بالقول "من يريد إقفال الحدود البرية مع سورية يدعو لفتحها مع العدو الإسرائيلي".

ومضى قائلاً: "ما نواجهه اليوم في الموضوع الاقتصادي هو حرب، وعلينا أن نتحلّى بإرادة الحرب ولن نخضع للأميركيين، ونحن قادرون على الاستغناء عنهم"، مضيفاً، "أتفهم عدم قدرة الحكومة على مواجهة الولايات المتحدة لكن ما أطالب به هو عدم الخضوع لقانون قيصر".

وبحسب نصرالله فإن "أميركا لا تفتش في لبنان إلا على مصالح إسرائيل وأمن إسرائيل والحدود البرية والبحرية للكيان ومستقبله"، قبل أن يضيف "الأميركيون لا يبحثون عن سيادة ومصلحة لبنان ولا يعملون محبة بالشعب اللبناني وهم يبحثون فقط عن المصالح الإسرائيلية".
وقال كذلك "المراهنون على جوعنا نقول لهم لن نجوع ولن نسمح أن يجوع لبنان"، مضيفا "لن نسلم للأميركيين ولن نخضع لكم تحت ضغط التجويع".

ومضى قائلاً: "لدينا معادلة مهمة وخطيرة ولن أتحدث عنها في حال استمر الأميركيون في محاولتهم لتجويع اللبنانيين"، محذراً بالقول "من سيضعنا بين خيار القتل بالسلاح أو الجوع أقول سيبقى سلاحنا في أيدينا ولن نجوع ونحن سنقتلك... سنقتلك... سنقتلك".

حكومياً، أكد نصرالله أنّ الحديث عن استقالة حكومة الرئيس حسان دياب لا أساس له من الصحة ويندرج في إطار الشائعات، مشدداً بالقول "لم نناقش أي شيء من هذا القبيل خصوصاً أنّ مصلحة لبنان تقتضي استمرار الحكومة وبذل الجهود الممكنة للحفاظ على الاستقرار باعتبار أن الوضع الراهن لا يحتمل تغييرات على هذا المستوى بل يفترض المضي بخطوات التقارب والتهدئة بين الأفرقاء السياسيين وإخراجها من البازار السياسي".

ويأتي ذلك في معرض ردّه على ربط مشاركة مناصري "حزب الله" الكثيفة في تظاهرات الأسبوع الماضي برفع الحزب الغطاء عن حكومة دياب إفساحاً في المجال لتشكيل حكومة "وحدة وطنية" برئاسة رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري تؤمن له غطاء أكبر في ظلّ الضغوط الأميركية المتصاعدة على "حزب الله" بالتزامن مع تطبيق "قانون قيصر".

أما على صعيد التحركات الشعبية، فاعتبر نصرالله أنّ "تحميل حراك 17 أكتوبر شعارات نزع سلاح المقاومة هو ظلم لهذا الحراك وهو أمر سلبي وخاطئ، من هنا ضرورة الفصل بين المطالب المحقة وشعارات نزع سلاح المقاومة". واتهم أحزاباً، من دون أن يسميها، بالوقوف خلف تظاهرة 6 يونيو/حزيران وهي على حدّ قوله معروفة للجميع ومحاولاتها في هذا الإطار لن تجدي نفعاً، بل عليها أن تقدّم البديل.


وتوجه أمين عام "حزب الله" إلى هذه القوى السياسية وهي التي تدخل ضمن فريق "الرابع عشر من آذار"، بالقول: "أنتم تحتاجون إلى إقناع أهل المقاومة وجمهورها بالمنطق البديل، إذ أنّ المقاومة قدّمت أمام الشعبين اللبناني والفلسطيني خطاً وفكراً وطرحاً استراتيجياً في الصراع مع العدو الإسرائيلي يؤدي الى تحرير الأرض والدفاع عن البلد".

وأضاف: "سلاح المقاومة بالنسبة الى بيئة المقاومة هو جزء من ثقافة وعقيدة استراتيجية وأعمق بكثير مما يطرحه البعض"، معتبراً أنّ هناك في لبنان "حالة من التفلت والانحطاط الأخلاقي على مواقع التواصل الاجتماعي من الصعب ضبطها بالكامل في ظل تسيّب إعلامي لكن على القوى السياسية والمراجع الدينية عدم السماح بذهاب بلدنا إلى الفوضى والفتنة المذهبية أو السياسية".

ورأى أن التحريض هو أخطر بكثير من قضية الاعتداء على الأملاك العامة لأنه يستحضر فتنة، معتبرا بأنه من غير المقبول تحميل طائفة بعينها والضاحية الجنوبية (معقل "حزب الله") مسؤولية أعمال العنف الأخيرة، في إشارة منه للأحداث التي طاولت وسط بيروت حيث تم الاعتداء على الأملاك العامة والمحال التجارية وفروع المصارف من قبل شبان أتوا بكثافة عبر دراجات نارية وضعوا في دائرة مناصري "حزب الله".


وفقاً لذلك، شدد نصرالله على أنه "إذا اقتضت الحاجة سننزل إلى الشارع لمنع أي صدام أو فوضى أو عودة خطوط التماس"، داعياً إلى الهدوء وإزالة الاحتقان وضبط الإعلام.

ورداً على الغطاء الذي يؤمنه "حزب الله" لمناصريه الذين يرتكبون أعمال عنف واعتداء من دون محاسبة بعكس ما يتعرّض له الناشطون السلميون من قمع عبر الأجهزة الأمنية وحملة توقيفات، قال نصرالله، "إذا أوقفت القوى الأمنية شخصاً واحداً اعتدى على أملاك الناس والأملاك العامة وتدخلنا لإخراجه فليعلن عن ذلك علناً".
وانتقل نصرالله إلى لحديث عن أزمة الدولار في معرض ردّه على الاتهامات التي تطاوله وتشير إلى ضلوع جماعته في إخراج العملة الخضراء من لبنان من خلال صرافين يعملون لحسابه بهدف إرسالها الى النظام السوري، واضعاً ما يحصل في إطار "المؤامرة الأميركية". وقال أمين عام "حزب الله" إن الطلب على الدولار سببه كثرة الطلب وقلة العرض، متهماً الإدارة الأميركية بمنع إرسال الدولار إلى لبنان وممارسة ضغوط عبر سفيرتها في بيروت، دوروثي شيه، على البنك المركزي لعدم ضخّ الدولار في السوق، بزعم أنّ هذه العملة يرسلها الحزب إلى سورية.
ودعا نصرالله الأجهزة الأمنية إلى التحقيق مع الجهات التي جمعت الدولار وأخرجته من البلاد، مشيراً إلى أن أحد المصارف قام بشراء عشرات الملايين من الدولارات وأخرجها من لبنان، وهو محميّ من قوى سياسية.
كما ادعى وجود تقارير تحدثت عن إخراج البنوك لمبلغ يصل إلى عشرين مليار دولار عام 2019 من لبنان إلى الخارج، قائلا إنها "موجودة بمحاضر رسمية، وهذه العمليات هناك من يديرها من أجل خفض سعر العملة الوطنية وإحداث غلاء فاحش ما يؤدي بالبلد إلى الانهيار". ودعا لضرورة معرفة الأشخاص الذين يقفون وراء هذه الأعمال لإذلال اللبنانيين بغية معرفة كيفية التعاطي معه.


وجدد نصرالله زعمه بأن "حزب الله" هو الذي يأتي بالدولار إلى لبنان وليس من يجمعه ويهربه إلى الخارج، مشيراً إلى أنّ على اللبنانيين عدم الأخذ بالشائعات وعلى مطلقها أن يحاسب.

وطرح أمين عام "حزب الله" حلولاً للأزمة من دون الحاجة إلى الدولار على حدّ قوله، منها أن تكون إيران أو أي دولة صديقة مقصداً لتأمين الاحتياجات الأساسية من دون الدفع بالدولار، وأن يكون مقابل البنزين منتجات غذائية وغيرها من الخطوات التي من شأنها أن تفتح الباب أمام رفع قيمة العملة الوطنية وإقفال الباب أمام بقاء لبنان رهينة للأميركيين وينتظر رحمتهم في سماحهم للبنك المركزي بضخ الدولار في الأسواق اللبنانية.